فلو كان شِعْراً لم يَجْرِ على لِسَانه صلىاللهعليهوسلم ، قال الله تعالى : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ) (١). وقد نازَعه الأَخفَشُ في ذلك. قال الأَزْهَرِيّ : قوْلُ الخَلِيل الذِي بُنِيَ عليه أَن الرَّجَز شِعْر ، ومَعْنَى قَوْلِ الله عَزَّ وجَلّ (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ) أَي لم نُعَلِّمْه الشِّعْر فيَقُولَه ويتَدَرَّبَ فيه حتى يُنْشِئ منه كُتُبَا ، وليس في إِنشاده صلىاللهعليهوسلم البَيْتَ والبَيْتَيْن لغَيرِه ما يُبِطل هذا ، لأَن المَعْنَى فيه : أَنَّا لم نَجْعَلْه شاعِراً.
والأُرْجُوزَةُ ، بالضّمّ : القَصِيدَة منه ، أَي من الرَّجَز وهي ، كهَيْئَة السّجْع إِلا أَنّه في وَزْن الشِّعْر ، ج ، أَرَاجِيزُ. ومِن سَجَعَات الحَرِيريّ : فمَا كُلُّ قَاضٍ قَاضِي تِبْرِيز ، ولا كُلّ وَقْتٍ تسْمع فيه الأَراجيز. قال اللَّعِينُ المِنْقَرِيّ يَهْجُو رُؤْبةَ :
إِني أَنَا ابنُ جَلَا إِن كُنْتَ تَعْرِفُنِي |
|
يا رُؤْبَ والحَيَّةُ الصَّمّاءُ في الجَبَل |
أَبِالأَرَاجِيزِ يَابْنَ اللُّؤمِ تُوعِدُني |
|
وفي الأَراجيزِ رَأْسُ النُّوكِ والفَشَلِ |
وقد رَجَزَ يَرْجُز رَجْزاً ، ويُسَمَّى قائِلُه رَاجِزاً ، كما يُسَمَّى قائِلُ بُحور الشَعر شَاعِراً. وارْتَجَزَ الرَّجَّازُ ارتِجَازاً ورَجَزَ بِهِ ورَجَّزه تَرْجِيزاً : أَنشَدَه أُرجُوزَةً ، وهو رَاجِزٌ ورَجَّازٌ ورَجَّازةٌ ومُرْتَجِزٌ.
والرَّجَز ، مُحَرَّكةً : داءٌ يُصِيب الإِبلَ في أَعْجَازِها ؛ وهو أَن تضْطَرِب (٢) رِجْلُ البَعِير أَو فَخذَاه إِذا أَراد القِيَامَ أَو ثَارَ ساعَة ثمَّ يَنْبَسِط ، وقد رَجِزَ رَجَزاً ، وهو أَرْجَزُ وهي رَجْزَاءُ ، وقيل : ناقَةٌ رَجْزاءُ : ضَعِيفَةُ العَجُزِ ، إِذا نَهَضت من مَبْرَكِها لم تَسْتَقِلّ إِلاّ بعدَ نَهْضَتَيْن أَو ثَلاثٍ. قال أَوسُ بنُ حَجَر يَهجُو الحَكَمَ بنَ مَرْوان بنِ زِنْباعٍ وكان وَعَده بشيْءٍ ثمّ أَخْلفَه :
هَمَمْتَ ببَاعٍ ثُمَّ قَصَّرْتَ دُونَه |
|
كمَا ناءَت الرَّجزاءُ شُدَّ عِقَالُهَا |
مَنَعْتَ قَليلاً نَفْعُه وحَرمْتَنِي |
|
قَلِيلاً فهَبْها عَثْرَةً لا تُقَالُها |
يقول : لم تُتِم ما وَعَدْتَ ، كما أَنّ الرَّجْزاءَ إِذا أَرادَت النُّهُوضَ فلم تَكد (٣) تَنْهض إِلاَّ بعدَ ارتعادٍ شدِيدٍ.
والرّجَّاز ، كشدَّاد ورُمَّان : وَادٍ عَظِيمٌ بَنجْد ، أَنشدَ ابنُ دُرَيْد لبَدْر بن عامرٍ الهُذلِيّ :
أَسَدٌ تَفِرّ الأُسْدُ من عُرَوَائِه |
|
بعَوَارِضِ الرُّجّازِ أَو بِعُيُونِ |
هكذا رُوِي بالوَجْهَيْن ، وعُيُون أَيضاً : مَوْضِع ، كذا قَرأْتُه في أَشعار الهُذَليّين.
والرِّجَازةُ ، بالكسْر : مَرْكَب للنِّسَاءِ ، وهو أَصغرُ من الهَوْدَجِ جَمْعُه رَجَائِزُ. أَو كِساءٌ فيه حَجَرٌ يُعَلَّق بأَحَدِ جانِبَيِ الهَوْدَج ليَعْدِلَه إِذا مالَ ، سُمِّيَ بذلِك لاضْطِرابه ، وفي التهذيب : هو شيْءٌ مِن وِسَادَةٍ وأَدَمٍ (٤) ، إِذا مالَ أَحدُ الشِّقَّيْن وُضِعَ في الشِّقِّ الآخَرِ ليَسْتَوِيَ ، سُمِّيَ رِجَازةَ المَيْلِ. أَو شَعرٌ أَحمَرُ أَو صُوفٌ يُعَلَّق على الهَوْدجِ للتّزَيّن : قال الشَّمَّاخ :
ولَو ثَقِفَاهَا ضُرِّجَت بدِمائِهَا |
|
كَما جَلَّلَت نِضْوَ القِرامِ الرَّجائِزُ |
وقال الأَصمعيّ : هذا خطأٌ إِنما هي الجَزَائر (٥) وقد تقدّم ذِكرُها في مَوضعها.
والمُرْتجِزُ بنُ المُلَاءَةِ : فَرسٌ للنَّبِيّ صلىاللهعليهوسلم ؛ سُمِّي به لحُسْنِ صَهِيله وجَهَارَتهِ ، وكان رسولُ الله صلىاللهعليهوسلم اشْتَراه من أَعْرَابِيّ اسمُه سَوَاد ، هكذا في النُّسَخ بالدَّال ، وصوابه سَواءٌ ، بالهَمْز ، ابن الحَارث بنِ ظالِم المُحَارِبِيّ ، وصَحَّفه أَبو نُعَيم فقال : النّجاريّ ، ويُقال فيه أَيضاً سَوَاءُ بنُ قيْس وهو الذي أَنْكرَ شِرَاءَ الفَرَس حتّى شهِد خُزيْمةُ بنُ ثابِتٍ رَضي الله
__________________
من ضروب الرجز إلا ضربان : المنهوك والمشطور ، ولم يعدهما الخليل شعراً ، فالمنهوك كقوله في رواية البراء أنه رأى النبي صلىاللهعليهوسلم على بغلة بيضاء يقول :
أنا النبيّ لا كذب |
|
أنا ابن عبد المطلب |
والمشطور كقوله في رواية جندب إنه صلىاللهعليهوسلم دميت إصبعه فقال :
هل أنت إلاّ إصبع دميت؟ |
|
وفي سبيل الله ما لقيتِ |
(١) سورة يس الآية ٦٩.
(٢) في المطبوعة الكويتية : تضرب.
(٣) عن اللسان وبالأصل «فلم تكن».
(٤) التهذيب : أو أدم.
(٥) عن اللسان ، واحدتها جزيزة ، وبالأصل «الجرائز».