إِنْ تَكُ جُلْمُودَ صَخْرٍ لا أؤَيِّسُه |
|
أُوقِدْ عَلَيْه فأُحْمِيه فيَنْصَدِعُ (١) |
وتَأَيَّسَ الشّيْءُ : لَانَ وتَصَاغَرَ ، قال المُتَلَمِّسُ :
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الجَوْنَ أَصْبَحَ رَاكِداً |
|
تُطِيفُ به الأَيّامُ ما يَتَأَيَّسُ |
قالَ الصّاغَانيُّ : وقد أَورَدَ الجوهَريُّ البَيْتَيْن أَعني بيتَ العَبّاس وبيتَ المُتَلَمِّس في «أ ب س» والصوابُ إِيرادُهما هاهنا ، وقد تقدَّمَت الإِشارَةُ إِليه.
وأَيَاسُ ، كسَحَاب : د ، كانَتْ للإِرْمَنِ فُرْضَةَ تَلكَ البلادِ ، صارَتْ الآن للإِسْلام ، ومنه الشيخُ الإِمَامُ ناصرُ الدِّين الأَيَاسيُّ ، رَئيسُ الحَنَفيَّة بغَزَّةَ.
وإِيَاسٌ ، ككتَابٍ : عَلَمٌ ، هُنَا نَقَلَهُ الصّاغَانيُّ ، وقد قَلّدَه المُصَنِّفُ ، وصوَابُه أَن يُذْكَر في «أَوس» وقد نَبَّه عليه ابنُ سيدَه فقالَ : وأَمّا إِياسٌ اسمُ رَجُل فإِنَّه من الأَوْس الذي هو العِوَضُ ، على نَحْو تَسْميَتهمْ الرَّجُلَ عَطيَّةَ تَفَاؤُلاً ، ومثْلُه تَسْميَتُهُم عِيَاضاً.
والمُسَمَّى بإِياسٍ سَبْعَةَ عَشَرَ صَحَابيّاً ، منهم إِياسُ بنُ أَوْس بن عَتِيك الأَنْصَاريُّ ، وإِياسُ بنُ البُكَير اللَّيْثيُّ.
والمُسَمَّى بإِياسٍ أَيضاً مُحَدِّثُونَ منهم إِيَاسُ بنُ مُعَاويَةَ : ثِقةٌ مشهورٌ ، وإِياسُ بنُ خَليفَةَ ، وإِياسُ بنُ مُقَاتِل ، وإِيَاسُ بنُ أَبي إِياس ، وغيرُهم.
* ومما يستدرك عليه :
أَيَّسَ الرَّجُلَ ، وأَيَّسَ به : قَصَّرَ به واحْتَقَرَه.
وقال الخَليلُ : العَرَبُ تَقُولُ : جئْ به من حَيْثُ أَيْسَ ولَيْسَ ، لم تُسْتَعْمَلْ أَيس إِلاّ في هذه الكَلمَة ، وإِنَّمَا مَعْنَاهَا كمَعْنَى حَيْثُ هو في حال الكَيْنُونَة والوُجْد ، وقالَ : إِنَّ معْنَى [ليس] (٢) لا أَيْسَ ، أَي لا وُجْدَ ، كما سَيَأْتي.
والإِياسُ : انْقطَاعُ الطَّمَع ، كما في العُبَاب.
فصل الباءِ
الموحَّدة مع السين
[بأس] : البَأْسُ : العَذَابُ الشَّدِيدُ ، كالبَئِسِ ، ككَتِف ، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ. والبَأْسُ : الشِّدَّةُ في الحَرْبِ ، ومنه الحَدِيثُ : «كُنّا إِذا اشْتَدَّ البَأْسُ اتَّقَيْنَا برَسُولِ الله صلىاللهعليهوسلم» يُريدُ الخَوفَ ، ولا يَكُونُ إِلاّ مع الشِّدَّةِ ، وقال ابنُ سِيدَه : البَأْسُ : الحَرْبُ ، ثمّ كَثُرَ حتّى قِيلَ : لَا بَأْسَ عليكَ ، أَي لا خَوْفَ ، قال قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ :
يَقُولُ لِيَ الحَدّادُ وَهْوَ يَقْودُنِي |
|
إِلى السِّجْنِ : لا تَجْزَعْ فَما بِكَ من بَاسِ |
أَرادَ «فمَا بِكَ من بَأْس» فخُفِّفَ تَخْفِيفاً قِيَاسيّاً لا بَدَلِيّاً ، أَلا تَرَى أَنَّ فِيها :
وتَتْرُكُ عُذْرِي وهو أَضْحَى من الشَّمْسِ
وإِنْ قالَ الرجُلُ لعَدُوِّهِ : «لا بَأْسَ عليكَ» فقد أَمَّنَه ؛ لأَنّه نَفَى البَأْسَ عنه ، وهو في لُغَةِ حِمْيَرَ «لَبَاتِ» قال شاعرهم :
تَنَادَوْا عِنْدَ غَدْرِهِمُ : لَبَاتِ (٣) |
|
وقد بَرَدتْ مَعَاذِرُ ذِي رُعَيْنِ |
قالَ الأَزْهَريُّ : هكذا وَجَدْتُه في كِتاب شَمر. وقد بَؤُسَ الرَّجُلُ ، ككَرُمَ ، بَأْساً ، فهُوَ بَئِيسٌ (٤) : شُجَاعٌ ، شَدِيدُ البَأْسِ ، حكاه أَبو زَيْدٍ في كِتابِ الهَمْزِ ، ولكنه قالَ : هو بَئِسٌ على فَعِيل.
وبَئِسَ الرَّجُلُ ، كسَمِعَ ، يَبْأَسُ بُؤْساً ، [وبُؤوساً]* بالضمِّ وبَأْساً وبَئِيساً كأَمِيرٍ ، وبُؤْسَى وبِئْسَى (٥) بالضّمِّ والكسرِ ، هكذا في سائرِ النُّسَخِ ، وصوابُه بَئِيسَى ، على فَعِيلَى ، كما في التَّكْمِلَة ، وأَنْشَدَ لرَبِيعَةَ بنِ مَقْرُومٍ الضَّبِّيِّ :
وأَجْزِي القُرُوضَ وَفَاءً بِهَا |
|
بِبُؤْسَى بَئِيسَى ونُعْمَى نَعِيمَا |
قال : ويُرْوَى : «بَئِيساً» بالتَّنْوِينِ. إِذا افْتَقَرَ واشْتَدَّتْ حَاجَتُه فهو بائِسٌ ، وأَنْشَدَ أَبو عَمْرو للفَرَزْدَقِ :
وبَيْضَاءَ من أَهْلِ المَدِينَةِ لم تَذُقْ |
|
بَئِيساً ولم تَتْبَعْ حَمُولَةَ مُجْحِدِ |
__________________
(١) ويروى : جلمود بصر. بدل «صخر».
(٢) زيادة عن التكملة.
(٣) قبله في اللسان.
شربنا النوم إذ غضبت غلاب |
|
بتسهيدٍ وعقدٍ غير مبين |
(٤) عن القاموس ، وبالأصل «بئس».
(*) زيادة عن القاموس.
(٥) في القاموس : وبَئيسَى.