قالَ : وهو اسْمٌ وُضِعَ مَوْضِعَ المَصْدَرِ.
وفي حَدِيثِ الصّلاةِ : «تُقْنِعُ يَدَيْكَ وتَبْأَسُ» ، هو من البُؤْسِ والخُضُوع والفَقْرِ.
وفي حَدِيثِ عَمّار : بُؤْسَ ابنِ سُمَيَّةَ» ، كأَنَّه تَرَحَّمَ له من الشِّدَّةِ التي يَقَعُ فيها.
قال سِيبَوَيْهِ : وقالُوا : بُؤْساً له في حَدِّ الدُّعاءِ ، وهو مما انْتَصَبَ على إِضْمَارِ الفِعْلِ غيرِ المُسْتَعْمَلِ إِظْهَارُه.
وقال أَيضاً : البَائِسُ (١) : من الأَلْفَاظ المُتَرَحَّمِ بِهَا كالْمِسْكِينِ ، قال : وليسَ كُلُّ صِفَةٍ يُتَرَحَّمُ بِهَا ، وإِن كانَ فِيهَا معنَى البائِسِ والمِسْكِينِ ، وقد بَؤُسَ بَآسَةً وبَئِيساً ، والاسم البُؤْسَى.
وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ : يُقَال : بُوساً وتُوساً وجُوساً له ، بمعنًى وَاحدٍ : والبَأْساءُ : الشِّدَّةُ ، قال الأَخْفَشُ بُنِيَ على فَعْلاءَ وليس له أَفْعَلُ ؛ لأَنّه اسمٌ ، كما قد يَجِيءُ أَفْعَلُ في الأَسْمَاءِ ليسَ معه فَعْلاءُ نحو أَحْمَدَ ، والبُؤْسَى : خِلافُ النُّعْسَى ، قال الزَّجّاجُ البَأْساءُ ، والبُؤْسَى : من البُؤْسِ ، قال ذلِكَ ابنُ دُرَيْد ، وقال غيرُه : هي البُؤْسَى والبَأْساءُ : ضِدُّ النُّعْمَى والنَّعْمَاءِ ، وأَما في الشَّجاعةِ والشِّدَّةِ فيُقَال : البَأْسُ.
والأَبْؤُسُ : جمعُ بُؤْس ، من قولهِم : يَوْمٌ بُؤْسٍ ويوم نُعْمٍ ، كذا قِيلَ ، والصَّحِيحُ أَنّه جَمْعُ بائِس كما يأْتي.
والأَبْؤُسُ أَيضاً : الدَّاهِيَةُ ، ومنه المَثَل : «عَسَى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً» أَي دَاهِيَةً ، قال ابن بَرِّيّ : صوابُه أَن يَقُول : الدَّوَاهِي ، لأَنَّ الأَبْؤُسَ جمْعٌ لا مُفْرَدٌ ، وكذلك هو في قَوْلِ الزَّبّاءِ : «عَسَى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً» ، هو جَمْعُ بَأْس ، مثل كَعْبٍ وأَكْعُبٍ ، وفَلْس وأَفْلُس في القِلَّةِ (٢) ، وأَما بابُ فُعْلٍ فإِنّه يُجْمَعُ في القِلَّةِ على أَفْعَالٍ ، نحو : قُفْلٍ وأَقْفَالٍ وبُرْدٍ وأَبْرَادٍ ، [وقد أَبْأَسَ إِبْآساً] (٣) ومنه قولُ الكُمَيْتِ :
قالُوا : أَساءَ بَنُو كُرْزٍ فقُلْتُ لَهُمْ : |
|
عَسَى الغُوَيْرُ بإِبْآسٍ وإِغْوَارِ |
قال ابنُ الأَعْرَابِيِّ : يُضْرَبُ هذا المَثَلُ للمُتَّهَمِ بالأَمْرِ ، وقال الأَصْمَعِيُّ : لكُلِّ شَيءٍ يُخَافُ أَن يأْتِيَ منه شَرٌّ ، وقد تَقَدَّمَ ذلك مَبْسُوطاً في «غور».
والبَيْأَسُ ، كفَيْعَل : الشَّدِيدُ.
والبَيْأَسُ : الأَسَدُ ، كالبَيْهَسِ ؛ لشِدَّتِه.
وعَذَابٌ بِئْسٌ ، بالكَسْرِ ، وبَئِيسٌ ، كأَمِير ، وبَيْأَسٌ ، كجَيْأَلٍ : شَدِيدٌ ، وفي التَّنْزِيل العَزِيزِ : (بِعَذابٍ) بَئِيسٍ (بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) (٤) قرَأَ أَبو عَمْرو وعاصِمٌ والكسائِيُّ وحَمْزَةُ (بِعَذابٍ) بَئِيسٍ ، كأَمِير ، وقرأَ ابنُ كَثِيرٍ «بئِيس» ، على فِعِيل بالكَسْرِ ، وكذلِك قَرَأَهَا شِبْلٌ وأَهلُ مَكَّةَ ، وقرأَ ابنُ عامِرٍ «بِئْسٍ» ، على فِعْلٍ بالهمزةِ والكسر ، وقرأَها نافِعٌ وأَهلُ المَدِينَة (٥) «بِيس» ، بغير همزة.
وبِئْسَ مهموزٌ : فِعْلٌ جامِعٌ لأَنْوَاعِ الذَّمِّ ، وهو ضِدُّ نِعْمَ في المَدْحِ ، إِذا كَانَ مَعَهُما اسمُ جِنْسٍ بغيرِ أَلفٍ ولامٍ فهو نَصْبٌ أَبَداً ، فإِذا كانت فيهِ الأَلفُ والَّلامُ فهو رَفْعٌ أَبداً ، وذلك قولُه : نِعْمَ الرَّجُلُ زَيْدٌ ، وبِئْسَ رَجُلاً زَيْدٌ ، وهو فِعْلٌ ماضٍ لا يتَصَرَّفُ ؛ لأَنَّه أُزِيلَ عن مَوْضِعِه ، وكذلك نِعْمَ ، فبِئْسَ : منقولٌ من بَئِسَ فُلان ، إِذا أَصَابَ بُؤْساً ، ونِعْمَ من نَعِمَ فلانٌ ، إِذا أَصابَ نِعْمَةً ، فنُقِلَا إِلى المَدْحِ والذَّمِّ ، فتَشَابَهَا بالحُرُوفِ ، فلم يَتَصَّرفَا. وقال الزَّجّاجُ : بِئْسَ إِذا وَقَعَتْ على «ما» جُعِلَتْ «ما» معها بمنزِلَةِ اسمٍ مَنْكُورٍ ؛ لأَنَّ بِئْسَ ونِعْمَ لا يَعْمَلانِ في اسمٍ عَلَمٍ ، وإِنّمَا يَعْمَلَانِ في اسمٍ مَنْكُور دالٍّ على جِنْسٍ ، وفيه لُغَاتٌ أَربعة تُذْكَرُ في نِعْمَ ، إِن شَاءَ الله تعالى.
وبَنَاتُ بِئْسٍ ، بالكَسْر : الدَّوَاهِي.
والمُبْتَئِسُ : الكَارِهُ والحَزِينُ قالَ حَسّانُ بنُ ثابِتٍ رضِيَ الله تَعَالَى عنه :
ما يَقْسِمِ الله أَقْبَلْ غَيْرَ مُبْتَئِسٍ |
|
منه وأَقْعُدْ كَرِيماً ناعِمَ البَالِ |
أَي غيرَ حَزِينٍ ولا كارِهٍ ، قالَ ابنُ بَرِّيّ : الأَحْسَنُ فيه عِندي قولُ من قالَ : إِنَّ مُبْتَئِساً مُفْتَعِلٌ من البَأْسِ الذِي هو
__________________
(١) عن اللسان وبالأصل «البأس».
(٢) بأس من باب فَعْلٍ وتجمع في القلة على أَفعُلٍ.
(٣) زيادة عن اللسان.
(٤) سورة الأعراف الآية ١٦٥.
(٥) في اللسان : أهل مكة.