كَثيرٌ جارٍ يَهْتَزُّ منْ صَفائه. وعَيْنٌ هُزْهُزٌ كذلك. وقال أَبو وَجْزَةَ السَّعْديُّ :
والماءُ لا قَسْمٌ ولا أَقْلَادُ |
|
هُزَاهِزٌ أَرْجَاؤُها أَجْلادُ |
لا هُنَّ أَمْلاحٌ ولا ثِمَادُ |
وأَنشد الأَصْمَعيُّ :
إِذا اسْتَراثَتْ سَاقِياً مُسْتَوْفِزَا |
|
بَجَّتْ منَ البَطْحَاءِ نَهْراً هُزْهُزَا |
قال ثَعْلَبٌ : قال أَبو العاليَة ؛ قلتُ للغَنَويِّ : ما كان لكَ بنَجْدٍ؟ قال : سَاحَاتٌ فِيحٌ ، وعَيْنٌ هُزْهُزٌ وَاسعةُ مُرْتَكَضِ (١) المَجَمِّ. قلتُ : فما أَخْرَجَكَ عنها؟ قال : إِن بَني عامِرٍ جَعَلُوني على حِنْدِيرَةِ أَعْيُنِهم ، يُريدُون أَنْ يَخْتفُوا دَمِيَهْ. أَي يَقْتُلُوني ولا يُعْلَم بي.
وسَيْفٌ هَزْهازٌ ، بالفَتْح : صَافٍ لَمَّاعٌ كثيرٌ الماءِ ، وهو مَجَاز ، وأَنشدَ الأَصْمَعيُّ :
فوَرَدَتْ مثْلَ اليَمَانِ الهَزْهازْ |
|
تَدْفَعُ عن أَعْناقِهَا بالأَعْجازْ |
أَراد أَنَّ هذه الإِبلَ وَرَدَتْ ماءً مثلَ السَّيْفِ اليَمَانِي في صَفَائه. وكذلك سَيْفٌ هَزْهَزٌ ، كفَدْفَد ، وهُزَهِزٌ ، كعُلَبطٍ ، وهُزَاهِزٌ كعُلابِط ، كما في التكملة.
وهَزْهازٌ ، بالفَتْح : اسم كَلْب ، نقلَه الصاغَانيُّ في العُبَاب عن ابن عَبّاد.
وقال أَبو عَمْرو : بِئْرٌ هُزْهُزٌ ، كقُنْفُذٍ : بَعيدَةُ القَعْرِ ، وأَنشدَ :
وفَتَحَتْ لِلْعَرْدِ بِئْراً هُزْهُزَا |
|
فالْتَقَمَتْ جُرْدَانَه والعُكْمُزَا |
ومن المَجَاز : الهُزَهِزُ ، كعُلَبطٍ : الخَفِيفُ السَّريعُ الظَّريفُ من الرِّجَال.
وهَزَّزَه تَهْزيزاً ، وكذا هَزَّزَه به : حَرَّكه ، قال المتنخِّل الهُذليّ :
قدْ حالَ بين دَرِيسَيْه مُؤَوِّبةٌ |
|
مِسْعٌ لهَا بعِضَاهِ الأَرْضِ تَهْزيزُ (٢) |
فاهْتَزَّ وتَهَزَّزَ ، الصَّوَابُ أَنّ اهْتَزَّ مُطَاوعُ هَزَّه فاهْتَزَّ ، وتَهَزَّزَ مُطَاوِعُ هَزَّزَه وهَزْهَزَه فتَهَزَّزَ. كتَهَزْهَزَ.
والهَزْهَزَةُ : تَحْريكُ الرَّأْسِ.
والهَزَاهِزُ (٣) : تَحْريكُ البَلايَا والحُرُوبِ النّاسَ (٤) أَي تَحْريكُهَا إِيّاهم.
وهَزْهَزَه هَزْهَزَةً : ذَلَّلَه وحَرَّكَه فتَهَزْهَزَ ، واستعمالُه في التَّذْليل مَجَازٌ.
ومن المَجَاز أَيضاً قولُهُم : تَهَزْهَزَ إِليه قَلْبي ، أَي ارتَاحَ للسُّرُور وهَشَّ ، قال الراعي :
إِذا فَاطَنَتْنَا في الحَديث تَهَزْهَزَتْ |
|
إِليها قُلُوبٌ دُونَهُنَّ الجَوَانِحُ (٥) |
ومن المَجَاز أَيضاً ما جاءَ في الحَديث : «اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمن» هكذا في سائر النُّسَخ كما في رواية ، وفي أُخْرَى : «اهْتَزَّ العَرْشُ لمَوْتِ سَعْد بن مُعاذ». قلتُ : وهو سَعْدُ بنُ مُعَاذِ بن النُّعْمَان بن امْرىءِ القَيْس بن زَيْد بن عَبْد الأَشْهَل الأَوْسِيُّ أَبو عَمْرو ، سَيِّدُ الأَوْس ، بَدْريٌّ ، قال النَّضْر : اهتزَّ العَرشُ ، أَي فرحَ ، يقال : هَزَزْتُ فلاناً لخَيْر فاهْتَزَّ ، وأَنشدَ :
كريمٌ هُزَّ فاهْتَزّ |
|
كذاك السَّيِّدُ النَّزّ |
وقال بعضهم : أُريدَ بالعَرْش هاهنا السَّريرُ الذي حُمِلَ عليه سَعْدٌ حين نُقِلَ ، إِلى قَبْره. وقيل : هو عَرشُ الله ارتَاحَ* برُوحِه حين رُفِعَ إِلى السَّمَاءِ. وقال ابن الأَثير : أَي ارتاحَ بصُعُوده (٦) حين صُعِدَ به ، واسْتَبْشَرَ لكَرَامَته على رَبِّه ، وكُلُّ مَنْ خَفَّ لأَمْرٍ وارْتَاحَ له فقد اهْتَزَّ له ، وقيل : أَرادَ : فَرحَ أَهْلُ العَرْشِ بمَوْته. والله أَعْلَمُ بما أَراد.
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : مرتكض ، قال في اللسان : مرتكض مضطرب ، والمجم موضع جموم الماء أي توفره واجتماعه. كذا في اللسان».
(٢) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : مؤوبة أي ريح تأتي ليلاً ، كذا في اللسان».
(٣) في التهذيب : «الهزهزة والهزاهز» واقتصر في اللسان على الهزهزة.
(٤) في التهذيب واللسان «للناس».
(٥) ديوانه ص ٤٨ وانظر تخريجه فيه.
(*) قبلها بالقاموس : «أي».
(٦) في غريب الهروي : بروحه.