والمَزَّةُ : المَرَّةُ منه ، وهي المَصَّةُ ، ومنه حديثُ المُغيرَة : «فتُرْضِعُها جارَتُها المَزَّةَ والمَزَّتَيْن».
والمَزَّةُ : الخَمْرُ اللَّذيذَةُ الطَّعْم سُمِّيَتْ للَذْعها اللِّسَانَ ، وقيل : اللَّذيذَةُ المَقْطَع ، عن ابن الأَعْرابيِّ ، هكذا رَواه أَبو سَعيد بالفَتْح ، وأَنشدَ للأَعْشَى :
نَازَعْتُهمْ قُضُبَ الرَّيْحَان مُتَّكئاً |
|
وقَهْوَةً مُزَّةً رَاوُوقُهَا خَضِلُ |
وقال حَسّان :
كَأَنَّ فَاهَا قَهْوَةٌ مُزَّةٌ |
|
حَديثَةُ العَهْدِ بفَضِّ الخِتَامْ |
كالمُزّاءِ ، بالضَّمِّ مَمْدُوداً ، قال الفارسيُّ : هو على تَحْويل التَّضْعيفِ ، وهو اسمٌ لهَا ، ولو كان نَعْتًا لقيل : مَزّاءُ بالفَتْح.
وقال أَبو حنيفَةَ : المُزَّةُ والمُزّاءُ : الخمرُ التي تَلْذَعُ اللِّسَانَ.
وليستْ بالحَامِضَة ، قال الأَخْطَلُ يَعِيبُ قوماً :
بِئْسَ الصُّحَاةُ وبئْسَ الشُّرْبُ شُرْبُهُمُ |
|
إِذا جَرَتْ (١) فيهمُ المُزَّاءُ والسَّكَرُ |
وقال ابنُ عُرْسٍ في جُنَيْد بن عبد الرَّحمن المُرِّيِّ (٢).
لا تحسَبَنَّ الحَرْبَ نَوْمَ الضُّحَى |
|
وشُرْبَكَ المُزّاءَ بالباردِ |
فلمّا بَلَغَه ذلكَ قال : كَذَبَ عليَّ ، والله ما شَرِبْتُهَا قَطُّ.
قال أَبو عُبَيْد : المُزّاءُ : ضَرْبٌ من الشَّرَاب يُسْكِرُ. قال الجوهَريُّ : وهي فُعَلاءُ ـ بفَتْح العين ـ فأُدْغِمَ ؛ لأَنّ فُعْلَاءَ ليس من أَبْنيَتهم ، ويقال هو فُعّالٌ من المَهْمُوز ، قال : وليس بالوَجْه : لأَنّ الاشتقاقَ ليس يَدُلُّ على الهَمْزة ، كما دَلَّ في القُرَّاءِ والسُّلاّءِ. وقال ابنُ بَرِّيٍّ في قول الجَوْهَريِّ وَهو «فُعَلاءُ فأُدْغِمَ» ، قال : هذا سَهْوٌ ؛ لأَنَّه لو كانت الهَمْزَةُ للتأْنيث لامْتَنَعَ الاسمُ من الصَّرْف عند الإِدْغَام ، كما امتنَع قبلَ الإِدْغَام ، وإِنَّمَا مُزّاءٌ فُعْلاءٌ من المَزّ ، وهو الفَضْلُ ، والهمزةُ فيه للإِلْحاق ، فهو بمنزلة قُوباءٍ في كَوْنه على وزن فُعْلاءٍ ، قال : ويجوزُ أَن يكونَ مُزّاء فُعّالاً من المَزِيَّة ، والمعنَى فيهما واحدٌ ؛ لأَنَّه يقال : هو أَمْزَى منه ، أَمَزُّ منه ، أَي أَفْضَلُ. وكذلك المُزُّ ، بالضَّمِّ ، فإِنّه من أَسماءِ الخَمْر أَيضاً ؛ سُمِّيَتْ للَذْعِهَا اللِّسَانَ (٣).
والمِزَّةُ ، بالكَسْر : ة بدمشقَ من دِيَار قُضَاعةَ ، وإِليها يُنْسَبُ الإِمامُ الحَافظُ أَبو الحَجّاج يُوسُفُ بنُ الزّكِي المِزِّيُّ ، رَوَى عن العِزِّ الحَرّانيِّ ، وابن أَبي الخَيْر ، وصَنَّفَ كُتُباً مفيدةً ، وأَخُوه محمّدٌ ، وابنُه عبدُ الرَّحْمن بنُ يُوسُفَ ، وأَبو بكر بنُ يُوسُفَ ، وابنُه أَحمدُ بنُ أَبي بكر ، وحفيدُه محمدُ بن أَحمدَ : مُحَدِّثُون.
والمُزَّةُ ، بالضَّمِّ : الخَمْرُ التي فيها طَعْمُ حُمُوضَة ولا خَيْرَ فيها ، قال الجَوهريُّ : ولا يُقَال : مِزَّةٌ ، بالكَسْر. ويقال : يُرْوَى في بيت الأَعْشَى بالوَجْهَيْن. وقال بعضهم : المُزَّةُ : الخَمْرُ التي فيها مَزَازَةٌ ، وهو طَعمٌ بين الحَلَاوةِ والحُمُوضة ، وأَنْشَدَ :
مُزَّةٌ قبلَ مَزْجِهَا فإِذَا مَا |
|
مُزِجَتْ لَذَّ طَعْمُهَا مَنْ يَذُوقُ |
وقيل : هي مِن خِلْط البُسْر والتَّمْر.
والمِزُّ ، بالكَسْر : القَدْرُ والفَضْلُ ، والمَعْنيَان مقتربان. ويقال : فُلانٌ له مِزٌّ عليك ، أَي فَضْلٌ وقَدْرٌ.
وهذا أَمَزُّ من هذا ، أَي أَفْضَلُ.
ومَزِزْتَ يا هذا ـ بالكَسْر ـ تَمَزُّ ، بالفَتح ، أَي صِرْتَ مَزِيزاً ، كأَمِيرٍ ، أَي فاضِلاً ، نقلَه الصّاغَانيُّ.
ومَزْمَزَه : حَرَّكَه وأَقْبَلَ به وأَدْبَرَ ، فتَمَزْمَزَ : تَحَرَّكَ ، وكذلك البَزْبَزَةُ ، وهو التَّحْريكُ الشَّديدُ ، وبه فُسِّرَ قولُ ابن مَسْعُود في سَكْرَانَ أُتِيَ به : «تَرْتِرُوه ومَزْمِزُوه» ، أَي حَرِّكُوه ؛ ليُسْتَنْكَهَ ، وهو أَن يُحَرَّكَ تَحريكاً عَنيفاً ؛ لعلَّه يُفِيقُ من سُكْره ويَصْحُو.
ومَازَزْتُ بينهما : باعَدْتُ ، نقلَه الصَّاغَانيُّ.
وتَمَازَّتْ به النِّيَّةُ : تَبَاعَدَتْ ، نقلَه الصاغانيُّ أَيضاً.
وتَمَزَّزَ. تَمَصَّصَ الشَّرَابَ ، وقال أَبو عَمْرٍو : هو شُرْبُه قَليلاً قليلاً. وفي روايةٍ من حَديث أَبي العَاليَة : «اشْرَب
__________________
(١) التهذيب والصحاح : إذا جرى.
(٢) التهذيب واللسان «المزي».
(٣) وورد في الأساس : المَزّاء ، بالفتح ، الخمر.