مَضْبُوط بخَطّ الصّاغَانِيّ ، والذي ضَبَطَه من تَكَلَّم على البِقَاع والبُلْدَان أَنه بكَسْرِ العَيْن وقالوا : هو ناحِيَةٌ بالمَوْصِلِ.
وتَعَزَّزَ لَحمُه ، وفي الأَساس واللّسَان : لَحْمُ النّاقَةِ : اشتَدَّ وصَلُبَ ، وقال المُتَلَمِّس :
أُجُدٌ إِذا ضَمَرَت تَعَزَّزَ لَحْمُها |
|
وإِذا تُشَدّ بنِسْعِهَا لا تَنْبِسُ (١) |
والعَزِيزَةُ في قَوْلِ أَبي كَبِيرٍ ثابِتِ بن عَبْد شَمْس الهُذَلِيّ من قَصِيدةٍ فائِيّة عِدَّتُها ثَلَاثَةٌ وعِشْرُون بَيْتاً :
حتّى انتهَيْتُ إِلى فِرَاشِ عَزِيزَةٍ |
|
سَوْدَاءَ (٢) رَوْثَةُ أَنْفِهَا كالمِخْصَفِ |
وأَولُهَا :
أَزُهَيْرَ هَل عن شَيْبَةٍ من مَصْرِفِ |
|
أَم لا خُلُودَ لبَاذِلٍ مُتَكَلِّفِ |
يريد زُهَيْرَة وهي ابنتُه ، وقَبْل هذا البَيْت :
ولقد غَدَوتُ وصاحِبِي وَحْشِيّةٌ |
|
تَحت الرِّداءِ بَصِيرَةٌ بالمُشْرِفِ |
يريد بالوَحْشِيّة الرِّيحَ. يقول : الرِّيح تَصْفُقُنِي. وبَصِيرَة الخ ، أَي هذِه الرِّيح مَنْ أَشرَفَ لها أَصَابَتْه إِلاّ أَن يَستَتِرَ تدخُل في ثِيَابِه ، والمُرَاد بالعَزِيزة العُقَاب (٣) ، وبالفِرَاش وَكْرها ، ورَوْثَة أَنْفِهَا ، أَي طَرَف أَنْفِهَا. يَعْنِي مِنْقَارَها ، أَراد : لم أَزَلْ أَعْلُو حتى بَلَغْت وَكْرَ الطَّيْر. والمِخْصَفُ : الذي يُخْصَف به ، كالإِشْفَى ، ويُرْوَى عَزِيبَة ، وهي التي عَزَبَت عَمَّن أَرادَهَا ، ويُرْوَى أَيضاً غَرِيبَة ، بالغَيْن والراءِ ، وهي السوداءُ ، كما نَقله السُّكّرِيّ في شَرْح ديوان الهُذَليّين.
ويَقُولُون للَّرجُل : تُحِبُّني ، فيقُول : لَعَزَّ مَا ، أَي لَشَدَّ ما ولَحَقَّ مَا ، كذا في الأَساس. ويقولون : فلان جىءْ به عَزًّا بَزًّا ، أَي لا مَحَالَةَ ، أَي طَوْعاً أَو كَرْهَا. وقال ثَعْلَب في الكَلَام الفَصِيح : «إِذا عَزَّ أَخُوك فهُنْ» ، والعَرَبُ تَقُولُه ، وهو مَثلٌ ، أَي إِذا تَعظَّمَ أَخُوك شامِخاً عليك فَهُن ، فالتَزِمْ له الهَوَانَ ، وقال الأَزهريّ : المَعْنَى : إِذا غَلَبَكَ وقَهَرَك ولم تُقَاوِمْه فلِنْ له : أَي تواضع له فإِن اضْطِرابك عليه يَزِيدُك ذُلًّا وخَبَالاً. قال أَبو إِسحاق : الذي قاله ثَعْلَب خَطَأٌ ، وإِنَّمَا الكلام : إِذا عَزَّ أَخُوك فهِنْ. بكَسْر الهاءِ. مَعْنَاه : إِذا اشْتَدّ عَلَيْك فهِنْ له ودَارِه. وهذا من مَكارِم الأَخلاقِ. وأَمّا هُنْ ، بالضّمّ ، كما قَالَه ثَعْلَب ، فهو من الهَوَانِ ، والعَرب لا تَأْمُر بذلِك ، لأَنهم أَعِزَّة أَبَّاؤُون للضَّيْم.
قال ابنُ سِيدَه : إِن الذي ذَهبَ إِليه ثَعْلَبٌ صَحِيحٌ ، لِقَوْل ابنِ أَحمَر :
وقارِعَةٍ من الأَيّام لولَا |
|
سَبِيلُهُمُ لَزَاحَتْ عنك حِينَا |
دَبَبْتُ (٤) لهَا الضَّرَاءَ فَقُلتُ أَبقَى |
|
إِذا عَزَّ ابنُ عَمِّك أَن تَهُونَا |
«ومن عَزَّ بَزَّ» أَي مَنْ غَلَبَ سَلَب ، وهو أَيضاً من الأَمثال ، وقد تقدّم في ب ز ز.
والعَزِيزُ كأَمِير ، المَلِك ، مأْخُوذ من العِزّ ، وهو الشِّدّة والقَهْر ؛ وسُمِّيَ به لِغَلَبَتِه على أَهْلِ مَمْلَكَتِه ، أَي فلَيْس هو من عِزَّةِ النَّفْس. والعَزِيزُ أَيضاً : لَقَبُ مَنْ مَلَكَ مِصْر مع الإِسْكَنْدَرِيَّة ، كما يُقَال النَّجَاشِيّ لمَنْ مَلَك الحَبَشَة ، وقَيْصَر لمَنْ مَلَك الرّومَ ، وبهما فُسِّر قوله تعالى : (يا أَيُّهَا) الْعَزِيزُ (مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ) (٥).
* وممّا يُسْتَدْرَك عليه :
الْعَزِيزُ : من صِفات الله تعالى وأَسمائِه الحُسْنَى ، قال الزَّجَّاج : هو المُمتَنِع فلا يَغْلِبُه شيْءٌ. وقال غَيْرَه : هو القَوِيّ الغالِبُ كلَّ شيْءٍ ، وقيل : هو الذي (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ). ومن أَسمائِه عَزَّ وجَلَّ : المُعِزّ ، وهو الذي يَهَب العِزَّ لمَنْ يَشَاءُ من عِبَادِه. والتَّعَزُّز : التَّكَبُّر : ورجل عَزِيزٌ : مَنِيعٌ لا يُغْلَب ولا يُقْهَر ، وقَوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ) عَزِيزٌ (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) (٦) أَي حُفِظَ وعَزّ من أَن يَلحَقَه شَيْءٌ من هذا. وعِزٌّ عَزِيزٌ ، على المُبَالَغَة ، أَو بمعنى مُعِزّ ، قال طَرَفَةُ :
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : لا تنبس أي لا ترغو كذا في اللسان».
(٢) اللسان : شعواء.
(٣) ضبطت بالقلم في اللسان بكسر العين.
(٤) عن اللسان وبالأصل «دبيت».
(٥) سورة يوسف الآية ٨٨.
(٦) سورة فصلت الآية ٤١.