« فان قيل : لم انزل في القرآن المتشابه؟ وهلا انزله كله محكماً ».
فيجيب الشيخ بقوله :
|
قيل : للحث على النظر الذي يوجب العلم دون الاتكال على الغير من غير نظر ، وذلك انه لو لم يعلم بالنظر ان جميع ما ياتي به الرسول حقٌّ يجوز ان يكون الخبر كذباً ، وبطلت دلالة السمع وفائدته ... ولو لا ذلك لما بان منزلة العلماء وفضلهم على غيرهم ، لانه لوكان كله محكما لكان من يتكلم باللغة العربية عالما به ولاكان يشتبه على احد المراد به فيتساوى الناس في علم ذلك على ان المصلحة معتبرة في انزال القرآن. فما انزله متشابهاً ، لان المصلحة اقتضت ذلك ، وما انزله محكما فلمثل ذلك ١. |
ويذهب الشيخ الطوسي إلى القول بان المتشابه في القرآن يقع فيما اختلف الناس فيه من امور الدين ٢.
مثال ذلك :
|
قوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) ٣ فاحتمل في اللغة ان يكون كاستواء الجالس على السرير ، واحتمل ان يكون بمعنى الاستيلاء ، نحو قول الشاعر. |
« ثم استوى بشر ٤ على العراق |
|
من غير سيف ودم مهراق » |
|
واحد الوجهين لايجوز عليه تعالى لقوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ٥ وقوله : (وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) ٦. والاخر يجوز عليه ، فهذا من المحكم الذي يرد إليه المتشابه ٧. |
وهذا وقد اورد الشيخ الطوسي معنى اخر في المحكم عندما فسر قوله تعالى :
__________________
١. الطوسي ، التبيان ، ج ٢ ، ص ٣٩٦.
٢. نفس المصدر.
٣. الأعراف ( ٧ ) الآية ٥٣ ؛ يونس ( ١٠ ) الآية ٣.
٤. يريديه بشربن مروان.
٥. الشورى ( ٤٢ ) الآية ١١.
٦. الاخلاص ( ١١٢ ) الآية ٤.
٧. الطوسي ، التبيان ، ج ٢ ، ص ٣٩٦.