رُوِيَ في قول لَبِيد يَصِف نَخلاً :
عُصَبٌ كَوَارِعُ في خَلِيج مُحَلِّمٍ |
حَمَلَتْ فمنْهَا مُوقَرٌ مَكْمُومُ |
ج مَوَاقِرُ.
ويقال : اسْتَوْقَرَ وِقْرَهُ طَعَاماً : أَخَذَهُ. واستَوْقَرتِ الإِبلُ : سَمِنَتْ وحَمَلَت الشُّحُومَ. قال :
كأَنَّها من بُدُن واسْتيقارْ |
دَبَّتْ عليها عارِمَاتُ الأَنْبَارْ |
ومن المَجازِ : الوَقَارُ كسَحابٍ : الرَّزَانَةُ والحِلْم ، والوَقَارُ : لَقَبُ زَكرِيَّا (١) بن يحْيَى بن إِبراهيم المِصْريّ الفَقيه ، عن ابن القَاسم وابن وَهْب ، وروَى الحَديث عن ابن عُيَيْنَةَ وبِشْر بن بَكْر ، وهو ضعيف. وقال الذَّهَبيّ في الديوان : كَذّابٌ. ووَقّارٌ ، كشَدَّاد : ابنُ الحُسَيْن الكِلابيَّ الرَّقِّيّ ، عن أَيّوب بن محمّد الورّاق وعنه ابنُ عَدِيّ ، وهما محَدِّثانِ. قال الحافظ : والأَخير رَوى أَيضاً عن المُؤَمّل بن إِهاب ، وعنه أَبو بكرٍ الشّافعيّ وأَبو بكر الخَرَائطيّ ، رأَيت له في كتاب اعْتلال القُلُوب حَديثاً باطِلاً ، وهو فَرْدٌ. وأَما الذي بالتخفيف فجَماعة غير زَكريّا.
ووَقُرَ الرّجلُ ككَرُمَ ، يَوْقُر وَقَارةً ووَقَاراً ، بالفَتْح فيهما ، ووَقَرَ يَقِر ، كوَعَد يَعِد ، قِرَةً ، وتَوَقَّرَ واتَّقَر ، إِذا رَزُنَ. ورجل مُتَوقِّر : ذو حِلْمٍ ورَزَانةٍ ، ومنهالحديث : «لم يَسْبِقْكُم أَبو بكْرٍ بكثْرةِ صَوْمٍ ولا صلاةٍ ولكنّه بشيْءٍ وَقَرَ في القَلب» وفي رواية : «لِسِرٍّ وَقَرَ في صَدْره» ، أَي سَكَن فيه وثَبَت ، من الوَقَار والحِلْم والرَّزَانة.
والتَّيْقُورُ : الوَقَارُ ، فَيْعُولٌ منه ، وقيل : لغة في التَّوْقير ، والتَّاءُ مُبْدلَة من واوٍ ، وأَصْله وَيْقُور ، قال العَجّاج :
فإِنْ يَكُنْ أَمْسى البِلَى تَيْقُورِي (٢)
أَي أَمْسَى وَقَاري. حملَه على فَيْعُول ، ويقال (٣) : حملَه على تَفْعُول مثل التَّذْنُوب ونحوه ، فكرِهَ الواو مع الياءِ فأَبْدَلها تاءِ لئلّا يشبه فوْعُول فيخالِف البناءَ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ أَبدَلُوا الوَاوَ حين أَعربوا فقالوا : نَيْروز.
ورَجلٌ وَقَارٌ ووَقُورٌ ، كسَحابٍ وصَبُور ، أَي ذو حِلْم ورَزَانَةٍ ، كالمُتَوقِّر ، ووَقُرٌ ، كنَدُسٍ ، هكذا في سَائر الأُصول التي بأَيْدينا ، والذي في اللّسَان : وَقَرٌ ، محرِّكةً ، وأَنشد للعَجّاج يمدحُ عُمرَ بنَ عُبيْد الله بن مَعْمَرٍ الجُمحيّ :
هذا أَوَانُ الجِدِّ إِذْ جَدَّ عُمَرْ |
وصَرَّحَ ابنُ معْمرٍ لمن ذَمَرْ |
|
بكُلِّ أَخْلاقِ الشُّجاعِ إِذْ مَهَرْ |
ثَبْتٌ إِذا ما صِيحَ بالقَوْمِ وَقَرْ(٤) |
وهي وَقُورٌ من نِسوةٍ وُقُر.
ووَقَرَ الرجلُ كوَعَد ، يَقِرُ وَقْراً فهو وَقُورٌ (٥) ، ووَقُرَ يَوْقُر وُقُورة ، إِذا جَلَسَ ، وهو مَجاز ، ومنه قوله تعالى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) (٦) وقيل : هو من الوَقار ، وقيل : من قَرَّ يَقِرُّ ويقَرُّ ، وقد تقدّم.
والتَّوْقيرُ : التَّبْجِيلُ والتَّعظيم ، قال الله تعالى : (وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ) (٧) يقال : وَقَّرَه ، إِذا بَجَّلَه ولم يَستخِفّ به ، وهو مَجاز. والتَّوْقير : تَسْكينُ الدَّابَّةِ ، قال الشاعر :
يَكادُ يَنْسَلُّ من التَّصْديرِ |
على مُدَالاتِيَ والتَّوْقِيرِ |
والتَّوْقِير ، التَّجْريحُ ، والتَّزْيينُ هكذا في سائر النُّسَخ التي بأَيْدينَا ، ولعلَّ صوابَه : والتَّمْرين ، ويكون من قولهم وَقَّرَتْه الأَسْفَارُ ، إِذا صَلَّبتْه ومَرَّنَته كأَنّهَا جَرحَتْه فتَعَوَّد عليها ، أَو يكون التَّوْقيح بدَل التَّجْريح ، فيكون أَقربَ من التَّجْريح في سَبْك المَعْنَى مع التّمرين ، أَو الصّواب التَّرْزين بدل التَّزْيين وهو التَّعْظيم والتفخيم ، فليُنظر ذلك.
__________________
(١) في القاموس : «زكرياء».
(٢) في التهذيب : تيقور.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : ويقال حمله على تفعول إِلخ ، عبارة اللسان : قيل كان في الأصل ويقور فأبدل الواو تاء حمله على فيعول ، ويقال : حمله على تفعول مثل التذنوب ونحوه ، فكره الواو مع الواو فأبدلها تاء لئلا يشتبه بفوعول فيخالف البناء الخ اهـ فتأمل» وهي عبارة التهذيب.
(٤) المشطور الرابع في التهذيب والصحاح وقد جاء في التهذيب شاهداً على قوله : «قال : ووقر الرجل من الوقار يقر فهو وقور ، ووقُرَ يَوْقُر» وأَيضاً الصحاح ، جاء فيهما مستشهداً به على أن «وقر» في الرجز فعلٌ. وقد أشار مصحح اللسان إِلى ما ورد في الصحاح.
(٥) عن التهذيب واللسان وبالأصل «موقور».
(٦) سورة الأحزاب الآية ٣٣.
(٧) سورة الفتح الآية ٩.