وقال ابنُ
القَطّاع : عَمِرَ الرَّجُلُ : طالَ
عُمْرُهُ. وعَمَرَهُ الله تعالَى
عَمْراً ، وعَمَّرَهُ
تَعْمِيراً : أَبْقَاهُ وأَطالَ
عُمْرَه.
وعَمَّرَ نَفْسَهْ تَعْمِيراً :
قَدَّرَ لها قَدْراً
مَحْدُوداً. وقوله تعَالى
: (وَما يُعَمَّرُ مِنْ
مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلّا فِي كِتابٍ) فُسِّر على وَجْهَيْنِ ، قال الفَرّاءُ : ما يُطَوَّل
من عُمُر مُعَمَّرٍ ولا يُنْقَصُ مِنْ
عُمُرِه ، يريد آخَرَ غَيْرَ
الأَوّل ، ثم كنَى بالهَاءِ كأَنّه الأَوَّل. وهذا قولُ ابن عَبّاس. أَو مَعْنَاهُ
: إِذا أَتَى عَلَيْه اللَّيْلُ والنَّهَارُ نَقَصَا من عُمُره ، والهاءُ في هذا المعنَى للأَوَّل لا لِغَيْرِه ،
لأَنّ المَعْنَى : ما يُطَوَّلُ ولا يُذْهَبُ منه شيءٌ إِلّا وهو مُحْصًى في
كِتابٍ. وهذا قَوْلُ سَعِيد بنِ جُبَيْرٍ. وكُلٌّ حَسَن ، وكأَنَّ الأَوّلَ
أَشْبَهُ بالصَّواب ؛ قاله الأَزهريّ.
وفي الحديث : «لا
تُعْمِرُوا ولا
تُرْقِبُوا ، فمَنْ
أُعْمِرَ داراً أَو
أَرْقِبَها فهِيَ له ولِوَرَثَتِه مِنْ بَعْدِه». العُمْرَى : ما يُجْعَلُ لك طُولَ عُمُرِك أَو عُمُرِه ، وقال ثعلب : هو أَنْ يَدْفَعَ الرجُلُ إِلى أَخِيه
داراً فيقول له : هذه لَكَ
عُمْرَك أَو عُمْرِي ، أَيُّنَا ماتَ دُفِعَت الدارُ إِلى أَهْله ، وكذلك
كان فِعْلُهم في الجاهِلِيَّة.
وقد
عَمَرْتُه إِيّاه وأَعْمَرْتُه : جَعَلْتُه له عُمْرَه أَو عُمْرِي ، أَي يَسْكُنُها مدّةَ
عُمرِه ، فإِذا ماتَ
عادَتْ إِليّ. والعُمْرَى المصدرُ من كلّ ذلك ، كالرُّجْعَى. فأَبْطلَ ذلك صلىاللهعليهوسلم وأَعْلَمَهُمْ أَنّ مَن أُعْمِرَ شيئاً أَو أُرْقِبَهُ في حَيَاتِه فهُوَ لِوَرَثَتِه
مِن بَعْدِه ، قال بُن الأَثير : وقد تَعاضَدَت الرِّوَاياتُ على ذلك.
والفُقَهَاءُ مُخَتْلِفُون فيها ، فمنهم مَنْ يَعْمَلُ بظاهِرِ الحديث ويَجْعَلُها
تَمْلِيكاً ، ومنهم مَنْ يَجْعَلُها كالعارِيّة ويَتَأَوّل الحَدِيث. وأَصلُ العُمْرَى مأْخوذٌ من
العُمْر ، وأَصْلُ
الرُّقْبَى من المُرَاقَبَة.
فأَبْطَلَ
النبيُّ صلىاللهعليهوسلم هذه الشُروط وأَمْضَى الهِبَةَ. قال : وهذا الحَدِيثُ أَصلٌ لكُلّ مَنْ وَهَبَ
هِبَةً فشَرَط فيها شَرْطاً بعد ما قَبَضَهَا المَوْهُوبُ له ، أَنَّ الهبَةَ
جائِزَةٌ ، والشَّرْط باطِلٌ. وفي الصّحاح : أَعْمَرْتُه داراً أَو أَرْضاً أَو إِبِلاً. ويُقَال : لَكَ في هذِه
الدّارِ عُمْرَى حَتَّى تَمُوتَ.
وعُمْرِيُّ الشَّجَرِ ، بالضَّمّ : قَدَيمُه ، نُسِبَ إِلى
العُمْر.
وقال ابنُ
الأَثِير : الشَّجَرَةُ
العُمْرِيّة : هي
العَظِيمَة القَدِيمَة التي أَتَى عليها
عُمُرٌ طَوِيلٌ. أَو العُمْرِيُّ :
السِّدْرُ الَّذي
يَنْبُتُ على الأَنْهَار ويَشْرَبُ الماءَ. وقال أَبو العَمَيْثلَ الأَعرابيّ : العُمْرِيّ : القَدِيمُ ، على نَهْرٍ كانَ أَو غَيْرِه ، وقيل : هو
العُبْرِيُّ ، والميمُ بَدَلٌ. قلتُ : وبِمثْل قول أَبي العَمَيْثَل قال الأَصمعيّ
: العُمْرِيّ والعُبْرِيّ من السِّدْر : القَديم ، على نَهْرٍ كانَ
أَو غَيْره ، قال : والضَّالُ : الحَدِيثُ منه.
ويقال : عَمَرَ الله بِكَ
مَنْزِلَك
يَعْمُرُه عِمَارَةً ، بالكَسْر ، وأَعْمَرَهُ : جَعَله آهِلاً.
ويقال : عَمَرَ الرجلُ مالَهُ وبَيْتَه عَمَارَةٌ ، بالفتح وعُمورا ، بالضَّمّ ، وعُمْرَاناً ، كعُثْمانَ : لَزِمَهُ. وأَنشد أَبو حَنِيفَةَ لأَبي نُخَيلَة في صِفَة نَخْل :
أَدامَ لها
العَصْرَيْنِ رَيًّا ولم يَكُنْ
|
|
كما ضَنَّ عن
عُمْرَانهَا بالدَّرَاهم
|
قال
الأَزْهَريّ : ولا يُقَالُ : أَعْمَرَ الرَّجُلُ منزلَهُ ، بالأَلف.
وعَمرَ المالُ نَفْسُه ، كنَصَر وكَرُم
وسَمِعَ الثانية عن
سِيبَوَيْه ، عِمَارَةً مَصْدَرُ الثانِيَةِ : صارَ عامِراً ، وقال الصّاغانيّ : صارَ كَثِيراً.
وعَمَرَ الخَرَابَ
يَعْمُرُه عِمَارةً ، فهو عامِرٌ ، أَي
مَعْمُورٌ ، مثلُ دافِقٍ
، أَي مَدْفُوق ، وعِيشَة راضِيَةٍ ، أَي مَرْضِيّة.
وأَعْمَره المكانَ واسْتَعْمَرَهُ فيه : جَعَلَهُ يَعْمُرُه ، وفي التنزيل : (هُوَ أَنْشَأَكُمْ
مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها) أَي أَذِنَ لكُم في
عِمَارتِهَا واسْتِخْرَاجِ
قُوْتِكم منها وجَعَلكُم اللهُ
عُمّارَها. وفي الأَساس
: اسْتَعْمَر [الله تعالى] عِبَادَه في الأَرْض : طَلب منهم العِمَارَةَ فيها.
وتقول : نَزَلَ فلانٌ في
مَعْمَرِ صِدْق ، المَعْمَرُ كمَسْكَنٍ : المَنْزِلُ الواسعُ المَرْضِيُّ
المَعْمُورُ
الكَثِيرُ الماءِ والكَلإِ الّذِي يُقَامُ فيه ، قال طَرَفَةُ بنُ العَبْد :
__________________