أُرِيدُ المَسْجِدَ» أَرادَ الغُبَارَ أَنّه ثارَ من سَحْبِها. وبعضُهم يَرْويه : عُصْرَة ، بالضَّمّ. وفي الأَساس : ولِذَيلها عَصَرةٌ : غَبَرَةٌ من كثْرة الطِّيب.
ومن المَجَاز : الاعْتِصار : انْتِجَاعُ العَطِيّة ، هكذا في سائر النُّسَخ ، والصَّوابُ : ارْتِجاعُ العَطيّة. ففي اللّسَان : الاعْتِصَارُ على وَجْهَيْن : يُقَال : اعْتَصَرْتُ من فُلانٍ شَيْئاً ، إِذا أَصَبْتَه منه ، والآخَرُ أَنْ تَقُولَ : أَعْطَيْت فُلاناً عَطِيَّةً فاعْتَصَرْتُها ، أَي رَجَعْتُ فيها ، وأَنشد :
نَدِمْتُ على شَيْءٍ مَضَى فاعْتَصَرْتُهُ |
ولَلنِّحْلَةُ الأُولَى أَعَفُّ وأَكْرَمُ |
واعْتَصَرَ العَطِيَّةَ : ارْتَجَعَهَا. ومنهُ حَديثُ الشَّعْبيّ : «يَعْتَصِر الوالِدُ على وَلَده في ماله». قال ابنُ الأَثير : وإِنّمَا عَدّاه بعَلَى لأَنَّه في مَعْنَى يَرْجِع عَلَيْه ويَعُودُ عَلَيْه. والاعْتصَارُ أَيضاً : أَنْ يَغَصَّ إِنسانٌ بالطعام فَيَعْتَصِرَ بالمَاءِ ، أَي يَشْرَبَه قليلاً قليلاً ليُسِيغَهُ ، قال عَديُّ بنُ زَيْد :
لَوْ بِغَيْرِ المَاءِ حَلْقِي شَرِقٌ |
كُنْتُ كالغَصّانِ بالمَاءِ اعْتَصَارِي |
والاعْتصَارُ : أَن تُخْرِجَ من الإِنسان (١) مالاً بغُرْمٍ أَو بِغَيْرِه من الوُجُوهِ ، قال :
فمَنَّ واسْتَبْقَى ولَمْ يَعْتَصِرْ
والاعْتصَار : البُخْلُ ، يقال : اعْتَصَرَ عَلَيْه : بَخِلَ عليه بما عنْدَهُ ، والاعْتصَارُ : المَنْعُ ، ومنهحَدِيثُ عُمَرَ رَضيَ الله عنه : «أَنّه قَضَى أَنَّ الوالِدَ يَعْتَصِرُ وَلَدَهُ فيمَا أَعْطَاهُ ، ولَيْس للوَلَد أَن يَعْتَصِرَ من (٢) والده ، لفَضْل الوالِد عَلَى الوَلَد» : أَي لَهُ أَنْ يَحْبِسَه عن الإِعْطَاءِ ويَمْنَعَه إِيّاهُ ، وكُلّ شَيْءٍ مَنَعْتَه وحَبَسْتَه فقد اعْتَصَرْتَه ، ومن المَجَاز : الاعْتصارُ : الالْتِجاءُ ، كالتَّعَصُّر ، والعَصْرِ ، وقد اعْتَصَرَ به وعَصَرَ وتَعَصَّر ، إِذا لَجَأَ إِلَيْه ولاذَ به ، وكذلك عاصَرَهُ ، كما في الأَسَاس. ومن المَجَازِ : الاعْتِصَارُ : الأَخْذُ ، وقد اعْتَصَرَ من الشَّيْءِ : أَخَذَ.
قال ابْنُ أَحْمَرَ :
وإِنَّمَا العَيْشُ برُبّانه |
وأَنْتَ من أَفْنانِه مُعْتَصِرْ |
أَي آخِذٌ. وقال العتْريفيّ : الاعْتِصَارُ : أَخْذُ الرَّجُلِ مالَ وَلَدِه لِنَفْسِه أَو إِبقاؤُه على وَلَده. قال : ولا يُقَالُ : اعْتَصَرَ فلانٌ مالَ فُلانٍ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَريباً لَهُ. قال : ويُقَالُ لِلْغُلامِ أَيضاً : اعْتَصَرَ مالَ أَبِيه ، إِذَا أَخَذَه.
ومن المَجَاز : قَوْلُهُم : رَجُلٌ كَرِيمُ المَعْصَر ، كمَقْعَد ، والمُعْتَصَرِ ، والعُصَارَةِ ، بالضّمّ ، أَي جَوادٌ عنْد المَسْأَلَةِ كَريمٌ. ويُقَال : مَنيعُ المُعْتَصَرِ ، أَي مَنيعُ المَلْجَإِ.
ومن المَجَاز : يُقَال : فُلانٌ كَرِيمُ العَصْرِ هكذا في النُّسخ ، والصَّوابُ : كريم العَصِيرِ ، كأَمِير ، كما هو في اللّسَان والتّكملة ، أَي كَرِيمُ النَّسَبِ ، قال الفَرَزْدَقُ :
تَجَرَّدَ منها كُلُّ صَهْبَاءَ حُرَّةِ |
لِعَوْهَجَ أَو للدّاعِريِّ عَصِيرُهَا(٣) |
ومن المَجاز : عَصَّرَ الزَّرْعُ تَعْصِيراً : نَبَتَتْ أَكْمَامُ سُنْبُلِه ، كأَنّه مَأْخُوذٌ من العَصَر ، الذي هو المَلْجَأُ والحِرْز ، عن أَبي حَنيفَةَ ، أَي تَحرَّزَ في غُلُفِه. وأَوْعيَةُ السُّنْبل : أَخْبِيَتُه ولَفائِفُه وأَغْشيتُه وأَكِمَّتُه وقَبَابِعُه (٤) وكلُّ حصْن يُتَحَصَّن به فهو عَصَرٌ.
وفي التكملة : عَصَرَ : الزَّرْعُ : صار في أَكْمامِه ، هكذا ضَبطه بالتَّخْفيف.
والمُعْتَصَرُ : الهَرَمُ والعُمُرُ ، عن ابن الأَعرابيّ ، وأَنشد :
أَدْرَكْتُ مُعْتَصَرِي وأَدْرَكَنِي |
حِلْمي ويَسَّرَ قائدي نَعْلِي |
هكذا فَسَّره بالعُمُرِ والهَرَمِ. وقيل : معناهُ ما كانَ في الشَّبَابِ من اللهْو أَدْرَكْتُه ولَهَوْتُ به ، يَذْهَبُ إِلى الاعْتِصَارِ الذي هو الإِصابَةُ للشَّيْءِ والأَخْذُ مِنْه. والأَوَّلُ أَحْسَنُ.
ويَعْصُرُ ، كيَنْصُرُ ، أَو أَعْصُرُ : أَبو قبِيلَة من قَيْس ، واسْمُه مُنَبِّهُ بنُ سَعْد بن قَيْس عَيْلَانَ ، لا يَنْصَرفُ لأَنّه مثلُ يَقْتُلُ وأَقْتُلُ ويُقَال لِيَعْصُرَ : الصّادِحانِ ، قاله ابنُ الكَلْبِيّ منها باهِلَةُ ، وهُمْ بنو سَعْد مَناةَ بن مالِكِ بنِ أَعْصُرَ ، وأُمُّه باهلَةُ بنْتُ صَعْب بن سَعْدِ العَشِيرَة من مَذْحِج ، وبها يُعْرَفُونَ : قال سيبويْه : وقالُوا : باهِلَةُ بنُ أَعْصُر ، وإِنّما سُمِّيَ بجَمْع عَصْر ،
__________________
(١) في القاموس واللسان : من إنسانٍ.
(٢) عن النهاية ؛ وبالأصل «في والده».
(٣) ديوانه ، وهو من قصيدة يمدح أيوب بن سليمان بن عبد الملك. وعوهج : فحل كريم ، والداعري مثله.
(٤) كذا بالأصل واللسان. وفي التهذيب : «وقنابعه» بالنون.