وقيل : العُصَارُ : جمْعُ عُصَارَةٍ. والعُصَارَةُ أَيضاً : ما بَقِيَ من الثُّفْل بعد العَصْرِ : والمَعْصَرَةُ ، بالفَتْح : مَوْضِعُه أَي العَصْر.
والمِعْصَرُ ، كمِنْبَر : ما يُعْصَرُ فيه العِنَبُ ، كالمِعْصَرَة.
والمِعْصَارُ : الذي يُجْعَلُ فيه الشيْءُ فيُعْصرُ حتَّى يَتحَلَّبَ ماؤُه.
والعَوَاصِرُ : ثَلاثةُ أَحْجَارٍ يُعْصر بها العِنَبُ يَجْعَلُون بعضَها فَوْق بعضٍ.
ومن المَجاز : المُعْصِرَاتُ : السَّحَائِب (١) فيها المَطَر.
وقيل : المُعْصِراتُ : السحَائِبُ تُعْتَصَر بالمَطَر. وفي التَّنْزِيل : (وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجّاجاً) (٢) وقال أَبو إِسحاق : المُعْصِراتُ : السَّحَائبُ ، لأَنَّها تُعْصِرُ الماءَ ، وقيل : مُعْصِراتٌ كما يقال : أَجْنَى الزرْعُ إِذا صار إلى أن يجنى وكذلك صار السَّحابُ إِلى أَن يُمْطِر ، فيُعصِر. وقال البَعيثُ في المُعْصِرات ، فجَعَلَها سَحائبَ ذواتِ المَطَر :
وذِي أُشُرٍ كالأُقْحُوان تَشُوفُهُ |
ذِهَابُ الصَّبَا والمُعصِرَاتُ الدَّوالِحُ |
والدَّوالحُ : من نَعْت السَّحابِ لا من نَعْتِ الرِّياح ، وهي التي أَثْقَلهَا الماءُ فهي تَدْلحُ ، أَي تَمْشِي مَشْيَ المُثْقَلِ.
والذِّهَاب : الأَمْطار.
وأُعْصِرُوا : أُمْطِرُوا ، وبذلك قرأَ بعضُهُمْ (فِيهِ يُغاثُ النّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) (٣) أَي يُمْطَرُون. وقال ابن القَطّاع : وعُصِرُوا أَيضاً : أُمْطِرُوا ، ومنه قراءَة يُعْصَرُون أَي يُمْطَرُون. انتهى. ومَنْ قَرَأَ يَعْصِرُونَ قال أَبو الغَوْث : أَراد يَسْتَغِلُّون ، وهو من عَصْرِ العِنَبِ والزَّيْتِ. وقُرِئ وفيه تَعْصِرُون من العَصْرِ أَيضاً. وقال أَبو عُبَيْدَة : هو من العَصَرِ ، وهو المَنْجَاةُ (٤).
وقيل : المُعْصِرُ : السَّحَابَةُ التي قد آنَ لَهَا أَنْ تَصُبّ. قال ثَعْلَب : وجارِيَةٌ مُعْصِرٌ ، منه ، وليس بقَوِي. وقال الفَرّاءُ : السَّحَابَةُ المُعْصِرُ : التي تَتَحَلَّب بالمَطَر ، ولَمّا تَجْتَمعْ ، مثْل الجارِيَة المُعْصِر قد كادَتْ تَحِيضُ ولَمّا تَحِضْ. وقال أَبو حنيفة : وقال قَوْمٌ : إِنّ المُعْصِرَاتِ الرِّياحُ ذَواتُ الأَعَاصير ، وهو الرَّهَجُ والغُبَارُ ، واسْتشْهَدُوا بقول الشاعر :
وكأَنَّ سُهْكَ المُعْصِرَاتِ كَسَوْنَها |
تُرْبَ الفَدَافِدِ والنِّقَاعَ (٥) بمُنْخُلِ |
ورُوِيَ عن ابن عَبّاس أَنّه قال : المُعْصِرَات : الرِّياحُ.
وزَعَمُوا أَنّ معنى مِنْ في قوله : (مِنَ الْمُعْصِراتِ) مَعْنَى الباءِ ، كأَنَّه قال : «وأَنْزَلْنا بالمُعْصِرات ماءً ثَجّاجاً». وقيل : بل المُعْصِراتُ : الغُيُوم أَنْفُسُها. قال الأَزهريّ : وقَوْلُ من فَسَّر المُعْصِرات بالسَّحابِ أَشْبَهُ بما أَرادَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ ؛ لأَنَّ الأَعاصيرَ من الرِّياح لَيْسَتْ من رِيَاحِ المَطَرِ ، وقد ذكر الله تعالَى أَنَّه يُنْزِل منها ماءً ثَجّاجاً.
والإِعْصَارُ : الرِّيح تُثيرُ السحَابَ ، أَو هي الَّتي فيها نارٌ ، مذكَّر. وفي التَّنْزِيل : (فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ) (٦) وقيل : الإِعْصَارُ : رِيحٌ تُثِير سَحاباً ذاتُ رَعْد وبَرْقٍ أَو الإِعصارُ : الرِّياحُ : التي تَهُبُّ من الأَرْضِ وتُثِيرُ الغُبارَ وتَرْتَفعُ كالعَمُودِ إِلَى نَحْوِ السَّماءِ (٧) وهي التي تُسَمِّيهَا الناسُ الزَّوْبَعَة ، وهي رِيحٌ شَدِيدَةُ ، لا يُقَال لها : إِعْصَارٌ ، حَتَّى تَهُبَّ كذلك بِشِدَّة ، قاله الزَّجّاجُ ، أَو الإِعْصَارُ : الرِّيحُ الَّتِي فِيها العِصَارُ ، ككِتَاب ، وهو الغُبَارُ الشَّدِيدُ ، قال الشَّمّاخ :
إِذَا ما جَدَّ واسْتَذْكَى عَلَيْهَا |
أَثَرْنَ عَلَيْه من رَهَجٍ عِصَارَا |
وقال أَبو زَيْد : الإِعْصَارُ : الرِّيحُ التي تَسْطَعُ في السَّماءِ.
وجَمْعُ الإِعْصَارِ أَعَاصِيرُ ، وأَنشد الأَصْمَعيّ :
وبَيْنَما المَرْءُ في الأَحْيَاءِ مُغْتَبِطٌ |
إِذا هُوَ الرَّمْسُ تَعْفُوهُ الأَعَاصيرُ |
كالعَصَرَةِ ، مُحَرَّكةً ، ومنهحَدِيثُ أَبي هُرَيْرَةَ رضياللهعنه : «أَنّ امْرَأَةً مَرَّت به مُتَطيِّبَةً بِذَيْلها عَصَرَةٌ» (٨). وفي رِوَايَة : إِعْصَارٌ. فقال : «أَيْنَ تُرِيدِينَ يا أَمَةَ الجَبَّار؟ فقالَتْ :
__________________
(١) القاموس : «السحاب» ومثله في اللسان.
(٢) سورة النبأ الآية ١٤.
(٣) سورة يوسف الآية ٤٩.
(٤) يعني يعصرون أي ينجون.
(٥) عن اللسان (ط دار المعارف مصر) وبالأصل «البقاع».
(٦) سورة البقرة الآية ٢٦٦.
(٧) التهذيب : كالعمود الساطع نحو السماء.
(٨) في النهاية : «لذيلها إعصار» وفي رواية : عَصَرة.