وأَمّا يَعْصُرُ فعَلَى بَدَلِ الياءِ من الهَمْزة ، ويَشهَدُ بذلك ما وَرَدَ به الخبَرُ ، من أَنّه إِنما سُمِّيَ بذلك لقَوْله :
أَبُنَيَّ إِنَّ أَباك غَيَّرَ لَوْنَهُ |
كَرُّ اللَّيَالِي واخْتلافُ الأَعْصُرِ |
والعَوْصَرَةُ ، وفي التَكْملَة : وعَوْصَرَةُ : اسْمٌ ، والواوُ زائدَةٌ. وعَوْصَرٌ وعَيْصَرٌ ، كجَوْهَر وحَيْدَر ، وعَنْصَرٌ بالنُّون بَدَل التَّحْتيَّة : مَواضِعُ ، والّذي في اللّسَان : عَصَوْصَرٌ وعَصَيْصَرٌ وعَصَنْصَرٌ (١) ، كُلُّه مَوْضِع ، فَلْيُتَأَمَّل.
والعِصَارُ ، ككِتَاب : الفُسَاءُ ، وهو مَجاز ، وأَصْلُه ما عَصَرَتْ به الرِّيحُ مِنَ التُّرَاب في الهَوَاءِ. قال الفَرَزْدق :
إِذا تَعَشَّى عَتِيقَ التَّمْرِ قَامَ لَهُ |
تَحْتَ الخَميلِ عِصَارٌ ذو أَضَامِيمِ |
وعصَارٌ : مِخْلافٌ باليَمَن ، وقال الصاغانيّ : من مَخَاليف الطائف.
ويُقَالُ : جَاءَ على عِصَارٍ من الدَّهْرِ ، أَي حين ، هكذا في اللّسَان والتَّكْمِلَة.
وفي حَديث خَيْبَر : «سَلَكَ رسُولُ الله ، صلىاللهعليهوسلم ، في مَسيره إِلَيْهَا عَلَى عِصْر هُوَ بالكَسْر (٢) ، هكذا ضَبَطَه الصاغانيّ في التَكْملَة ، وضَبَطَه ابنُ الأَثيرِ بالتَّحْرِيك ، ومثلُه في مُعْجَم أَبي عُبَيْدٍ : جَبَلٌ بين المَدينَة الشريفَة ووَادِي الفُرْعِ ، وعنْدَه مَسْجدٌ صَلَّى فيه رَسُولُ الله ، صلىاللهعليهوسلم.
والعَصْرَةُ ، بالفَتْح : شَجَرَةٌ كَبِيرَةٌ ، أَوْرَدَه الصاغانيّ.
والعُصْرَةُ ، بالضَّمّ : المَنْجاة. ولو ذَكَره عند نَظَائرِه لَكَانَ أَحْسَنَ ، وقد نَبَّهْنا عَلَيْه هُناك ، وأَوْرَدَنا له شاهِداً.
وقال أَبو زَيْد : يُقَال : جاءَ فُلانٌ لكن لم يَجئ لعُصْرٍ ، بالضَّمّ ـ ولَيْسَ في نَصِّ أَبي زَيْد (٣) لَفْظَة لكِنْ ـ : أَي لم يَجِئْ حينَ المَجيءِ ، ويُقَال أَيْضَاً : نَامَ فلانٌ وما نَامَ لعُصْرٍ ، بالضَّمّ ، هكذا في النُّسَخ ، والّذِي في نَصّ أَبي زَيْد : ما نام عُصْراً ، وهكذا نقله صاحبُ اللّسانَ والصاغانيّ وغَيْرُهما : أَي لم يَكَد يَنامُ. ومُقْتَضَى عِبَارَة الأَساس أَنْ يكونَ بالفَتْح في الكُلّ فإِنّه قال : ما فَعَلْتُه عَصْراً ولِعَصْر ، أَي في وَقْته ، ونام فُلانٌ ولم يَنَم عَصْراً أَو لِعَصْر ، أَي في وقت ويوم (٤) وقد تقدّم للمُصَنّف في أَوّل المَادَّة أَنَّ العَصْرَ بالفَتْح يُطلَقُ على الوَقْتِ واليَوْم ، ويُؤَيّده أَيضاً قولُ قَتَادَةَ : هي ساعةٌ من ساعاتِ النَّهَار (٥) ، فَتَأَمَّلْ.
وفي الحَديث : «أَنّه صلىاللهعليهوسلم أَمَرَ بِلالاً أَنْ يُؤَذِّنَ قَبْلَ الفَجْر ليَعْتَصِرَ مُعْتصِرُهم» أَرادَ الَّذي يُريدُ أَنْ يَضْربَ الغائِطَ ، وهو قاضي الحاجَة ليَتَأَهَّبَ للصَّلاةِ قبلَ دُخول وَقْتها فكَنَى عَنْهُ بالمُعْتَصِرِ ، إِمّا مِن العَصْرِ أَو العَصَر : وهو المَلْجَأُ والمُسْتَخْفَى.
وبَنُو عصَرٍ ، محرّكةً : قَبِيلَةٌ من عَبْدِ القَيْس بن أَفْصَى ، منهم مَرْجُومٌ العَصَرِيّ ، بالجِيمِ ، واسمُه عامِرُ بن مُرِّ بن عَبْدِ قَيْسِ بن شِهَاب ، وكان من أَشْرَاف عَبْد القَيْسِ في الجاهِلِيّة ، قاله الحافِظ. وقال ابنُ الكَلْبِيّ : وكان المُتَلَمِّسُ قد مَدَح مَرْجُوماً.
قلتُ : وابنُه عَمْرُو بنُ مَرْجُوم أَحَدُ الأَشراف ، ساقَ يومَ الجَمَل في أَرْبَعَةِ آلاف ، فصارَ مَع عَليّ رَضِيَ الله عنْه.
وفي مُعْجَم الصَّحَابَة لابْنِ فَهْد : عَمْرُو بنُ المَرْجُوم العَبْديّ ، قَدِمَ في وَفْد عَبْد القَيْس ، قاله ابنُ سَعْد ، واسمُ أَبيه عَبْدُ قَيْس بنُ عمْرٍو ، فانظُرْ هذا مع كلام الحافظِ. وفي أَنْسَاب ابن الكَلْبيّ أَنّ عَمْرَو بنَ مَرْجُوم هذا من بَني جَذِيمَةَ بنِ عَوْفِ بنِ بَكْر بن عَوْف بن أَنْمارِ بنِ عَمْرِو بن وَديعَة بن لُكَيْزِ بن أَفْصَى بنِ عَبْد القَيْس.
والعُنْصُرُ ، بضم العَيْن والصاد وتُفْتَحُ الصادُ ، الأَوّل أَشْهَر ، والثاني أَفْصَح ، هكذا صَرَّح به شُرّاح الشِّفَاءِ : الأَصْلُ والحَسَبُ ، يقال : فُلانٌ كَرِيمُ العُنْصُر ، كما يُقال : كَرِيمُ العَصِير. وهذا يَدُلّ على أَن النُّونَ زائدةٌ ، وإِليه ذَهَب الجوهريّ. ومنهم مَنْ جَزَم بأَصَالَتهَا. قال شيخُنَا : وقد ضَعّفُوه.
__________________
(١) لم يرد منها جميعها في معجم البلدان إلا عصنصر وعصوصر.
(٢) في معجم البلدان : عصر بكسر أوله وسكون ثانيه ، ورواه بعضهم بالتحريك ، والأول أشهر وأكثر ... ورواه نصر ووافقه فيه الحازمي بالفتح. وضبط في اللسان : بفتحتين نصاً.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وليس في نص الخ عبارة التكملة : وقال أبو زيد : يقال نام فلان وما نام لعصر وما نام عصراً أي لم يكد ينام ، وجاء ولم يجيء لعصر أي لم يجيء حين المجىء اهـ ومثلها في اللسان ومنها تعلم ما في كلام الشارح تأمل».
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : أي في وقت ويوم ، الذي في الأساس : أي في وقت نوم اهـ».
(٥) في تفسيره لقوله تعالى : (وَالْعَصْرِ ، إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ).