والظُّفْرُ : معروفٌ ، يَكُونُ للإِنْسانِ وغَيْرِه.
وقيل : الظُّفْرُ : لمَا لا يَصِيدُ ، والمِخْلَبُ لما يَصِيدُ ، كُلُّه مذَكَّرٌ ، صَرَّحَ به اللِّحْيَانِيّ ، وخَصَّه ابنُ السيّد في «الفَرق» بالإِنْسَان ، كالأَظْفُورِ ، بالضَّمِّ ، وهو لغة في الظُّفْرِ ، وصَرّح به الأَزْهَرِيّ ، وأَنشَدَ البيتَ.
وَقَوْلُ الجَوْهَرِيّ : جَمْعُه أُظْفُورٌ ، غَلَطٌ ، وإِنّمَا هو واحِدٌ ، مثل الظُّفْرِ ، قالَ الشّاعر :
ما بَيْنَ لُقْمَتِهَا الأُولَى إِذَا انْحَدَرَتْ(١) |
وبَيْنَ أُخْرَى تَلِيهَا قِيسُ أُظْفُورِ |
ويروى : «إِذا ازْدَرَدَتْ» وهكذا أَنْشَدَه المصنّف في كتابه البصائر.
ج : أَظفَارٌ ، وأَظافِيرُ ، وقد سبَقَ المصَنّفَ في الردّ على الجَوْهَرِيّ الصاغانيُّ.
وقد تَمَحَّل شيخُنا من طَرَفِ الجَوْهَريّ بجَوَابٍ كاد أَن يَكُونَ الصّوَاب ، قال : عبارَةُ الجَوْهَرِيّ الظُّفُرُ جمعه أَظْفَار ، وأُظْفُورٌ جمعه أَظافِيرُ ، كذا في أَكثرِ أُوصولِنا ، وهو صَوابٌ ، بل هو أَصوبُ من عبارةِ المصنّف ؛ لأَنّه أَعطَى كلَّ جَمْعٍ لمُفْرَدِه ، فالأَظفار جمع ظُفُر ، كعُنُقٍ وأَعْنَاق ، والأَظافِيرُ ، جَمْع أُظْفُورٍ ، كما هو ظاهِر. وكلامُ المصنّفِ يُوهم أَنّ كلًّا من الأَظْفَارِ والأَظَافِير جمعٌ لظُفُرٍ ، وليس كذلك ، بل الأَظافِيرُ جمع أُظفُورِ المُفرد ، أَو جمع لأَظفَار الجمع ، فيكون جمعَ الجَمعِ ، ووَقَعَ في بعض نُسَخ الصّحاح زِيَادَةُ واو قبل أَظافِير ، فأَوْهَمَ أَنَّهَا عاطفة ، وأَنّ أَظافِيرَ وأُظْفُور وأَظْفَار كلٌّ منها جمع لظُفُرٍ المفرد ، وزيادةُ الواو تحريفٌ لا يَنْبَغِي حَمْلُ كَلام الجوهَرِيّ على ثُبوتِها والله أَعلم ، انتهى.
قلت : نُسخ الصّحاحِ كلها بثُبُوتِ الواو ، وليس في واحِدَة منها بحذفِهَا أَصلاً ، وكذلك النُّسْخَة التي نَقَلَ منها الصّاغانِيُّ وصاحِبُ اللسان ، وهُمَا هما ثم ما ذكره من كونِ الأَظافِيرِ جمعَ الجمعِ ، فقد قال اللّيْثُ : الظُّفُرُ ظُفُرُ الإِصبع ، وظُفُرُ الطّائِر ، والجميع أَظْفَارٌ ، وجماعةُ الأَظْفَارِ أَظَافِيرُ ، وهو في الأَشعار جَيّد جائز.
وقال غيره : الجمعُ أَظْفَارٌ ، وهو الأُظْفُور ، وعلى هذا قولهم : أَظافير ، لا على أَنّه جمعُ أَظْفَار الذِي هو جَمْعُ ظُفُرٍ ؛ لأَنّه ليس كلُّ جمْعٍ يُجمع ، ولهذا حَمَلَ الأَخفش قِرَاءَةَ من قَرَأَ : فَرُهُنٌ مَقْبُوضَةٌ (٢) على أَنّه جَمْع رَهْنٍ ، ويجوزُ قِلَّتُه ؛ لئَلّا يَضطَرَّه إِلى ذلك أَن يكونَ جمعَ رِهان الذِي هو جمعُ رَهْنٍ.
وأَمّا من لم يَقُلْ إِلا ظُفرٌ فإِنّ أَظافيرَ عندَهُ مُلْحِقَةٌ له بباب دُمْلُوج ، بدليلِ ما انضافَ إِليها من زِيَادةِ الواوِ معها ، قال ابنُ سِيدَه : هذا مَذْهَبُ بعضِهم.
وإِذا عَرفْتَ ذلك فاعْلَمْ أَنّه لا تَوَهُّمَ في كلامِ المصنّف ، كما زَعَمَه شيخُنَا. فتأَمَّلْ.
والأَظْفَرُ : الطَّوِيلُ الأَظْفَارِ العَرِيضُهَا ، ولا فَعْلَاءَ لها من جِهَةِ السّمَاع ، كما يقال : رجلٌ أَشْعَرُ للطَّوِيلِ الشَّعرِ ، ومَنْسِمٌ أَظْفَرُ كذلك ، قال ذو الرُّمَّةِ :
بأَظْفَرَ كالعَمُودِ إِذَا اصْمَعَدَّتْ |
عَلَى وَهَلٍ وأَصْفَرَ كالعَمُودِ |
وظَفَرَهُ يَظْفِرُه ، بالكسر ، وظَفَّرَه تَظْفِيراً ، وأَظْفَرَه ، المضبوط في النُّسخ بفتح الهَمْزَة وسكون الظاءِ ، والصواب اظَّفَرَه ، بتشديد الظاءِ (٣) ، كافتعله ، وكذلك اطَّفَرَه ، بالطَّاءِ المشدّدةِ ، إِذا غَرَزَ في وَجْهِهِ ظُفْرَه ، ويقال : ظَفَّرَ فُلانٌ في وَجْهِ فُلانٍ ، إِذا غَرَزَ ظَفْرَه في لَحْمِه فعَقَره ، وكذلك التَّظْفِيرُ في القِثَّاءِ والبطِّيخ ، وكلُّ ما غَرَزْتَ فيه ظُفْرَك فشدَخْتَه ، أَو أَثَّرتَ فيه فقد ظَفَّرْتَه.
ومن المَجَاز : رَجُلٌ مُقَلَّمُ الظُّفرِ عن أَذى النّاسِ ، أَي قليلُ الأَذَى ، ويقال : إِنّه لمَقْلَومُ الظُّفرِ ، أَي لا يُنْكِي عَدُوَّاً ، أَو كَلِيلُه ، أَي الظُّفرِ عن العِدَاءِ ، أَي مَهِينٌ ، قال طَرَفةُ :
لَسْتُ بالفَانِي ولا كَلِّ الظُّفُرْ (٤)
وقال الزَّمَخْشَرِيّ : هو كَلِيلُ الظُّفُر للمَرِيضِ (٥).
__________________
(١) التهذيب واللسان والأساس : ازدردت.
(٢) سورة البقرة الآية ٢٨٣.
(٣) ومثلها في اللسان.
(٤) تمامه في المقاييس ٣ / ٤٤٦.
لا كليلٌ دالفٌ من هرم |
أرهب الليل ولا كلّ الظُفُرْ |
(٥) نص الأساس : «وإنه لكليل الظفر للمهين ، وبه ظُفُرٌ من مرض وذبابٌ طَرَفٌ منه».