أبْشِرْ بِخَيْرٍ ، بقَطْع الأَلفِ ، وبَشِرْتُ بكذا ـ بالكسر ـ أَبْشَرُ ، أَي اسْتَبْشَرْتُ به.
وفي حديثِ تَوْبَةِ كَعْبٍ : «فأَعْطَيْتُه ثَوْبِي بُشَارةً» ، قال ابنُ الأَثِير : البُشَارةُ ، بالضمِّ : ما يُعْطَى البَشِيرُ ، كالعُمَالَةِ للعاملِ ، وبالكسر ، الاسْمُ ؛ لأَنها تُظْهِرُ طَلَاقَةَ الإِنسانِ.
وهم يَتَبَاشَرُون بذلك الأَمرِ ، أَي يُبَشِّرُ بعضُهُم بعضاً.
وقولُه تعالى : يا بُشْرَايَ هذا غُلامٌ (١) كقولك : عَصَايَ ، وتقولُ في التَّثْنِيَةِ : يا بُشْرَيَيَّ (٢).
والبِشَارَةُ المُطْلَقَةُ لا تكونُ إِلّا بالخَيْر ، وإِنّمَا تكونُ بالشَّرِّ إِذا كانت مُقَيَّدَةً ، كقوله تعالَى : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٣) والتِّبْشِيرُ يكونُ بالخيرِ والشَّرِّ ، كقولِه تعالَى (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) وقد يكونُ هذا على قولِهم : تَحيَّتُكَ الضَّرْبُ ، وعِتابُكَ السَّيْفُ.
وقال الفَخْرُ الرّازِيُّ أَثناءَ تفسيرِ قولِه تعالَى : (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى) (٤) : التَّبْشِيرُ في عُرْفِ اللُّغَة مُختصٌّ بالخَبَرِ الذي يُفيدُ السُّرُورَ ، إِلّا أَنه بِحَسَبِ أَصْلِ اللُّغَةِ عبارةٌ عن الخَبَرِ الذي يُؤَثِّر (٥) في البَشَرةِ تَغَيُّراً ، وهذا يكونُ للحُزْن أَيضاً (٥) ، فوَجَبَ أَن يكونَ لفظُ التَّبْشِيرِ حقيقةً في القِسْمَيْن.
وفي المِصْباح : بَشِرَ بكذا كفَرِحَ وَزْناً ومعنًى ، وهو الاستبشارُ أَيضاً. ويَتعدَّى بالحركةِ فيقال : بَشَرْتُه (٦) وأَبْشَرْتُه ، كنَصرْتُه في لُغَةِ تهامةَ وما وَالاها ، والتَّعْدِيَةُ بالتَّثْقِيل لغةُ عامَّةِ العربِ ، وقرأَ السَّبْعَةَ باللُّغَتَيْن (٧). والفاعِلُ من المخفَّف بَشِيرٌ ، ويكون البَشِيرُ في الخَيْرِ أَكثرَ منه في الشَّرِّ.
والبِشَارةُ ، بالكسر ، والضمُّ لغةٌ ، وإِذا أُطلِقتْ اختَصَّتْ بالخَيْرِ ، وفي الأَساس : وتَتَابَعَتِ البِشَارَاتُ والبَشَائِرُ.
والبَشَارَةُ بالفَتْح : الجَمَالُ والحُسْنُ ، قال الأَعْشَى :
ورَأَتْ بأَنَّ الشَّيْبَ جا |
|
نَبَه البَشَاشَةُ والبَشَارَهْ |
ويقال : هو أَبْشَرُ منه ، أَي أَحْسَنُ وأَجْمَلُ وأَسْمَنُ ، وفي الحديث : «ما مِن رَجُلٍ له إِبِلٌ وبَقَرٌ لا يُؤَدِّي حَقَّهَا ، إِلّا بُطِحَ لها يومَ القِيَامَةِ بقَاع قَرْقَرٍ ، كأَكْثَرِ مَا كَانَتْ ، وأَبْشَرِه» أَي أَحْسَنِه ، ويُرْوَى : «وآشَرِه» ؛ من النّشاط (٨) والبَطَر.
والبِشْرُ ، بالكسر : الطَّلاقَةُ والبَشَاشَةُ ، يقال : بَشَرَنِي فلانٌ بوَجهٍ حَسَنٍ ، أَي لَقِيَنِي وهو حَسَنُ البِشْرِ ، أَي طَلْقُ الوَجْهِ.
والبِشْرُ : ع : وقيل : جَبَلٌ بالجَزِيرة في عَيْنِ الفُراتِ الغَربيِّ ، وله يَومٌ ، وفيه يقول الأَخطلُ :
لقد أَوْقَعَ الجَحَّافُ بالبِشْرِ وَقْعَةً |
|
إِلى اللهِ منها المُشْتَكَى والمُعَوَّلُ |
وتَفصيله في كتاب البلاذريّ.
وقيل : ماءٌ لِتَغْلِبَ بنِ وائلٍ ، قال الشاعر :
فلَنْ تَشْرَبِي إِلَّا بِرَنْقٍ ولَنْ تَرَيْ |
|
سَوَاماً وحَيًّا في القُصَيْبَةِ فالبِشْرِ |
أَو البِشْرُ : اسمُ وادٍ يُنْبِتُ أَحْرَارَ البُقُولِ وذُكُورَهَا.
والمُسَمَّى ببِشْر سبعةٌ وعشرون صَحابيَّا ، وهم : بِشْرُ بنُ البَرَاءِ الخَزْرَجِيُّ ، وبِشْرٌ الثَّقَفِيُّ ، ويقال : بَشِير ؛ وبِشْرُ بنُ الحارث الأَوْسِيُّ ، وبِشْرُ بنُ الحارث القُرَشِيّ ، وبِشْرُ بن حَنْظَلَةَ الجُعْفِيّ ، وبِشْرٌ أَبو خليفةَ ، وبِشْرٌ أَبو رافعٍ (٩) ، وبِشْرُ بنُ سُحَيْمٍ الغِفَاريُّ ، وبِشْرُ بنُ صُحَار ، وبِشْرُ بنُ عاصمٍ الثَّقَفِيُّ ، وبِشْرُ (١٠) بنُ عبد الله الأَنصاريُّ ، وبِشْرُ بنُ عَبْدٍ ، نَزَلَ البصرة ، وبِشْرُ بنُ عُرْفَطَةَ الجُهَنيُّ ، وبِشْرُ بن
__________________
(١) سورة يوسف الآية ١٩
(٢) في الصحاح : يا بُشْرَتِيَّ.
(٣) سورة آل عمران الآية ٢١.
(٤) سورة النحل الآية ٥٨.
(٥) عبارة الرازي في التفسير الكبير ٢٠ / ٥٤ الذي يؤثر في تغير بشرة الوجه ، ومعلوم أن السرور كما يوجب تغير البشرة فكذلك الحزن يوجبه.
(٦) في المصباح : فيقال : بشرته أبْشُرُه بَشْراً من باب قتل في لغة تهامة ...
(٧) بهامش المصباح : قال ابن مجاهد : قرأ ابن كثير وأبو عمر : «يبشرك» في كل القرآن مشدداً إلا في الشورى : (ذلك الذي يبشر الله عباده) فإنهما قرآ بضم الشين مخففاً ، وقرأ نافع وابن عامر وعاصم «يُبَشِّرُكَ» مشدداً في جميع القرآن. وقرأ حمزة «يبشر» مما لم يقع خفيفاً في كل القرآن إلا قوله : «فَبِمَ تُبَشِّرُونَ» الحجر : ٥٤ وقرأ الكسائي : «ويبشر» مخففة في خمسة مواضع : آل عمران وفي الإسراء والكهف وفي الشورى.
(٨) الأصل واللسان وبهامشه : « ... والأحسن من الأشر وهو النشاط».
(٩) في أسد الغابة : بشر أبو رافع وقيل بشير وقيل بسر.
(١٠) قال أبو عمر : بشير. كما في أسد الغابة.