والبَذْرُ : التَّفرِيقُ وقد بَذَرَ الشَّيْءَ بَذْراً ، فَرَّقَه :. وبَذَرَ الحَبَّ : أَلقاه في الأَرضِ مُفَرَّقاً. وبَذَرَ الله الخَلْقَ في الأَرض : فَرَّقَهم ، كذا في الأَساس.
والبَذْر : البَثُّ ، وبَذَرَ الله الخَلْقَ بَذْراً : بَثَّهم وفَرَّقهم ، كالتَّبْذِيرِ ، وهو التَّفْرِيقُ.
وقولُهم : كَثِيرٌ بَثِيرٌ وبَذِيرٌ : إِتباعٌ ، قال الفَرّاءُ : كَثِيرٌ بَذِيرٌ مثلُ بَثِيرٍ لغةٌ أَو لُثْغَةٌ.
وتَفَرَّقوا شَذَرَ بَذَرَ ، ويُكْسَر أَوَّلُهما ، أَي في كلِّ وَجْهٍ ، وتفرَّقتْ إِبلُه كذلك ، وبَذَر : إِتْبَاعٌ ، وقيل : الباءُ في بَذَر بَدَلٌ مِن المِيمِ ، وقيل : كلٌّ أَصلٌ.
ومِن المَجَاز : المَبْذُورُ : الكَثِيرُ ، ويقال : ماءٌ مَبْذُورٌ (١) ، أَي كثيرٌ ، أَي مُبَارَكٌ فيه.
والبَذُورُ والبَذِيرُ ، كصَبُورٍ وأَمِيرٍ : النَّمّامُ ، جَمْعُه بُذُرٌ ، كصَبُورٍ وصُبُرٍ ، وهو مجازٌ.
والبَذُورُ والبَذِيرُ : مَن لا يَستطيع كَتْمَ سِرِّه ، بل يُذِيعُه.
يقال : بَذَرْتُ الكلامَ بين الناسِ كما تُبْذَرُ (٢) الحُبُوبُ ، أَي أَفْشَيْتُهُ وفَرَّقْتُه.
ورَجلٌ بَذِرٌ ككَتِفٍ : يُفْشِي السِّرَّ ويُظْهِرُ ما يَسمعُه. وهي بَذِرَةٌ ، وفي حديث فاطمةَ رضياللهعنها ـ عند وفاةِ النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قالت لعائشةَ : «إِنِّي إِذاً لَبَذِرَةٌ».
وفي حديث عليٍّ كرَّم الله وجهَه في صِفَةِ الأَولياءِ : «لَيْسُوا بالمَذايِيعِ البُذْرِ (٣)».
ويقال : رَجُلٌ بَيْذارٌ وبَيْذَارَةٌ ، بالفَتْح فيهما ، وتِبْذَارٌ كتِبْيَانٍ وبَيْذَرَانِيٌّ ، وهذه عن الفَرّاءِ ، أَي كَثِيرُ الكلامِ مِهْذارٌ ، كهَيْذارَةٍ.
ورَجُلٌ تِبْذَارَةٌ ، بالكسر : يُبذِّر مالَه تَبذيراً ، أَي يُفْسِدُه ويُنْفِقُه في السَّرَفِ. وكلُّ ما فَرَّقْتَه وأَفْسَدْتَه فقد بَذَّرْتَه. وعبدُ الله بنُ بَيْذَرَةَ شارِي الفَسْوِ يَأْتِي ذِكْرُه في ف س و. قال شيخُنَا : لم يَذكُرْه هناك كأَنَّهُ نَسِيَه ، أَو أَنساه الله تعالَى ؛ سَتْراً عليه ، وكثيراً ما تَقعُ له الإِحالاتُ على غير مواضِعِها ؛ إِمّا سَهْواً أَو إِهمالاً ، فلا يَذكُرُهَا بالكُلِّيَّة ، أَو يُحِيلُ على مَوضعٍ ويَذْكُرُ الإِحالةَ في موضعِ آخَرَ. قلتُ : وهذا مِن شيخِنا تَحَامُلٌ قَوِيٌّ على المصنِّف في غير مَحَلِّه ، وكيف لا ؛ فإِنه ذَكَرَه في آخرِ الكتاب وإِحَالَتُه صحيحةٌ ، وذَكَرَ اسمَ جَدِّه وسَبَبَ لَقَبِه ، فراجِعْه. ولم يَزَلْ شيخُنَا يَتحامَى ويَتحاملُ على عَادَتِه ، عَفَا الله عنه ، آمِين.
والبُذُرَّى ـ بضَمَّتَيْن ككُفُرَّى ـ : الباطِلُ ، عن السِّيرافِيِّ.
وقيل : هو فُعُلَّى مِنْ شَذَرَ بَذَرَ ، وقيل : مِن البَذْر الذي هو الزَّرْعُ ، وهو راجِعٌ إِلى التَّفْرِيق ، كذا في اللِّسَان.
وطَعامٌ بَذِرٌ ، ككَتِفٍ : فيه بُذَارَةٌ. بالضَّمّ ، أَي نَزَلٌ بضمَّتَيْن (٤) ، وبضَم فسكُونٍ ، ومحرَّكَةً ، عن اللِّحْيَانيّ. وقال أَبو دَهْبَلٍ :
أَعْطَى وهَنَّأَنَا ولَمْ |
|
تَكُ مِن عَطِيَّتِه الصَّغَارَهْ |
ومِنَ العَطِيَّةِ ما تُرَى |
|
جَذْماءَ ليس لها بُذَارَهْ |
وطَعامٌ كثيرُ البُذَارةِ.
وبَذَّرَه تَبْذِيراً : خَرَّبَه وفَرَّقَه إِسرافاً. وتَبْذِيرُ المالِ :
تَفرِيقُه إِسرافاً ، وإِفسادُه ، قال الله عَزَّ وجلَّ : (وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً) (٥) وقيل : التَّبذِير أَن يُنْفِقَ المالَ في المَعاصِي ، وقيل : هو أَن يَبْسُطَ يَدَه في إِنفاقه حتى لا يَبْقَى (٦) منه ما يَقتاتُه ، واعتبارُه بقوله تعالَى : (وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) (٧). وقال شيخُنا ، نَقْلاً عن أَئِمَّة الاشتقاقِ : إِنّ التَّبْذيرَ هو تفْرِيقُ البَذْرِ في الأَرض ، ومنه التَّبْذِيرُ بمعنَى صَرْفِ المالِ فيما لا يَنْبَغِي ، وهو يَشْمَلُ الإِسرافَ في عُرْف اللُّغَة. ويُرادُ منه حَقِيقتُه.
وقيل : التَّبْذِيرُ تَجَاوُزٌ في مَوْضِعِ الحَقِّ ، وهو جَهْلٌ
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله ماء مبذور كذا بخطه ، والذي في الأساس : مال مبذور ، وهو أولى».
(٢) عن النهاية ، وبالأصل «يبذر».
(٣) ضبطت بضم الباء وبسكون الذال عن النهاية واللسان ، وضبطت في الأساس بضمتين. وفي المصادر الثلاثة : جمع بَذُور. وفي التهذيب : بالمساييح بدل بالمذاييع وضبطت فيه بُذُر بضمتين.
(٤) في القاموس والتهذيب واللسان بفتحتين. والنزل : الريع.
(٥) سورة الإسراء الآية ٢٦.
(٦) ضبطت عن اللسان ، وضبطت في التهذيب بالبناء للمجهول.
(٧) سورة الإسراء الآية ٢٩.