بالكَيْفِيَّة ومواقعِها ، والإِسرافُ تَجاوزٌ في الكَمِّيَّة ، وهو جَهْلٌ بمَقاديرِ الحُقُوقِ ، وقد تعرَّضَ لبيانِ ذلك الشِّهَابُ في العِناية أَثناءَ الإِسراءِ.
والبَذَارَّةُ ، بالفَتْح ، وقد تُخَفَّفُ الرّاءُ ، كلاهما عن اللِّحْيَانيَّ ، وعن أَبي عَمْرٍو : البَيْذَرَةُ والنَّبْذَرَةُ ، الأَخِيرَةُ بالنُّون : التَّبْذيرُ وتَفْرِيقُ المالِ في غير حقَّه.
والمُبَذِّرُ : المُسْرِفُ في النَّفَقة.
باذَرَ وبَذَّرَ مُباذَرَةً وتَبْذِيراً ، وفي حديث وَقْفِ عُمَرَ رضيَ الله عنه : «ولِوَلِيَّه أَنْ يأْكُلَ منه غيرَ مُبَاذِر» ، أَي غيرَ مُسْرِفٍ.
وَرَجُلٌ بَيْذَارةٌ : يُبَذِّرُ مالَه ، وكذلك رَجُلٌ بَذِرٌ ، وَصَفَتِ امرأَةٌ زَوجَهَا فقالت : لا سَمْحٌ بَذِر ، ولا بَخِيلٌ حَكِر.
وبَذَّرُ ، كبَقَّم : بِئرٌ بمكّةَ لبَنِي عبدِ الدّارِ. وذكر أَبو عُبَيْدَةَ في كتاب الآبارِ : وحَفَرَ هاشمُ بنُ عبدِ مَنافٍ بَذَّرَ ، وهي البئرُ التي عند خَطْمِ الخَنْدَمَةِ (١) ، على فَمِ شِعْب أَبي طالب ، وقال حين حَفَرها :
أَنبطتُ بَذَّرَ بماءٍ قَلّاسْ |
|
جَعَلْتُ ماءَهَا بلَاغاً للنّاسْ |
قالوا : هو من التَّبذِير وهو التَّفْرِيق ، فلعل ماءَها كان يَخرج متفرِّقاً من غيرِ مكانٍ واحد. قاله شيخُنا : وهو نصُّ عبارةِ المُعْجَمِ. قال الأَزْهَرِيّ : ومثلُ بَذَّر خَضَّم ، وعَثَّر ، وبَقَّم : شجرة ، قال (٢) : ولا مِثلَ لها في كلامهم. قلتُ : وزاد غيرُه : وشَلَّم وكَتَّم ، وزاد ياقوتُ (٣) : خَوَّد وحَطَّم ، قال كُثَيِّرُ عَزَّةَ :
سَقَى اللهُ أَمْواهاً عَرَفْت مكانَها |
|
جُرَاباً ومَلْكُوماً وبَذَّرَ والغَمْرَا |
وهذه كلُّها آبارٌ بمكَّةَ. قال ابن بَرِّيّ : هذه كلُّهَا أَسماءُ مِيَاهٍ ، بدَلِيل إِبْدالِها مِن قولِه أَمْوَاهاً ، ودَعَا بالسُّقْيَا لِلأَمواهِ ، وهو يُريدُ أَهْلَهَا النّازِلين بها ، اتِّساعاً ومَجازاً. وعن الأَصْمَعِيِّ : تَبذَّرَ الماءُ إِذا تَغيَّرَ واصْفَرَّ ، وأَنشدَ لابنِ مُقْبِلٍ :
قُلُباً مُبَلِّيَة جَوائِزَ عَرْشِها |
|
تَنْفِي بآجِنِ مُتَبذِّرِ |
قال : المُتَبَذِّر : المتغيِّر الأَصفر.
والمسْتَبْذِر : المُسْرِعُ الماضِي ، قال المُتَنَخِّل يصفُ سحاباً :
مُسْتَبْذِراً يَرْغَبُ قُدَّامَه |
|
يَرْمِي بِعُمِّ السَّمُرِ الأَطْوَلِ |
وفسَّره السُّكَّرِيُّ ، فقال : مُسْتبْذِر : يُفرِّق الماءَ.
* وممّا يستدرَك عليه :
رجل هُذَرَةٌ بُذَرَةٌ : كثيرُ الكلامِ ، ذَكَرَه ابنُ دُريْد.
ولو بَذَّرْتَ فلاناً لوَجَدْتَه رَجُلاً ، أَي لو جَرَّبتَه. هذه عن أَبي حَنِيفَةَ ، وزاد في الأَساس بعد قولِه : لو جَرَّبتَه : وقَسَّمْتَ أَحوالَه ، وهو مَجاز.
وكاملُ بنُ أَحمدَ الباذرائيُّ ، وقاضِي القُضَاةِ نَجمُ الدِّين عبدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الباذرائيُّ : مُحَدِّثان.
وَبَيْذَر ، كَحَيْدَر ، اسمٌ عن ابن دُرَيْد (٤).
وبَذْرَمان ، وَبَذْرَشِين ، بالفتح فيهما ؛ قَريتانِ بمصر.
[بذعر] : ابْذعَرُّوا : تَفرّقُوا وفي حديث عائشةَ : «ابذعرَّ النِّفاقُ» ، أَي تفرَّقَ وتَبَدَّدَ.
وابْذعَرُّوا : فَرُّوا وجَفَلُّوا.
وابْذَعَرَّتِ الخَيْلُ وابْثَغَرَّتْ ، إِذا رَكَضَتْ تُبادِرُ شيئاً تَطْلُبُه ، قال زُفَرُ بْنُ الحارِثِ :
فَلَا أَفْلَحَتْ قَيْسٌ ولا عَزَّ ناصِرٌ |
|
لها بعدَ يومِ المَرْجِ حينَ ابْذَعَرَّتِ |
قال الأَزهريُّ : وأَنشدَ أَبو عُبَيْد :
فطارَتْ شِلَالاً وابْذَعَرَّتْ كأَنَّهَا |
|
عِصَابَةُ سَبْيٍ خافَ أَنْ يُتَقَسَّمَا |
__________________
(١) عن معجم البلدان ، وبالأصل «حطم الحندمة».
(٢) في التهذيب : وليس لها نظائر.
(٣) في معجم البلدان : بذّر بوزن فعَّل وهو وزن عزيز لم تستعمل العرب منه في الأسماء إلا عشرة ألفاظ وهي : بذّر ـ وبقّم وشلّم وعثّر وخضّم وخوّد وشمّر ونطّح (ثمانية فقط وردت فيه).
(٤) الجمهرة ٣ / ٣٥٥ وفي التكملة : بيذر على فيعل.