والسُّورَةُ مِنَ القُرْآنِ : م أَي مَعْرُوفَةٌ ، لأَنَّها مَنْزِلَةٌ بعدَ مَنْزِلَةٍ ، مَقْطُوعَةٌ عن الأُخْرَى.
وقال أَبو الهَيْثَم : والسُورَةُ من القُرْآنِ عِنْدَنَا : قِطْعَةٌ من القرآن سَبَقَ وُحْدانُها جَمْعَها ، كما أَنّ الغُرْفَةَ سابِقَةٌ للغُرَفِ ، وأَنزَلَ الله عزّ وجَلّ القُرْآنَ على نَبِيِّه صلىاللهعليهوسلم شَيْئاً بعد شَيْءٍ ، وجَعَلَه مُفَصَّلاً ، وبَيَّن كلَّ سورة [منها] (١) بخاتِمَتِها ، وبادِئَتِها ، ومَيَّزَهَا من التي تَلِيهَا.
قال الأَزْهَرِيّ : وكأَنّ أَبا الهَيْثَمِ جعل السّورَةَ من سُوَرِ القرآن من أَسْأَرْتُ سُؤْراً ، أَي أَفضَلْت فَضْلاً ، إِلّا أَنّها لما كَثُرَت في الكلام وفي القُرآن تُرِكَ فيها الهَمْز ، كما تُركَ في المَلَكِ.
وفي المُحْكَمِ : سُمِّيَت السُّورَة من القُرآنِ سُورَة ؛ لأَنّهَا دَرَجَةٌ إِلى غيرها ، ومَن هَمزَها جعَلَها بمعنَى بَقِيَّةٍ من القرآن ، وقِطْعَة ، وأَكثرُ القرّاءِ على تَرْك الهمزة فيها.
وقيل : السُّورَةُ من القُرآنِ : يَجُوزُ أَن تكونَ من سُؤْرَةِ المالِ ، تُرِك هَمْزُه لمّا كَثُرَ في الكلام.
وقال المصنّف ـ في البصائر ـ : وقيل : سُمِّيَت سُورَةُ القرآنِ تَشْبِيهاً بسُورِ المَدِينَة ؛ لكونها مُحِيطَةً بآيات وأَحكامٍ إِحاطَةَ السُّورِ بالمدينة.
والسُّور (٢) الشَّرَفُ والفَضْلُ والرِّفْعَةُ ، قيل : وبه سُمِّيت سُورة القرآن ؛ لإِجْلالِهِ ورِفْعَتِه ، وهو قول ابن الأَعرابيّ.
والسُّور : ما طالَ من البِنَاءِ وحَسُنَ ، قيل : ومنه سُمِّيَت سُورَة القرآن.
والسُّور العَلَامَةُ ، عن ابن الأَعرابيّ.
وأَما أَبو عُبَيْدَة ، فإِنه زَعَم أَنه مُشْتَقّ من سُورة البِنَاءِ ، وأَن السُّورَةَ عرْقٌ مِنْ عُرُوقِ (٣) الحائِطِ ، وقد ردّ عليه أَبُو الهَيْثَمِ قولَه ، ونقله الأَزهرِيُّ برُمَّتِه في التَّهْذِيب.
وفي الصّحاح : والسُّورُ جمعُ سُورَة ، مثل : بُسْرَة وبُسْر.
ج سُورٌ ، بضمّ فسكون ، عن كُرَاع وسُوَرٌ ، بفتح الواو ، قال الرّاعي :
هُنَّ الحَرائِرُ لا رَبّاتُ أَخْمِرَةٍ |
|
سُودُ المَحَاجِرِ لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ (٤) |
والسّوَارُ ، ككِتَابٍ ، وغُرَابٍ. القُلْبُ ، بضمّ فسكون ، كالأُسْوارِ ، بالضَّمِّ ، ونُقِل عن بعضهم الكسر (٥) ، أَيضاً ، كما حقَّقَه شيخُنَا ، والكلُّ مُعَرَّب : دستوار بالفَارسِيّة ، وقد استعمَلَتْه العربُ ، كما حقَّقه المصنّف في البصائر ، وهو ما تَسْتعمله المرأَةُ في يَدَيْهَا.
ج أَسْوِرَةٌ وأَساوِرُ ، الأَخِيرَةُ جَمْعُ الجَمْعِ وأَسَاوِرَةٌ جمع أُسْوار ، والكَثِيرُ سُورٌ ، بضمّ فسكون ، حكاه الجماهير ، ونقله ابنُ السّيد في الفرق ، وقال : إِنّه جمعُ سِوار خاصّة ، أَي ككِتَابٍ وكُتُب ، وسَكَّنُوه لِثقَلِ حركة الواو ، وأَنشدَ قولَ ذِي الرُّمَّة :
هِجَاناً جَعَلْنَ السُّورَ والعَاجَ والبُرَى |
|
على مِثْلِ بَرْدِيِّ البِطَاحِ النّواعِمِ |
وسُؤُورٌ (٦) ، كقُعُودٍ هكذا في النُّسَخ ، وعَزَوْه لابن جِنّي ، ووَجَّهَهَا سيبويه على الضّرورة.
قال ابنُ بَرِّيّ : لم يذكر الجَوْهَرِيّ شاهداً على الأُسِوْار لغة في السِّوار ، ونَسب هذا القول إِلى [أَبي] (٧) عَمْرِو بنِ العَلاءِ ، قال : ولم يَنْفَرِدْ [أَبُو] (٧) عَمْرو بهذا القول ، وشاهِدُه قولُ الأَحْوص :
غادَةٌ تَغْرِثُ الوِشَاحَ ولا يَغ |
|
رَثُ مِنْهَا الخَلْخَالُ والإِسْوارُ |
وقال حُمَيْدُ بنُ ثَوْرٍ الهِلَالِيّ :
يَطُفْنَ بهِ رَأْدَ الضُّحَى ويَنُشْنَه |
|
بأَيْدٍ تَرَى الإِسْوَارَ فِيهِنّ أَعْجَمَا |
__________________
(١) زيادة عن التهذيب.
(٢) كذا بالأصل ، ومقتضى السياق على أنها معطوفة على ما قبلها ، يعني بالإفراد ، وما ورد بعدها أيضاً.
(٣) القاموس والتكملة ، وفي اللسان والتهذيب : أعراق. زيد بعده في التهذيب عن أبي عبيدة : ويجمع سُوَراً وكذلك الصورة تجمع صوراً ، واحتج أبو عبيدة بقول العجاج :
سرت إِليه في أَعالي السُّور
وفيه عن أَبي الهيثم يرد على أَبي عبيدة قال : إِنما تجمع فُعلَة على فُعْلٍ بسكون العين إذا سبق الجمع الواحد مثل صوفة وصوفٍ ، وسورة البناء وسُورُه فالسور جمع سبق وحدانه في هذا الموضع.
(٤) ديوانه ص ١٢٢ وانظر تخريجه فيه ، وفيه «أحمرة» بالحاء المهملة بدل «أخمرة».
(٥) اقتصر في اللسان على الكسر.
(٦) على هامش القاموس عن نسخة أخرى : «وسُؤُرٌ».
(٧) زيادة مقتبسة عن الصحاح ، واللسان.