وفي الحديث : «للنِّساءِ حَجْرَتَا الطَّرِيقِ ، أَي ناحِيَتاه».
وحَجْرَةُ القَومِ : ناحيةُ دارِهم. وفي المثل : «فلانٌ يَرْعَى وَسَطاً ، ويَرْبِضُ حَجْرَةً» ، أَي ناحيةً ، وقال ابن بَرِّيّ يُضْرَبُ في الرَّجل يكونُ وَسَطَ القَومِ ، إِذا كانوا في خَيْر ، وإِذا صاروا إِلى شَرٍّ تَرَكَهم ورَبَضَ ناحيةً ، قال : ويقال إِن هذا المَثَلَ لعَيْلانَ بنِ مُضَرَ. وفي حديث أَبي الدَّرْدَاءِ : «رأَيْتُ رجلاً يَسيرُ حَجْرَةً» ؛ أَي ناحيةً مُنْفَرِداً. وفي حديث عليٍّ رضيَ الله عنه : الحُكْمُ لله :
ودَعْ عنْكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَرَاتِه
مَثَلٌ يُضْرَبُ في مَن ذَهَبَ مِن ماله شيءٌ ، ثم ذَهَبَ بعده ما هو أَجَلُّ منه ، وهو صَدْرُ بيتٍ لامرىءِ القَيْسِ :
فدَعْ عَنكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَراتِه |
|
ولكنْ حَدِيثاً ما حَدِيثُ الرَّوَاحِلِ (١) |
أَي دَع النَّهْبَ الذي نُهِبَ (٢) مِن نَوَاحِيك ، وحَدِّثْنِي حديثَ الرَّواحلِ وَهي الإِبلُ التي ذَهبْتَ بها ـ ما فَعَلت : وحَجْرٌ : ثلاثُ قَبَائِلَ :
الأُولَى : حَجْرُ ذِي رُعَيْنٍ ـ وفي بعض نُسَخِ الأَنسابِ :
حَجْرُ رُعَيْن ، بحذْف ذي ـ أَبُو القَبِيلَةِ واسمُ ذي رُعَيْنٍ يَرِيمُ (٣) بنُ يَزِيدَ بنِ سَهْلِ بنِ عَمْرِو بنِ قَيْسِ بنِ مُعاوِيَةَ بنِ جُشَمَ بنِ عبد شمسِ بنِ وائلِ بنِ الغَوْثِ بنِ قَطَنِ بنِ عَرِيب بنِ زُهَيْرِ بنِ أَنمى بنِ الهَمَيْسَعِ بنِ حِمْيَرَ ، منهم : عبّاسُ بن خُلَيْدٍ (٤) التّابِعِيُّ ، يَرْوِي عن عبد اللهِ بنِ عُمَرَ وأَبي الدَّرْدَاءِ ، وعنه أَبو هانِىءٍ حُمَيْدُ ابنُ هانىءٍ ، قال أَبو زُرْعَةَ : ثِقَةٌ.
وعُقَيْلُ بنُ باقِلٍ الحَجْرِي ، حَجْرُ رُعَيْنٍ.
وقَيْسُ بنُ أَبي يَزِيدَ الحَجْرِيُّ العارِضُ ، كان على عَرْض الجُيُوشِ بمصرَ.
وهِشَامُ بنُ أَبي خليفةَ محمّدِ بنِ قُرَّةَ بنُ محمّدِ بنِ حُمَيْدٍ الحَجْرِيُّ المِصْرِيُّ ، رَوَى عنه أُسامةُ بنُ إِساف ، وذُرِّيَتُه ، منهم : أَبو قُرَّةَ محمّدُ بنُ حُمَيْدِ بنِ هِشَامٍ الحَجْرِيُّ ، يَرْوِي عنه عبدُ الغَنِيِّ بنُ سعيدٍ المِصْريُّ.
ومِن حَجْرِ رُعَيْنٍ : سعيدُ بنُ أَبي سعيدٍ الحَجْرِيُّ ، وإِسماعيلُ بنُ سُفْيَانَ الأَعْمَى. ؤَبو زُرْعَةَ وَهْبُ الله بنُ راشد المؤذِّنُ البَصْرِيُّ ، وسيأْتي في كلام المصنِّف.
والثانية : حَجْرُ حِمْيَرَ ، منها :
مُخْتَارٌ الحَجْرِيُّ ، رَوَى عنه صالحُ بنُ أَبي عَرِيب الحَضْرَمِيُّ. ومُعَاوِيَةُ بنُ نَهِيكٍ الحَجْرِيُّ ، رَوَى عنه نُعَيْمٌ الرُّعَيْنِيُّ ، هما مِن حَجْرِ حِمْيَرَ ، هكذا ذَكَرَه ابنُ الأَثِير وغيرُه ، والصَّوَابُ أَن حَجْرَ حِمْيَرَ عَيْنُ حَجْرِ رُعَيْنٍ (٥) ، وسِيَاقُ النَّسَبِ يَدُلُّ على ذلك ، قالَه البُلْبَيسِيُّ.
ومِن حَجْرِ الأَزْدِ وهي الثالثةُ ـ وهو حَجْرُ بنُ عِمْرَانَ بنِ عَمْرِو مُزَيْقِيَا بنِ عامرٍ ماءِ السماءِ بنِ حارثةَ بنِ الأَزْدِ ـ : الحافِظَانِ الجَلِيلان العَظِيمانِ عبدُ الغَنِيِّ بنُ سعيدٍ الأَزْدِيُّ المِصْرِيُّ وآلُ بيتِه ، والإِمام أَبو جَعْفَرٍ أَحمدُ بنُ محمّدِ بنِ سلَامَةَ (٦) الطَّحَاوِيُّ الفَقِيهُ الحَنَفِيُّ ، عِدادُه في حَجْرِ الأَزْدِ ، قاله أَبو سعيدِ بنِ يُونُسَ ، وكان ثِقَةً نَبِيلاً فَقِيهاً عالماً ، لم يَخْلُفْ مثلُه ، وُلِدَ سنةَ ٢٣٩ ، وتُوُفِّي سنة ٣٢١.
ومِن حَجْرِ الأَزْدِ : أَبو عُثْمَانَ سعيدُ بنُ بِشْرِ بنِ مَرْوَانَ الأَزْدِيُّ الحَجْرِيُّ ، ثم العامِرِيُّ ، رَوَى عَنْه أَبو جعفَرٍ الطَّحَاوِيُّ ، وولَدُه عليُّ بنُ سعيدِ بنِ بِشْرٍ ، حَدَّثَ عنه أَبو بِشْرٍ الدُّولابِيُّ.
والحِجْرُ ، بالكسر : العَقْلُ واللُّبُّ ؛ لإِمساكِه ومَنْعِه
__________________
(١) في مجمع الأمثال للميداني (حرف الدال) : وهذا من بيت امرىء القيس ، قاله لما نزل على خالد بن سدوس بن أصبع الشيباني ، فأغار عليه باعث بن حويص ، وذهب بإبله ، فقال له جاره خالد : أَعطني صنائعك ورواحلك حتى أطلب عليها مالك ، ففعل ، فانطوى عليها ، ويقال : بل لحق بالقوم فقال لهم : أغرتم على جاري يا بني جديلة ، فقالوا : والله ما هو لك بجارٍ ، قال : بلى ، والله ما هذه الإبل التي معكم إلّا كالتي تحتي ، وهي له ، فأنزلوه عنها ، وذهبوا بها فقال امرؤ القيس فيما هجاه به : فدع عنك الخ ثم قال.
وأعجبني مشي الحزقة خالد |
|
كمشي أتان خليت عن مناهل |
(٢) عن اللسان ، وفي مجمع الأمثال : الذي انتهبه باعث.
(٣) انظر في نسبه ما ورد في جمهرة ابن حزم ص ٤٣٣ واللباب ١ / ٣٤٤.
(٤) في تقريب التهذيب : جُليد بجيم مصغراً.
(٥) ابن حزم ص ٤٦١.
(٦) الأصل واللباب ، وفي جمهرة ابن حزم : سَلَمَة.