والحاجُورِ قال حُمَيْدُ بنُ ثَوْر الهِلالِيُّ :
فهَمَمْتُ أَنْ أَغْشَى إِليهَا مَحْجِراً |
|
ولَمِثْلُهَا يُغْشَى إِليه المَحْجِرُ |
يقول : لَمِثْلُها يُؤْتَى إِليه الحَرَامُ. ورَوَى الأَزهريُّ عن الصَّيْدَاوِيِّ أَنه سَمِعَ عبويه يقولُ : المَحْجَرُ ، بفتحِ الجيمِ :
الحُرْمةُ ، وأَنشد يقول :
وهَمَمْتُ أَن أَغْشَى إِليها مَحْجَراً
وقال سِيبويهِ : ويقولُ الرجلُ للرجلِ : أَتفعلُ كذا وكذا يا فلانُ ، فيقول : حُجْراً ، أَي ستْراً وبراءَةً مِن هذا الأَمرِ ، وهو راجعٌ إِلى معنَى التَّحْرِيمِ والحُرْمةِ ، قال اللَّيْث : كان الرجلُ في الجاهليَّة يَلْقَى الرجلَ يَخافُه في الشَّهر الحرامِ ، فيقول : حُجْراً محْجُوراً ؛ أَي حَرامٌ مُحرَّم عليكَ في هذا الشهر ، فلا يَبْدؤُه (١) منه شَرٌّ. قال : فإِذا كان يوم القِيامةِ رَأَى المشرِكون ملائكةَ العذابِ ، فقالوا : حِجْراً مَحْجُوراً (٢) وظَنُّوا أَن ذلك يَنفعُهم ، كفِعْلِهم في الدنيا ، وأَنشد :
حتَّى دَعونا بأَرْحامٍ لنا سلَفَتْ |
|
وقال قائِلُهُم : إِنِّي بحاجُورِ |
يَعنِي بمعَاذ ، يقول : أَنا مُتَمسِّكٌ (٣) بما يُعِيذُني منكَ ، ويَحْجُركَ عنِّي. قال : وعلى قياسه العاثُورُ وهو المَتْلَفُ. قال الأَزهريُّ : أَمّا ما قاله اللَّيْث من تفسير قولِه [جلّ وعزّ] : (وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً) إِنه مِن قول المُشرِكين للملائكة يومَ القيامةِ فإِن أَهلَ التفسيرِ الذين (٤) يُعْتَمَدُون ، مثل ابنِ عبّاس وأَصحابِه فَسَّرُوه على غير ما فَسَّره اللَّيْثُ ، قال ابن عبّاس : هذا كلُّه مِن قول الملائكةِ ؛ قالوا للمُشْرِكين : حِجْراً مَحْجُوراً ، أَي حُجِرَتْ عليكم البُشْرَى فلا تُبَشَّرُون بخَير.
ورُوِيَ عن أَبي حاتمٍ في قوله [تعالى] : (وَيَقُولُونَ حِجْراً) تَمَّ الكلامُ. قال الحَسَنُ (٥) : هذا مِن قول المُجْرِمين ، فقال الله : مَحْجُوراً ، عليهم أَن يُعاذُوا (٦) ، كما كانوا يُعاذُون في الدنيا (٦) ؛ فحَجَرَ اللهُ عليهم ذلك يومَ القِيامَةِ. قال أَبو حاتمٍ : وقال أَحمدُ اللُّؤْلُئيّ : بَلَغَنِي عن ابن عَبّاس أَنه قال : هذا كلُّه من قول الملائكة. قال الأَزهريُّ : وهذا أَشْبَهُ بنَظْمِ القرآنِ المُنَزَّلِ بلسانِ العرب ، وأَحْرَى أَن يكون قوله [تعالى] : حِجْراً مَحْجُوراً كلاماً واحداً ـ لا كلامَيْن ـ مع إِضمار كلامٍ لا دليلَ عليه.
والحَجْرُ ، بالفتح : نَقَا الرَّمْلِ.
والحَجْرُ : مَحْجِرُ العَيْنِ ، وهو ما دارَ بها ، وشاهِدُه قولُ الأَخْطَلِ الآتِي في المُسْتَدركات.
وحَجْر ، بلا لام : قَصَبةٌ باليمامةِ مُذَكَّر مصروف ، وقد يُؤَنَّثُ ولا يُصْرفُ ؛ كامرأَةٍ اسمُها سَهْل. وقيل هي سُوقُها ، وفي المراصد : مدِينَتُها وأُمُّ قُراها ، وأَصلها لِحنِيفَةَ ، ولكلِّ قوم فيها (٧) خِطَّة ، كالبصْرةِ والكُوفَةِ.
وحَجْر : ع بدِيار بنِي عُقَيْلٍ يقال له : حَجْرُ الرّاشِدِ (٨) ، وهو قَرْن ظَلِيلٌ أَسفلُه كالعمُودِ ، وأَعلاه مُنْتَشِرٌ.
وحَجْرٌ : وادٍ بينَ بلادِ عُذْرةَ وغَطفَانَ.
وحَجْرٌ : ة لبنِي سُلَيْمٍ يقال لها : حَجْرُ بنِي سُلَيْمٍ ، ويُكْسرُ في هذه.
وحَجْرٌ : جَبلٌ أَيضاً ببلاد غَطَفَانَ.
وحَجْرٌ : ع باليَمن ، وهو غير حُجْر ، بالضمّ. وسيأْتي.
وحَجْرٌ : ع به وَقْعةٌ بين دَوْسٍ وكِنَانةَ.
وحَجْرٌ : جَمْعُ حَجْرَةٍ ، للنّاحِية كجَمْرٍ وجَمْرةٍ ، كالحَجَرَات ، محرَّكةً على القياس ، والحَوَاجِرِ ، فيما أَنشده ثعلبٌ :
سَقَانَا فلم نَهْجَا مِن الجُوعِ نَقْرَةً |
|
سَمَاراً كإِبْطِ الذِّئْبِ سُودٌ حَوَاجِرُهْ |
قال ابن سِيدَه : ولم يُفَسِّره ، وعندي أَنه جَمعُ حَجْرَةٍ التي هي الناحيةُ ، على غير قِياسٍ ، وله نظائرُ. وحَجْرَتَا العَسْكَرِ : ناحِيَتاه مِن المَيْمَنَةِ والمَيْسَرَةِ ، وقال :
إِذا اجْتَمَعُوا فَضَضْنَا حَجْرَتيْهمْ |
|
ونَجْمَعُهمْ إِذَا كانوا بَدَادِ |
__________________
(١) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : ينداه.
(٢) سورة الفرقان الآية ٢٢.
(٣) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : مستمسك.
(٤) في المطبوعة الكويتية : «الذي» تطبيع.
(٥) كذا بالأصل والتهذيب. وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله : قال الحسن ، في اللسان : أبو الحسن ، وليحرر».
(٦) في التهذيب واللسان : «يعاذوا وأن يجاروا ... في الدنيا ويجارون».
(٧) في معجم البلدان : «منها».
(٨) في معجم البلدان : حجر الراشدة ... وهو مكان ظليل.