وقال أَيضاً :
فأَعْجَبَني من حَبْتَرٍ أَنّ حَبْتَراً |
|
مَضَى غيرَ مَنْكُوبٍ ومُنْصَلَه انْتَضَى (١) |
[حبجر] : الحِبَجْرُ ، كسِبَطْرٍ ، والحُبَاجِرُ مثلُ عُلابِطٍ ، والمُحْبَجرّ مثلُ مُسْبَكرٍّ ـ الأَخيرَتَان عن التَّكْمِلَة ـ : الغَلِيظُ مِن أَيِّ نوعٍ كان ، قالَه أَبو عُبَيْدٍ ، وعَيَّنَه غيرُه فقال : الحِبجَرُ ، كسِبَطْرٍ ودِرْهَم : الوَتَرُ الغَلِيظُ ، قال الرّاجز :
أَرْمِي علَيها وهْي شَيْءٌ بُجْرُ |
|
والقَوْسُ فيها وتَرٌ حِبَجْرُ |
وهْيَ ثلاثُ أَذْرُعٍ وشِبْرُ
وأَنشد ابنُ سِيدَه قولَ الرّاجز :
يُخْرِجُ منها ذَنَباً حُباجِرَا
قال : وهذا هو الصَّحيح ، وأَنشدَه ابنُ الأَعرابيِّ : حُنَاجِرَا ـ بالنُّون ـ ولم يُفَسِّره ، والصَّوابُ ما قالَه ابنُ سيدَه. قلتُ : قد وُجِدَ في النُّسخ النَّوادِرِ لابنِ الأَعرابيِّ : حُبَاجِرَا ، بالباءِ ، والرَّجَز لرجل مِن بَنِي كِلَاب يَصِفُ الجَرَادَ.
والحُبْجُرُ والحُباجِرُ ، كقُنْفُذ وعُلابِط : ذَكَرُ الحُبَارَى الطائرِ المعروفِ ، مَقْلوبَا حُبْرُجٍ وحُبارِجٍ ، نقلَه الصَّاغانيُّ.
والتَّحَبْجُرُ : الْتِواءٌ في الأَمْعَاءِ. وفي التكملة : شبْهُ الْتِواءٍ.
واحْبَجَرَّ ، كاقْشَعَرَّ : انْتَفَخَ غَضَباً ، كاحْبَنْجَرَ ، كابْرَنْشَقَ ، فهو مُحْبَجِرٌّ ومُحْبَنْجِرٌ.
واحْبَجَرَّ : الشيءُ واحْبَنْجَرَ : غَلُظ واشْتَدَّ.
وحَبْجَرَى : ناحيةٌ نَجْدِيَّةٌ بأَكنافِ الشَّرَبَّةِ.
[حبقر] : حَبْقُرٌّ ـ كفَعْلُلٍّ ، أَي بفتح فسكون فضمٍّ فتشديد ـ ذَكَرُوه في الأَبنيةِ ولم يُفَسِّروه ؛ لأَن الأَقْدَمِين إِنّمَا يَذْكُرون الأَلفاظَ لأَمْثِلَةِ التَّصْرِيف ، إِذا لا غَرَضَ لهم في ذِكْر معانِيها ، ومعناه البَرَدُ ، محرَّكةً ، وهو حَبُّ الغَمامِ ؛ يُقال في المَثَل : «هو أَبْرَدُ مِن حَبْقُرٍّ» ويُقال أَيضاً : «أَبْرَدُ مِن عَبْقُرٍّ» ـ بالعين بدل الحاءِ ـ وكذا «أَبْرَدُ مِن عَضْرَس». أَوردَ الثلاثة الأَزْهَرِيُّ في التَّهْذِيب ، وأَصلُه حَبُّ قُرٍّ ، كأَنَّهُمَا كلمتانِ جُعِلَتَا واحداً ، كذا ذكره الجوهريُّ في عبقر ، وذَكر هناك حبقر استطراداً ، كما عكَسَه المصنِّف هنا. والقُرُّ : البَرْدُ فالكلمة مَنْحُوتَةٌ ، وحيث إِنها منحوتةٌ فذِكْرُها في الأَبنية غيرُ مناسب ، كما لا يَخْفَى والدَّلِيلُ على ما ذَكَرْتُه أَن أَبا عَمْرِو بنَ العَلاءِ المُقْرِىءَ النَّحْوِيَّ اللغويّ الضَّريرَ (٢) يَرْوِيه أَي المثَلَ : «أَبْرَدُ مِن عَبِّ قُرٍّ» ، والعَبُّ : اسمٌ للبَرَدِ ، وقد ذَهَلَ عن ذِكْره في موضعه ، فعلى هذا كلٌّ مِن الكلمتَيْن لفظٌ مستقلٌّ ، ووَزْنٌ خاصٌّ ، وذَكَره الإِمامُ أَبو حَيّان في شرح التَّسْهيل ، وفَسَّرَه بأَنه اسم عَلَم على موضع معروف للعَرَب ، كعَبْقَرٍ ، وأَشار إِليه في الارتشاف ، وذَكَره قبلَه ابنُ عُصْفُورٍ في المُمْتِعِ. قالَه شيخُنَا.
[حبكر] : الحَبَوْكَرُ ـ كغَضَنْفَرٍ ، وَزْنُه به لا يخلُو عن تَأَمُّل ، قالَه شيخُنا ؛ أَي أَن الأَوْلَى أَن يكون كقَبَعْثَرٍ ، لاتِّحاد الحُكْم ، كما سيأْتي ـ : رَمْلٌ يَضِلُّ فيه السّالِكُ.
ومنه : الحَبَوْكَرُ بمعنى الدّاهيَةِ ، كالحَبَوْكَرَى بالأَلِف ، وحَبَوْكَرَى بلا لامٍ ، وحَبَوْكَر أَيضاً بلا لامٍ ، نقلَه الفَرّاءُ ، وأُمِّ حَبَوْكَرٍ ، وأُمِّ حَبَوْكَرَى ، وأُمِّ حبَوْكَرَانَ. وفي الصّحاح : أُمُّ حَبَوْكَرَى (٣) هي أَعظمُ الدَّواهِي ، وأَنشدَ لعَمْرو بن أَحمَرَ الباهليِّ :
فلمّا غَسَا لَيْلِي وأَيْقَنْتُ أَنهَا |
|
هي الأُرَبَى جاءَتْ بأُمِّ حَبَوْكَرَى |
ثم قال : والأَلفُ زائدةٌ بُنِيَ الاسم عليها ؛ لأَنك تقول للأُنثى : حَبَوْكَرَاةٌ ، وكلُّ أَلف للتأْنيث لا يَصحُّ دُخُولُ هاءِ التأْنيث عليها ، وليْستْ أَيضاً للإِلحاق ؛ لأَنه ليس له مِثالٌ من الأُصول فيُلْحَق به. قال شيخُنا : وهو كلامٌ غيرُ مُعْتَدٍّ به ، وقد صَرَّحُوا أَنه لا ثالثَ لأَلِفَيِ التأْنِيث أَو الإِلْحَاق ، ولا تُبْنَى الكلمةُ على ما ليس منهما. وقولُه : كلُّ أَلفٍ للتأْنيث لا يَصِحُّ دُخولُ الهاءِ عليها كلام صحيحٌ ، وقاعدةٌ تامَّةٌ ؛ إِلّا أَن الأَلف هنا : مَن قال هي للتأْنيث أَنْكَرَ دُخُولَ الهاءِ ، ومَن
__________________
(١) ديوانه ص ٤.
(٢) بهامش المطبوعة الكويتية : كذا ، وأبو عمرو بن العلاء ليس ضريراً» وانظر تقريب التهذيب.
(٣) في الصحاح هنا وفي الشاهد : «أم حبوكر» وفي اللسان عن الجوهري فكالأصل.