دَعَتْ كِنْدَةُ الجَعْرَاءُ بالخَرْج مالِكاً |
|
ونَدْعُو لعَوْفٍ تحتَ ظِلِّ القَواصِلِ |
لأَنَّ دُغَةَ ، بضمِّ الدالِ مخفَّف ، مَعتلّ الآخِر ، كما سيأْتي ، بِنْتَ مَغْنَجٍ (١) ـ وفي بعض النُّسَخ ، مِنْعَج ـ قال المُفضَّل بن سَلمَة : مَن أَعْجَم العَيْن فتح الميم ، ومَن أَهملها كسَرَ المِيم ، قاله البَكْرِيُّ في شرْح أَمالِي القالِي ، ونقله منه شيخُنا ، منهم أَي مِن بَلْعَنْبَرِ ، ويقال : وُلِدَتْ فيهم ، قالوا : خَرَجتْ وقد ضَرَبَها المَخَاضُ ، فظَنَّتْ أَنها تُريدُ الخَلاءَ ـ وأَخْصَرُ مِن هذا : فظَنَّتْه غائِطاً ـ فَبَرَزَتْ في بعض الغِيطانِ ـ المُراد بها الأَراضِي المُطْمَئِنَّةُ ـ فوَلَدَتْ ـ وعبارة التَّهْذِيب : فلمّا جَلَسَتْ للحَدَث وَلَدَتْ ـ وانْصَرَفَتْ تُقَدِّرُ أَنها تَغَوَّطَتْ ، فقالت لضَرَّتِهَا : يا هَنْتاه ، وهذه مِن زياداتِ المصنِّف وتَغْيِيراتِه ؛ ففي التَّهْذِيب وغيرِه بعد قوله : وَلَدَتْ : فأَتَتْ أُمَّها فقالت : يا أُمَّهْ هل يَفْغَرُ ، أَي يَفْتَحُ الجَعْرُ فاه؟ ففَهِمَتْ عنها (٢) ، فقالت : نَعَمْ ، ويَدْعُو أَباه.
فمضَتْ ضَرَّتُها ، أَو أُمُّها كما في الأُصُول الجَيِّدَة ، وأَخَذَتِ الوَلَدَ ؛ فتَمِيمٌ تُسَمِّي بلْعَنْبَرِ (٣) الجَعْراءَ لذلك.
والجاعِرةُ : الاسْتُ كالجَعْراءِ ، أَو حلْقَةُ الدُّبُرِ.
والجاعِرَتانِ : مَوْضِعُ الرَّقْمَتَيْن من اسْتِ الحِمَارِ ، قال كَعْبُ بنُ زُهَيْر يذكرُ الحِمَارَ والأُتُنَ :
إِذَا ما انْتَحاهُنَّ شُؤْبُوبُهُ |
|
رأَيْتَ لجَاعِرَتَيْهِ غُصُونَا |
وقيل : هو مَضْرَبُ الفَرَسِ بذَنَبِه على فَخِذَيْه ، وقيل : هما حيث يُكوَى الحِمارُ في مُؤَخَّرِه على كاذَتَيْه ، وفي الحديث : «أَنه كَوَى حِماراً في جاعِرَتَيْه». وفي كتاب عبد المَلك إلى الحَجّاج : «قاتَلَكَ اللهُ أَسْوَدَ الجَاعِرَتَيْن».
أَو هما حَرْفَا الوَرِكَيْن المُشْرِفَيْن على الفَخِذَيْن ، وهما المَوْضِعَان اللَّذان يَرْقُمُهما البَيْطَارُ ، وقيل : هما ما اطْمَأَنَّ مِن الوَرِك والفَخِذِ في مَوضِع المَفْصِل ، وقيل : هما رُؤُوسُ أَعالِي الفَخِذَيْن. والجِعَارُ ككِتَابٍ : سِمَةٌ فيهما ، أَي في الجَاعِرَتَيْن ، ونَقَلَ ابنُ حَبيب مِن تَذْكِرَةِ أَبي عليٍّ أَنه مِن سِمَاتِ الإِبل.
والجِعَارُ : حَبْلٌ يَشُدُّ به المُسْتَقِي وَسَطَه إِذا نَزَلَ في البئر لئَلّا يَقَع في البئْر ، وطَرَفُه في يَدِ رَجُلٍ ، فإِن سَقَطَ مَدَّ به ، وقيل : هو حَبْلٌ يَشُدُّه السّاقِي إِلى وَتِدٍ ، ثم يشُدُّه في حَقْوه ، وقد تَجَعَّرَ به ، قال :
ليس الجِعَارُ مانِعِي مِن القَدَرْ |
|
ولو تَجَعَّرْتُ بمحْبُوكٍ مُمَرْ |
والجُعْرَةُ ، بالضمّ : أَثَرٌ يَبْقَى منه ، أَي مِن الجِعَار في وَسَطِ الرجُل ، حكاه ثعلبٌ ، وأَنشد :
لو كنْتَ سَيْفاً كان أَثْرُكَ جُعْرَةً |
|
وكنْتَ حَرًى أَن لا يُغَيِّرَكَ الصَّقْلُ |
والجُعْرَةُ : شعِيرٌ غَلِيظُ القَصَب ، عَريضٌ ، عَظِيمٌ طَويلُ الحَبِّ ، أَبيضُ ؛ ضَخمُ السَّنَابل ، كأَنَّ سَنابلَه جِراءُ الخَشْخاش ، ولسُنْبُله حُرُوفٌ عِدَّةٌ ، وهو رقِيقٌ خَفِيفُ المؤُونة في الدِّيَاس ، والآفةُ إِليه سَرِيعَةٌ ، وهو كثيرُ الرَّيْعِ ، طَيِّبُ الخُبْزِ. كلُّه عن أَبي حنيفةَ.
وجَيْعَرُ ، كحَيْدَرٍ ، وجَعَارِ كقَطامِ ، وأُمُّ جَعَارِ ، وأُمُّ جَعْوَرٍ : كلُّه الضَّبُعُ ، لكثْرَة جَعْرِها ؛ وإِنما بُنيَتْ على الكَسْر لأَنه حَصَلَ فيها العَدْلُ والتَّأْنيثُ والصِّفَةُ الغالبَةُ ، ومعنَى قولِنا : غالبةٌ (٤).
أَنها غَلَبَتْ على المَوْصُوف حتى صار يُعْرَفُ بها ، كما يُعْرَفُ باسمِه ، وهي مَعْدُولَةٌ عن جاعِرَة ، فإِذا مُنِعَ من الصَّرْف بعِلَّتَيْن وَجَبَ البناءُ بثلاث ؛ لأَنه ليس بعد مَنْع الصَّرْف إِلا مَنْعُ الإِعراب ، وكذلك القولُ في حَلاقِ اسم للْمَنِيَّةِ ، وقولُ الشاعِرِ الهُذَليِّ ، وهو حَبيبُ بنُ عبدِ اللهِ الأَعْلَمُ في صِفَةِ الضَّبُع :
عَشَنْزَرَةٌ جَواعِرُها ثَمانٍ |
|
فُوَيْق زِمَاعها خَدَمٌ حُجُولُ |
تَرَاها الضُّبْعُ أَعْظَمَهُنَّ رَأْساً |
|
جُراهِمَةٌ لها حِرَةٌ وثيلُ |
__________________
(١) في القاموس : «مِنْعَج» وفي الفاخر للمفضل ص ٢٩ : هي دُغَة بنت مغنج العجلية ، ويقال : مغنج ومَعْنَج بالعين.
(٢) في الفاخر : ففطنت أمها.
(٣) عن اللسان ، وبالأصل : «يسمى العنبر».
(٤) سقطت من المطبوعة الكويتية.