قيل : ذَهَبَ إِلى تَفْخِيمها ، كما سُمِّيَتْ حُضَاجرَ ، وقيل : هي أَولادُهَا. وقال الأَزهريُّ : «جَواعرُهَا ثَمانٍ». كثْرةُ (١) جَعْرِهَا ؛ أَخْرَجَه على فاعِلَةٍ وفَوَاعِلَ ، ومعناه المَصْدَرُ ، ولم يُرِدْ عدَداً مَحْصُوراً ، ولكنه وَصَفَهَا بكثرة الأَكْل والجَعْرِ ، وهي مِن آكَل الدَّوابِّ ، وقيل : هو مَثَلٌ لكثرة أَكله (٢) ، كما يقال : فلانٌ يَأْكُلُ في سبعةِ أَمعاءٍ. وقال ابن بَرِّيّ : وللضَّبُع جاعِرَتانِ ، فجَعَلَ لكلِّ جاعِرَةٍ أَربعةَ غُضُونٍ ، وسَمَّى كلَّ غَضَنٍ جاعِرةً ، باسمِ ما هي فيه.
ويقال للضَّبُع : «تِيسِي جَعارِ» ، أَو «عِيثِي جَعارِ» ، وهو مَثَلٌ يُضْرَبُ في إِبطال الشيْءِ والتكذيبِ به ، وأَنشد ابن السِّكِّيت :
فقلْتُ لها عِيثِي جَعْارِ وجَرِّرِي |
|
بلَحْم امْرىءٍ لم يَشْهَدِ القومَ ناصِرُهْ |
ومِن ذلك ما أَوْرَدَه أَهلُ الأَمثال : «أَعْيَثُ مِن جَعَارِ».
وأَما «رُوعِي (٣) جَعارِ ، وانْظُرِي أَين المَفَرُّ» ؛ فإِنه يُضْرَبُ لمن يَرُومُ أَن يُفْلِتَ ولا يَقدِرُ على ذلك ، وفي التَّهذِيب : يُضْرَبُ في فِرارِ الجَبانِ وخُضُوعِه. وقال ابن السِّكِّيت : وتُشْتَمُ المرأَةُ فيقال لها : قُومِي جَعَارِ ؛ تُشَبَّهُ بالضَّبعُ.
وفي التهذيب : الجَعُورُ ، كصَبُورٍ ، وفي غيره : الجُعْرُور : خَبْرَاءُ لبَنِي نَهْشَلٍ ، وهي مَنْقَعُ الماءِ ، وأُخْرَى لبَنِي عبدِ الله بنِ دارِمٍ ، قال ابن سِيدَه : يَمْلَؤُهُمَا جميعاً الغَيْثُ الواحدُ ، فإِذا امتَلأَتا وَثِقُوا بكَرْعِ شِتَائِهم. هكذا في النُّسَخ ، وفي بعض الأُصول : «شائِهِم» جَمْع شاة ، عن ابن الأَعرابيّ ، وأَنشدَ :
إِذا أَردْتَ الحَفْر بالجَعُورِ |
|
فاعْمَلْ بكلِّ مارِنٍ صبُورِ |
لا غَرْفَ بالدِّرْحابَةِ (٤) القَصِيرِ
ولا الذي لَوَّحَ بالقَتيرِ
يقول : إِذا غَرَفَ الدِّرْحَابَةُ مع الطويلِ الضَّخْم بالحَفْنَة ، مِن غَدِير الجَفْرَاءِ (٥) ، لم يَلْبَث الدِّرْحابةُ أَن يَزْكُتَه الرَّبْوُ فيَسْقُط.
والجُعْرُون بالضمّ ، هكذا في النُّسَخ بالنُّون ، والصَّوابُ الجُعْرُورُ (٦) ، بالراءِ : دُوَيْبَّةٌ من أَحْنَاشِ الأَرضِ.
وفي الحديث : «أَنه نَهَى عن لَوْنَيْن في الصَّدَقة من التَّمْرِ : الجُعْرُورِ ، ولَوْنِ الحُبَيْقِ» الجُعْرُورُ : تَمْرٌ رَدِيءٌ.
وقال الأَصمعيّ : هو ضَرْبٌ من الدَّقَل يَحْمِلُ شيئاً صِغاراً (٧) ، لا خَيرَ فيه ، ولَوْنُ الحُبَيْقِ مِن أَرْدَإِ التُّمْرانِ أَيضاً.
وأَبو جِعْرَانَ : بالكسر : الجُعَلُ عامَّةً ، وقيل : ضَرْبٌ من الجِعْلان.
وأُمُّ جِعْرَانَ : الرَّخَمَةُ ، كلاهما عن كُراع.
وفي الحديث : «أَنه صَلَى الله عليه وسلّم نَزَلَ الجِعْرَانَةَ» وتَكَرَّر ذِكْرُها في الحديث ، وهو بكسرِ الجِيمِ وسُكُونِ العَيْنِ وتخفيفِ الرّاءِ ، وقد تُكْسَرُ العَيْنُ وتُشَدَّدُ الرّاءُ ، أَي مع كَسْرِ العَيْنِ وأَما الجِيمُ فمكسورَةٌ بلا خلاف ، واقتصرَ على التَّخْفِيفِ في البارِعِ ، ونقلَه جماعةٌ عن الأَصمعيّ ، وهو مضبوطٌ كذلك في المُحكَم ، وقال الإِمامُ أَبو عبدِ اللهِ محمّدُ بنُ إِدريسَ الشَّافِعِيُّ رضيَ الله عنه : التَّشْدِيدُ خَطَأٌ ، وعبارة العُباب : وقال الشافعيُّ : المحدِّثون يُخْطِئُون في تشديدها ، وكذلك قال الخَطّابيُّ. ونَقَلَ شيخُنا عن المَشَارِق للقاضِي عِياضٍ : الجعرانة ؛ أَصحابُ الحديثِ يقولُونه بكسر العينِ وتشديدِ الراءِ ، وبعضُ أَهلِ الإِتقان والأَدب يقولُونَه بتخفيفها ، ويُخَطِّئُون غيرَه. وكلاهما صوابٌ مسموعٌ (٨) ؛ حَكَى القاضي إِسماعِيلُ بنُ إِسحاقَ عن عليِّ بنِ المَدِينِيِّ : أَن أَهلَ المدينةِ يقولُونه فيها وفي الحُدَيْبِية بالثَّتْقِيلِ ، وأَهلَ العراق
__________________
(١) عن التهذيب ، وبالأصل «كثير».
(٢) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : لكثرة أكله ، المناسب لتذكير الضمير تأخير هذا بعد قوله : كما يقال فلان الخ كما صنع في اللسان أو تأنيث الضمير».
(٣) في القاموس : «رُوغي» بالغين المعجمة. وفي اللسان «روغ» : وراغ الثعلب ، وفي المثل : «رُوغي جعار ..» فكالقاموس.
(٤) كذا وردت «بالباء» هنا وفي الشرح. وصححها محقق المطبوعة الكويتية ، في الموضعين ، «الدرحاية» بالياء.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : الجفراء ، الأولى «الخبراء» كما في اللسان ، وهو الذي يقتضيه أيضاً تعبير المصنف بها».
(٦) وفي القاموس : «والجُعْرورُ» بالراء ومثله في اللسان.
(٧) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : شيئاً صغاراً ، عبارة ابن منظور : رطباً صغاراً ، وهي الأنسب للوصف بالجمع» وفي النهاية «رطباً» وفي التهذيب فكالأصل.
(٨) قال ياقوت في معجمه بعد إيراده للروايتين : والذي عندنا أنهما روايتان جيدتان.