يَحْدُرُ فيه نارَ جَهَنَّمَ إِذا شَرِبَ في (١) آنِيَةِ الذَّهَبِ ، فجَعَلَ شُرْبَ الماءِ وجَرْعَه جَرْجرَةً ؛ لصوت وقُوع الماءِ في الجَوْف عند شِدَّةِ الشُّرْبِ ، وهذا كقوْلِ اللهِ عَزَّ وجَلّ : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً) (٢) فجَعَلَ آكِلَ مالِ اليَتِيمِ مثلَ آكِل النار ؛ لأَن ذلك يُؤَدِّي إِلى النار.
وجَرْجَرَه الماءَ : سَقَاه إِيّاه على تلك الصِّفة ، وفي بعض الأُصول : الصُّورة (٣) ، بدلَ الصِّفَة ، قال جرِيرٌ :
وقد جَرْجَرَتْه الماءَ حتى كأَنَّهَا |
|
تُعالِجُ في أَقْصَى وِجَارَيْنِ أَضْبُعَا |
يَعْنِي بالماءِ هنا المنِيَّ ، والهاءُ في جَرْجَرَتْه عائدةٌ إِلى الحَياءِ.
وانْجَرَّ الشيءُ : انْجَذَب.
ويقال : جَارَّه مُجَارَّةً (٤) : ماطَلَه ، أَو حاباه ، ومنهالحديثُ : «لا تُجَارَّ أَخاكَ ولا تُشَارَّه» ؛ أَي لا تُماطِلْه ، مِن الجَرِّ وهو أَن تَلْوِيه بحَقِّه ، وتَجُرَّه مِن مَحِلِّه إِلى [وَقْتٍ] (٥) آخَرَ ، وقيل : أَي لا تَجْنِ (٦) عليه وتُلْحِقْ به جَرِيرَةً ، ويُرْوَى بتخفيفِ الرّاءِ ؛ أَي من الجَرْي والمُسابَقَة ، أَي لا تُطاوِلْه ولا تُغالبْه.
ومِن المَجاز : يقال : اسْتَجْرَرْتُ له ، أَي أَمْكَنْتُه مِن نَفْسِي فانْقَدْتُ له ، أَي كأَنِّي صِرتُ مَجْرُوراً.
والجُرْجُورُ بالضمّ : الجَماعة من الإِبل.
وقيل : الجُرْجُورُ مِن الإِبل : الكَرِيمة ، وقيل : هي العِظَام منها ، قال الكميْت :
ومُقلٍّ أَسَقْتمُوه فأَثْرَى |
|
مِائَةً مِن عَطائكم جُرْجُورَا |
وجَمْعُهَا جَراجِرُ ـ بغير ياءٍ ـ عن كراع ، والقِياسُ يُوجِبُ ثَباتها.
ومِائَةٌ مِن الإِبل جُرْجُورٌ ، بالضمّ ، أَي كاملةٌ.
وأَبو جَرِيرٍ رَوَى عنه أَبو وائِل وأَبو لَيْلَى الكِنْدِيُّ ، وقيل : جَرِيرٌ.
وجَرِيرٌ الأَرْقَطِ ، هكذا في النُّسَخ ، وصوابُه ابنُ الأَرْقطِ ، رَوَى عنه يَعْلَى بن الأَشْدق. وجرِيرُ بن عبدِ الله بنِ جابر وهو الشَّلِيل (٧) بن مالكِ بنِ نَضْرِ (٨) بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ جُشَم بنِ عَوْفٍ (٨) أَبو عَمْرٍو البجَلِيُّ ، رَوَى عنه قَيْسٌ ، والشَّعْبِيُّ ، وهَمّام بن الحارثِ ، وأَبو زُرْعَةَ حَفِيدُه ، وأَبو وائِلٍ. سَكَنَ الكوفَةَ ، ثم قَرْقِيسِيا ، وبها تُوفِّيَ بعدَ الخمسين. وجَرِيرُ بن عبدِ الله وقيل : ابن عبدِ الحَمِيد الحِمْيَرِيُّ ، سارَ مع خالدِ بنِ الوَلِيد إِلى العراق والشام مُجاهِداً. وجَرِيرُ بن أَوْسِ بنِ حارِثَةَ بن لامٍ الطائيُّ ، عَمُّ عُرْوةَ بنِ مُضَرِّسٍ ، صَحابِيُّون.
* وممّا يُستَدْرك عليه :
تَجِرَّةٌ : تَفْعِلةٌ من الجَرّ.
ومِن المَجَاز : جارُّ الضَّبُعِ : المَطَرُ الذي يَجُرُّ الضَّبُعَ عن وِجارِهَا مِن شِدَتَّه ، ورُبَّما سُمِّيَ بذلك السَّيْلُ العظيمُ ؛ لأَنه يجُرَّ الضِّباعَ من وُجُرِها أَيضاً. وقيل : جارُّ الضَّبُعِ : أَشدُّ ما يكون من المَطَر ؛ كأَنه لا يَدَعُ شيئاً إِلَّا جَرَّه. وعن ابن الأَعرابيِّ : يُقال للمَطَر الذي لا يَدَعُ شيئاً إِلَّا أَسَالَه وجَرَّه : جاءَنا جارُّ الضَّبُعِ ؛ ولا يجُرُّ الضَّبُعَ إِلّا سيْلٌ غالِبٌ. وقال شَمِرٌ : سمعْت ابن الأَعرابيِّ يقول : جِئْتكَ في مثْلِ مَجَرِّ الضَّبُّعِ ؛ يُريد السَّيْلَ قد خَرَقَ الأَرْضَ ، فكأَنَّ الضَّبُعَ قد جُرَّتْ فيه. وأَصابَتْنَا السماءُ بجَارِّ الضَّبُعِ. وأَوردَه الزَّمَخْشَرِيُّ أَيضاً في الأَساس بمثل ما تقدَّم.
والجَرُورُ ، كصَبُورٍ : الناقَة التي تَقَفَّصَ وَلَدُها فتوثَق يَداه إِلى عُنقه عند نِتَاجِه ، فيُجَرُّ بين يَدَيْهَا ، ويُسْتَلُّ فَصِيلَها فيُخَاف عَلَيْه أَن يَموت ، فيُلْبَسُ الخِرْقَةَ حتى تَعرفَها أُمُّه عليه ، فإِذا مات أَلْبَسُوا تلك الخِرْقَةَ فَصِيلاً آخرَ ، ثم ظَأَرُوها
__________________
(١) وردت في التهذيب هنا «من».
(٢) سورة النساء الآية ١٠.
(٣) وهي عبارة اللسان.
(٤) عن التكملة ، وبالأصل : «مجاررة» وعبارة التكملة : المُجارَّة : المماطلة.
(٥) زيادة عن النهاية.
(٦) بالأصل «لا تجني» وما أثبت عن النهاية.
(٧) عن أسد الغابة وجمهرة ابن حزم ص ٣٨٧ ، وبالأصل «السليل» بالسين المهملة.
(٨) في جمهرة ابن حزم ص ٣٨٧ : نصر ... عويف.