أَرْعنَ جَرّاراً إِذا جَرَّ الأَثَرْ
قولُه : «جرَّ الأَثر» يعْنِي أَنه ليس بقليلٍ ، تَسْتَبِينُ فيه آثاراً أَو فَجواتٍ.
ويقال : كَثُرَتْ بنَصِيبينَ الطَّيّاراتُ والجَرّاراتُ. الجَرَّارَةُ ، كجَبَّانَةٍ : عُقَيْرِبٌ (١) صفراءُ صغيرةٌ على شَكْل التِّبْنَةِ ؛ سُمِّيَتْ [جَرَّارَةً] (٢) لأَنها تَجُرُّ ذَنَبَها ، وهي من أَخْبَث العَقَاربِ وأَقْتَلِها لمَن تَلْدغُه.
والجَرَّارَةُ : ناحِيَةٌ بالبَطِيحَةِ موصوفةٌ بكثرةِ السَّمَكِ.
والجِرْجِرُ والجِرْجيرُ ، بكسرهما ، الأَوّلُ عن الفَرّاءِ مُخَفَّف من الثانية : بَقْلَةٌ م ، أَي معروفةٌ كذا في الصّحاح ، وقال غيرُه : الجِرْجِرُ والجِرْجِيرُ : نَبتٌ منه بَرِّيٌّ وبُسْتَانِيٌّ ، وأَجْوَدُه البُسْتَانيُّ ، ماؤُه يُزِيلُ آثارَ القُرُوحِ ، وهو يُدِرُّ اللَّبَنَ ، ويَهْضِمُ الغِذاءَ.
ومِن المَجَاز : أَجَرَّه رَسَنَه ، إِذا تَرَكَه يَصنَعُ ما شاءَ ، وفي الأَساس : تَرَكَه وشَأْنَه ، وفي اللِّسَان : ومنه المثل : «أَجَرَّه جَرِيرَه» ؛ أَي خَلّاه وسَوْمَه.
ومِن المَجاز : أَجَرَّه الدَّيْنَ إِجْراراً : أَخَّرَه له.
ومِن المَجاز : أَجرَّ فلاناً أَغانِيَّه ، إِذا تابَعها ، وفي الأَساس : إِذا غَنّاكَ صَوْتاً ثم أَردفَه أَصواتاً مُتتابِعَةً. قلتُ : وهو مأْخوذٌ من قول أَبي زَيْد ، وأَنشدَ :
فلمَّا قَضَى منِّي القَضَاءَ أَجَرَّنِي |
|
أَغانِيَّ لا يَعْيَا بها المُتَرَنِّمُ |
وأَجَرَّ فلاناً : طَعَنه وتَرَكَ الرُّمْحَ فيه يَجُرُّه ، قال عنترةُ :
وآخَرُ منهمُ أَجْرَرْتُ رُمْحِي |
|
وفي البَجَليِّ مَعْبَلَةٌ وَقِيعُ |
وقال قُطْبَةُ بنُ أَوْس :
ونَقِي بصالِح مالنا أَحسابَنا |
|
ونَجُرُّ في الهَيْجَا الرِّماحَ ونَدَّعِي |
وفي حديث عبدِ الله قال : «طَعَنْت مُسَيْلِمَةَ ومَشَى في الرُّمْح ، فنادَانِي رَجلٌ أَنْ أَجْرِرْه الرُّمْحَ. فلم أَفهمْ ، فنادانِي أَن أَلْقِ الرُّمْحَ مِن يَدَيْكَ» ؛ أَي اتْرُكِ الرُّمْحَ فيه. يقال : أَجْرَرْتَ الرُّمْحَ (٣) ، إِذَا طَعَنْتَه به فمشَى (٤) ، كأَنكَ جَعَلْتَه يَجُرُّه.
والمُجِرُّ ، كمُلمٍّ : سَيفُ عبدِ الرّحمن بن سُراقَةَ بن مالِكِ بنِ جُعْشُم المُدْلِجيِّ الكِنانِيِّ.
وذو المَجَرِّ ، كمحَطٍّ : سيفُ عُتَيْبَةَ بنِ الحارثِ ابنِ شهاب ، نقلَهما الصَّاغانيُّ.
والجَرْجَرَةُ : تَرَدُّدُ هَدِيرِ الفَحْلِ ، وهو صَوْتٌ يُرَدِّدُه البعيرُ في حَنْجَرتِه قال الأَغلبُ العِجْلِيُّ يَصفُ فَحْلاً :
وَهُوَ إِذا جَرْجَرَ بعدَ الهَبِّ |
|
جَرْجرَ في حَنْجَرَةٍ كالحُبِّ |
وهامَةٍ كالمِرْجل المُنْكبِّ
والجَرْجَرَةُ : صَوتُ صبّ الماءِ في الحَلْق ، وقال ابنُ الأَثير : هو صَوتُ وُقُوعِ الماءِ في الجَوْف ، كالتَّجَرْجُرِ وقيل : التَّجَرْجُرُ أَن تَجْرَعَه أَي الماءَ جَرْعاً مُتَدارِكاً حتى يُسْمَعَ صَوتُ جَرْعهِ ، وكذلك الجَرْجَرَةُ ، يقال : جَرْجَرَ فلانٌ الماءَ ، إِذا جَرَعَه جَرْعاً مُتواتِراً له صَوتٌ. وفي الحديث : «الذي يَشْرَبُ من (٥) إِناءِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ إِنّمَا يُجَرْجِرُ في بطْنِه نار جَهَنَّمَ» أَي يَحْدُرُ ، فجعلَ الشُّرْبَ والجَرْعَ جَرْجَرةً ، قال الزَّمَخْشَرِيُّ : ويُرْوَى برفعِ النارِ ، والأَكثرُ النَّصبُ ، قال : وهو مَجازٌ ؛ لأَن نارَ جهنمَ على الحقيقةِ لا تُجَرْجِرُ في جَوْفِه ، وإِنما شبَّهَها بجَرْجَرَة البعيرِ ، هذا وَجْهُ رَفْعِ النار ، ويكون قد ذَكَّرَ يُجَرْجِرُ بالياءِ للفَصْل بينه وبين النّار ، وأَما على النَّصْب فالشاربُ هو الفَاعِلُ ، والنَّارُ مفعولُه ، فالمعنى كأَنما يجْرَعُ نارَ جَهَنَّمَ.
وقد جَرجَرَ الشَّرَابُ في حَلْقه ، إِذا صَوَّتَ. وأَصلُ الجَرْجَرةِ الصَّوْتُ ، قاله أَبو عَمْرو (٦). وقال الأَزهريُّ : أَرادَ بقوله في الحديث : «يُجَرْجِرُ في جَوْفهِ نارَ جهنّمَ» ؛ أَي
__________________
(١) في اللسان : عقرب ، وفي التهذيب : عقيربة.
(٢) زيادة عن التهذيب.
(٣) في النهاية : أجررته الرمح.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : فمشى كأنك ، عبارة اللسان : فمشى وهو يجرّه كأنك أنت جعلته الخ».
(٥) اللسان : «في الإناء الذهب ..» وفي التهذيب : في آنية الذهب ..
(٦) هو قول أَبي عبيد كما في التهذيب.