والاسْتِثْفارُ : إِدخَالُ الكَلْبِ ذَنَبَه بين فَخِذَيْه حتى يُلْزِقَه ببَطْنِه ، قال النّابغة :
تَعْدُو الذِّئابُ على مَنْ لا كِلابَ له |
|
وتَتَّقِي مَرْبِضَ المُسْتَثْفِرِ الحامِي |
وهو مَجازٌ ، ونَسَبَه الجوهريُّ إِلى الزِّبْرِقانِ بنِ بَدْرٍ ، وصَوَّبُوه. وفي الحديث : «أَنّ النبِيَّ صَلَى الله عليه وسلّم أَمَرَ المُسْتَحاضَةَ أَنْ تَسْتَثْفِرَ وتُلْجِمَ» ، إِذا غَلَبَهَا سَيَلَانُ الدَّمِ ؛ وهو أَنْ تَشُدَّ فَرْجَها بخِرْقَةٍ عَرِيضَةٍ ، أَو قُطْنَةٍ تَحْتَشِي بها ، وتُوثِقَ طَرَفَيْها في شَيْءٍ تَشُدُّه على وَسَطِها ، فتمنع سَيَلانَ الدَّمِ ، وهو مَأْخُوذٌ مِن ثَفَرِ الدّابّةِ ، ويحتمل أَن يكون مأْخوذاً من الثَّفْر ، أُرِيدَ به فَرْجُهَا وإِن كان أَصلُه للسِّباع. وأَنشدَ ابنُ الأَعرابيّ :
زِنْجِيَّةٍ كأَنَّهَا نَعامَهْ |
|
مُثْفَرَةٌ بِرِيشَتَيْ حَمَامَهْ |
أَي كأَنَّ أَسْكَتَيْهَا قد أُثْفِرَتَا بِرِيشَتَيْ حَمَامة.
وفي حديث ابنِ الزُّبَيْرِ في صفةِ الجِنِّ : «فإِذا نحن برجالٍ طِوالٍ كأَنَّهم الرِّماحُ مُسْتَثْفِرِين ثِيابَهم». قال : هو أَن يَدْخِلَ الرجلُ ثوبَه بين رِجْلَيْه ، كما يفعَلُ الكَلبُ بذَنَبِه.
ومِن المَجاز : ثَفَّرَه تَثْفِيراً ، وفي بعض النُّسَخِ : وثَفَرَه يَثْفِرُه : ساقَه مِن خَلْفِه ، كأَثْفَرَه. واقتصرَ على الأَخير في الأَساس (١) والتَّكْملة.
ومِن المَجَاز : أَثْفَرْتُه بَيْعَةَ سَوْءٍ ؛ أَي أَلْزَقْتُها (٢) باسْتِه.
وأَثْفَرَتِ العَنْزُ : بَيَّنَتِ الوِلادَةَ.
[ثقر] : التَّثَقُّرُ ، بالقاف بعد المُثَلَّثَة ، أَهملَه الجوهَرِيُّ.
وقال اللَّيْث : هو التَّرَدُّدُ والجَزَعُ ، وأَنشدَ :
إِذا بُلِيتَ بقِرْنٍ |
|
فاصْبِرْ ولا تَتَثَقَّرْ |
كذا في التَّكْمِلَة.
[ثمر] : الثَّمَرُ ، محرَّكَةً : حَمْلُ الشَّجَرِ. وفي الحديث : «لا قَطْعَ في ثَمَرٍ ولَا كَثَرٍ». قال ابن الأَثِير : الثَّمَرُ : هو الرُّطَبُ في رأْس النَّخْلَةِ ، فإِذا كثُرَ (٣) فهو التَّمْرُ ، والكَثَرُ : الجُمّارُ ، ويَقَعُ الثَّمَرُ على كلّ الثِّمَار ، ويَغْلِبُ على ثَمَر النَّخْلِ. قال شيخُنَا : وأَخَذَه مُلّا عليّ في نامُوسِه بتصرُّفٍ يَسيرٍ ، وقد انتقدوه في قوله : ويَغْلِبُ على ثَمَرِ النَّخْل ، فإِنه لا قائلَ بهذه الغَلَبَة ؛ بل عُرْف اللغةِ أَنَّ ثَمَرَ النَّخْلِ إِنما يُقال بالفَوْقِيَّة عند التَّجْرِيد كما يقال : العِنَبُ مثلاً ، والرُّمّانُ ، ونحوُ ذلك ؛ وإِنما يُطلَقُ على النَّخْل مُضَافاً ، كثَمَرِ النَّخْلِ مَثَلاً. والله أَعلم.
ومِن المَجَاز : الثَّمَرُ : أَنواعُ المال المُثَمَّرِ المُسْتَفَادِ ، عن ابن عَبّاس ، كذا في البَصَائر ، ويُخَفَّفُ ويُثَقَّلُ.
وقرأَ أَبو عمرو : وكانَ له ثُمْرٌ وفَسَّره بأَنواع المالِ (٤) ، كذا في الصّحاح.
وفي التهذيب : قال مُجَاهِد في قوله تعالى : (وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ) (٥) قال : ما كان في القرآن مِن ثُمُرٍ فهو المال ، وما كان مِن ثَمَرٍ فهو الثِّمار.
ورَوَى الأَزهريُّ بسَنَدِه ، قال : قال سَلّام أَبو المُنْذِر القاريء في قوله تعالى : (وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ) ، مفتوح ، جَمْع ثَمَرة ، ومَن قرأَ ثُمُر قال : مِن كلّ المالِ ، قال : فأَخبرتُ بذلك يُونُسَ فلم يَقْبله ؛ كأَنّهما كانا عنده سَواءً. كالثَّمَارِ ، كسَحابٍ ، هكذا في سائر النُّسَخ. قال شيخُنا : أَنْكَرَه جماعةٌ ، وقال قومٌ : هو إِشباعٌ وَقَعَ في بعض أَشعارِهم ، فلا يثْبتُ.
قلتُ : ما ذَكَره شيخُنَا مِن إِنكار الجماعةِ له ففي مَحَلِّه ، وما ذَكَرَ مِن وُقُوعه في بعض أَشعارِهم ، فقد وجدتُه في شِعر الطِّرِمّاح ، ولكنه قال : الثَّيْمَار ، بالثاءِ المفتوحةِ وسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ :
حتّى تَرَكْتُ جَنابَهم ذا بَهْجَة |
|
وَرْدَ الثَّرَى مُتَلَمِّعَ الثَّيْمَارِ |
الواحدَةُ ثَمَرَةٌ وثَمُرَةٌ ، كسَمُرَة ، الأَخير ذَكَرَه ابنُ سيدَه ، فقال : وحَكَى سيبَوَيْه في الثَّمَرِ : ثَمُرَةً (٦) كسَمُرَة ، وسَمُرٍ ،
__________________
(١) في الأساس : وأثغره : ساقه من روائه.
(٢) الأساس : ألزقوه باسته.
(٣) في النهاية : «كنز» وفي اللسان : «كبر» قال في القاموس : وزمن الكناز بالكسر أوان كنز التمر.
(٤) الصحاح : الأموال.
(٥) سورة الكهف الآية ٣٤.
(٦) في اللسان : ثمرة وجمعها ثَمُرٌ.