قال : ولا يُكَسَّرُ لقلَّة فَعُلَة في كلامهم ، ولم يَحْك الثَّمُرَةَ أَحدٌ غيرُه. وقال شيخُنَا : لما تعدَّد الواحدُ خالَفَ الاصطلاحَ ، وهو قولُه : وهي بهاءٍ. ج ثِمَارٌ مثلُ جَبَل وجِبَال ، وجج ، أَي جَمْعُ الجَمْع ، ثُمُرٌ مثلُ كِتاب وكُتُب ، عن الفَرّاءِ وججج أَي جَمْعُ جَمْع الجَمْع أَثْمَارٌ.
وقال ابن سيدَه : وقد يجوزُ أَن يكونَ الثُّمُرُ جَمْعَ ثَمَرَة ، كخَشَبَة وخُشُب ، وأَن لا يكونَ جَمْعَ ثِمَار ؛ لأَن بابَ خَشَبَة وخُشُب أَكثرُ من باب رِهَان ورُهُن ، قال : أَعْنِي أَنّ الجَمْعَ قليلٌ في كلامهم.
وقال الأَزهريُّ : سمعْتُ أَبا الهَيْثَم يقول : ثَمَرَةٌ ، ثم ثَمَرٌ ، ثم قُمُرٌ جَمْعُ الجَمْع ، وجَمْعُ الثُّمُر أَثْمَارٌ ، مثلُ عُنُق وأَعناق.
وأَما الثَّمَرَةُ فجمعُه ثَمَرَاتٌ ، مثلُ قَصَبَة وقَصَبَات ، كذا في الصّحاح والمصْباح (١).
وقال شيخُنَا : هذا اللَّفْظُ في مَراتب جَمْعه من غَرائب الأَشبَاه والنَّظَائِر ، قال ابنُ هِشَام في شرح الكعبيّة : (٢) ولا نَظِيرَ لهذا اللَّفْظِ في هذا الترتيب في الجُمُوعِ غيرُ الأَكَم ، فإِنّه مثلُه ؛ لأَن المفردَ أَكَمَةٌ ـ محَرَّكة ـ وجمعُه أَكَمٌ ـ محَرَّكة ـ وجمعُ الأَكَم إِكامٌ ، كثَمَرَة وثَمَر وثِمَار ، وجمعُ الإِكامِ ـ بالكسر ـ أُكُمٌ ، بضَمَّتَيْن كما قِيل ثِمارٌ وثُمُرٌ ، ككتاب وكُتُبٍ ، وجمعُ الأُكُمِ ـ بضمتَيْن ـ آكامٌ ، كثُمُر وأَثْمَارٍ ، ونظيرُه عُنُقٌ وأَعناقٌ ، وجمعُ الأَثْمَارِ والآكامِ أَثامِيرُ وأَكامِيمُ ، فهي سِتُّ مَرَاتِبَ لا تُوجَدُ في غير هذَيْن اللفظيْن ، والله أَعلم. والثُّمُرُ : الذَّهَبُ والفِضَّةُ ، حَكَاه الفارسيُّ ؛ يرفعُه إِلى مُجاهِدٍ في قوله عَزّ وجَلّ : وكان له ثُمُرٌ ، فيمن قَرَأَ به ، قال : وليس ذلك بمعروفٍ في اللُّغَة ، وهو مَجَازٌ.
والثَّمَرَةُ : الشَّجَرَةُ ، عن ثعلب.
والثَّمَرَةُ : جِلْدَةُ الرَّأْسِ ، عن ابن شُمَيْل.
ومِن المَجازِ : الثَّمَرَةُ مِن اللِّسَان : طَرَفُه وعَذَبَتُه ، تقول : ضَرَبَنِي فلانٌ بثَمَرَةِ لسانِه. وفي حديث ابنِ عَبّاس : «أَنه أَخَذَ بثَمَرَةِ لسانِه ، وقال : قُلْ خَيْراً تَغْنَمْ ، أَو أَمْسِكْ عن سُوءٍ فتَسْلَمْ» (٣). قال شَمِرٌ : يريد : أَخَذَ بطَرَفِ لسانِه. وقال ابنُ الأَثِير : أَي طَرَفه الذي يكونُ في أَسفلِه.
ومِن المَجَاز : الثَّمَرَةُ مِن السَّوْط : عُقْدَةُ أَطرافِه ؛ تَشْبِيهاً بالثَّمَرِ في الهيئةِ والتَّدَلِّي عنه ، كتَدَلِّي الثَّمَرِ عن الشَّجَرة ، كذا في البَصَائر للمصنِّف. وفي الحديث : «أَمَرَ عُمَرُ الجَلَّادَ أَن يَدُقَّ ثَمَرَةَ سَوْطِه» أَي لِتَلِينَ ؛ تخفيفاً على الذي يُضْرَبُ.
ومن المَجَاز : قُطِعَتْ ثَمَرَةُ فلانٍ ، أَي ظَهْرُه ، ويَعْنِي به النَّسْل. وفي حديث عَمْرو بن سعيد (٤) : «قال لمُعَاويةَ : ما تسأَلُ عَمَّن ذَبُلَتْ بَشَرَتُه ، وقُطِعَتْ ثَمَرَتُه» ؛ يَعْنِي نَسْلَه.
وقيل : انقطاع شَهْوَتِه للجِماع.
ومِن المَجَاز : الوَلَدُ ثَمَرَةُ القَلْبِ. وفي الحديث : «إِذا ماتَ وَلَدُ العَبْدِ قَال الله لملائكتِه : قَبَضْتُم ثَمَرَةَ فُؤادِه؟ فيقولون : نَعَمْ» ..
قيل للولدِ : ثَمَرَةٌ ؛ لأَنّ الثَمَرَةَ ما يُنْتِجُه الشَّجَرُ ، والوَلَدُ يُنْتِجُه الأَبُ. وقال بعض المُفَسِّرين في قوله تعالى : (وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ) (٥) أَي : الأَولادِ والأَحفادِ ، كذا في البصائِر.
وفي المُحْكَم : ثَمَرَ الشَّجرُ وأَثْمَرَ : صارَ فيه الثَّمَرُ. أَو الثّامِرُ : ما خَرَجَ ثَمَرُه. وعبارةُ المُحْكَم : الذي بَلَغَ أَوَانَ أَن يُثْمِرَ. والمُثْمِرُ : ما بَلَغَ أَنْ يُجْنَى. هذه عن أَبي حَنِيفَةَ ، وأَنشدَ :
__________________
(١) ما أثبت في الأصل هي عبارة المصباحَ ، وفي الصحاح : الثمرة : واحدة الثمر والثمرات.
(٢) عبارة ابن هشام وردت في شرحه للبيت :
سمر العجايات يتركن الحصى زيماً |
|
لم يقهن رؤوس الأكم تنعيل |
قال : الأُكُم بضمتين جمع إكام ككتب جمع كتاب ، والإكام جمع أكم كالجبال جمع جبل ، والأكم جمع أَكَمَة كالثَّمرَ جمع ثمرة ويجمع الأول وهو الأُكُم على آكام كما يقال : عُنُق وأعناق ، ونظيره جمع ثمرةٍ على ثَمَرٍ كشجرة وشجر وجمع ثَمَر على ثمار كجبال ، وجمع ثمار على ثُمُر ككتب ، وجمع ثُمُر على أثمار كأعناق ذكرهما الجوهري ، وحكي الثاني عن الفراء ولا أعرف لهما نظيراً في العربية.
(٣) في اللسان والتهذيب : تسلم.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله سعيد ، الذي في اللسان : مسعود ومثله في النهاية.
(٥) سورة البقرة الآية ١٥٥.