قال : مَثْغَراً : مَنْفَذاً ؛ أَي فأَقَمْنَ مكانَهُنَّ مِن فَمِه ، يقول : إِنّه لم يَتَّغِرْ فيُخْلِفَ سِنًّا بعد سِنٍّ كسائِرِ الحَيَوَانِ.
وثُغَرُ المَجْدِ : طُرُقُه ، واحدتُهَا ثُغْرَةٌ. وفي الأَساس : ومِن المَجَاز : هو يَخْتَرِقُ ثُغَرَ المَجْدِ : طُرُقَه مَسَالِكَه. انتهى.
ومنه الحديثُ : «بادِرُوا ثُغَرَ المَسجدِ» أَي طرائِقَه. وقيل : ثُغْرَةُ المسجدِ : أَعلاه. وفي حديث أَبي بَكْرٍ والنَّسّابَةِ : «أَمْكَنْتَ مِن سَواءِ الثُّغْرَةِ» ؛ أَي وَسَطِها.
[ثفر] : الثَّفْرُ ، بفتحٍ فسكونٍ ويُضَمُّ ، للسِّبَاعِ ولِذَوَاتِ المَخَالِبِ ، كالحَيَاءِ للنّاقَةِ ، وفي المُحْكَم : للشَّاة أَو هو مَسْلَكُ القَضِيبِ منها. وفي بعض الأُصُولِ المُعتَمدةِ : «فيها» بدل «منها» ، واستعارَه الأَخطلُ فجَعَلَه للبَقَرة ، فقال :
جَزَى الله فيها الأَعْوَرَيْنِ مَلَامَةً |
|
وفَرْوَةَ ثَفْرَ الثَّوْرَةِ المُتَضاجِمِ |
فَرْوَةُ : اسمُ رجلٍ ، ونصب الثَّفْر على البَدَل منه ، وهو لَقَبُه ، كقولُهم : عبدُ الله قُفَّةُ ، وإِنّمَا خفض المتضاجِم وهو المائِل ، وهو مِن صفة الثَّفْر على الجِوَار ، كقولك : جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ. واستعارَه الجَعْدِيُّ أَيضاً للبِرْذَوْنَة ، فقال :
بُرَيْذِينَةٌ بَلَّ البَراذِينُ ثَغْرَهَا |
|
وقد شَرِبَتْ مِن آخرِ الصَّيْفِ إِيَّلَا |
واستعارَه آخَرُ فجَعَله للنَّعْجَة ، فقال :
ومَا عَمْرُو إِلَّا نَعْجَةٌ ساجِسِيَّةٌ |
|
تُخَزَّلُ تحتَ الكَبْشِ والثَّفْرُ وارِدُ |
ساجِسِيَّةٌ : غَنَمٌ منسوبةٌ ، وهي غَنَمٌ شَامِيَّةٌ حُمْرٌ صِغَارُ الرُّؤُوسِ.
واستعارَه آخَرُ للمرأَة ، فقال :
نحنُ بَنُو عَمْرَةَ في انْتِسابِ |
|
بِنْتِ سُوَيْدٍ أَكْرَمِ الضِّبَابِ |
جاءَتْ بِنَا مِن ثَفْرِهَا المُنْجَابِ
وقيل : الثُّفْرُ والثَّفْرُ للبَقَرَةِ أَصْلٌ لا مُسْتَعار.
والثَّفَرُ ، بالتَّحْرِيك : ثَفَرُ الدّابَّةِ. قال ابنُ سِيدَه : هو السَّيْرُ الذي في مُؤَخَّرِ السَّرْجِ. وثَفَرُ البَعِيرِ والحِمَار والدَّابَةِ مُثَقَّلٌ ، قال امْرُؤُ القَيْسِ :
لا حِمْيَرِيٌّ وَفَى ولا عُدَسٌ |
|
ولا اسْتُ غَيْرٍ يَحُكُّهَا ثَفَرُهْ |
وقد يُسَكَّنُ للتَّخْفِيف.
وأَثْفَرَه ، أَي البَعِيرَ أَو الحِمَارَ : عَمِلَ له ثَفَراً أَو شَدَّه به. وعلى الأَخير اقتصرَ في الأَساس (١).
والمِثْفَارُ ، كمِحْرَابٍ ، مِن الدَّوابِّ : التي تَرْمِي بسَرْجِهَا إِلى مُؤَخَّرِهَا.
ومِن المَجاز : المِثْفَارُ : الرَّجلُ المَأْبُون ، كالمِثْفَرِ ، وهو ثَنَاءٌ قَبِيحٌ ونَعْتُ سَوْءٍ. وفي المُحْكَم : وهو الذي يُؤْتَى.
وفي الأَساس : قيل : أَبو جَهْلٍ كان مِثْفاراً ، وكُذِّبَ قائِلُه. قال شيخُنَا : كأَنَّه لشِدَّة الأُبْنَةِ به ومَيْلِه إِلى الفِعْل به صار كمَنْ يَطْلُبُ ما يُرْمَى في مُؤَخَّرِه ؛ فهو مأْخُوذٌ مِن الثَّفَر بمعنَى المِثْفَارِ ، بصيغةِ المُبَالغة ؛ لكثرةِ شَبَقِه ، وهذا الداءُ ـ والعِياذُ بالله ـ مِن أَعظمِ الأَدْواءِ ، وكثيراً ما يكونُ للأَكابر والأَعيان وأَهل الرَّفاهِيَةِ ؛ لمَيْلِهم إِلى ما يَلِينُ تحتَهم ؛ ولذلك يُسَمَّى داءَ الأَكابرِ.
ورَوَى أَبو عُمر الزّاهِدُ في أَمالِيه ، عن السَّيّارِيِّ ، عن أَبي خُزَيمةَ الكاتبِ ، قال : ما فَتَّشْنَا أَحداً فيه هذا الداءُ إِلّا وجدناه ناصِباً.
وروى بسَنَدِه : أَنَّ جعفَراً الصّادِقَ ـ رضياللهعنه ـ سُئِلَ عن هذا الصِّنْفِ مِن الناس ، فقال : رَحِمٌ مَنْكُوسَةٌ يُؤْتَى ولَا يَأْتِي. وما كانَتْ هذه الخَصْلةُ في وَلِيٍّ لله قطّ ، وإِنما تكونُ في الكُفّار والفُسّاق ، والنّاصب للطّاهِرِين.
والاسْتِثْفَارُ : أَنْ يُدْخِلَ الإِنسانُ إِزارَه بين فَخِذَيْه مَلْوِيًّا ثم يُخْرِجَه. والرجل يَسْتَثْفِرُ بإِزارِه عند الصِّراع ، إِذا هو لَوَاه على فَخِذَيْه ، فشَدَّ طَرَفَيْه في حُجْزَتِه (٢) ، وزاد ابنُ ظفرٍ في شرح المَقَاماتِ : حتى يكونَ كالتُّبّانِ. وقد تقدَّم أَنّ التُّبّانَ هو السَّراوِيلُ الصغيرُ ، لا ساقَيْن له. وفي الأَساس : ومِن المَجاز : اسْتَثْفَرَ المُصارِعُ : رَدَّ طَرَفَ ثَوْبِه إِلى خلفهِ ، فغَرَزَه في حُجْزَتِه. ومثلُه كلامُ الجوهَرِيِّ وابنِ فارِس.
__________________
(١) كذا بالأصل ، وفي الأساس : أثغر الدابة ولم يفسرها. واقتصر في الصحاح على الأخير ، ولعله وقع سهواً الأساس.
(٢) بالأصل «في حجزه» وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله : في حجزه ، كذا بخطه والمطبوعة ، ولعله : في حجزته ، كما في اللسان ، وسيأتي له قريباً» وهذا ما أثبتناه. وفي التهذيب أيضاً : في حجزته.