ثَوْبَكَ في تَنُّورِ أَهْلِكَ ، أَو تحتَ قِدْرِهم ، كان خيراً» ، فذَهَب وأَحرقَه. وقال ابن الأَثِير : وإِنما أَرادَ أَنَّكَ لَو صَرَفْتَ ثَمَنَه إِلى دَقِيقٍ تَخْبِزُه ، أَو حَطَبٍ تَطْبُخُ به ، كان خيراً لك ؛ كأَنّه كَرِهِ الثَّوْبَ المُعَصْفَرَ.
وصانِعُه تَنّارٌ ، كشَدّادٍ (١).
وقال أَحمدُ بنُ يَحْيَى : التَّنُّورُ تَفْعُولٌ من النّار ، قال ابن سِيدَه : وهذا من الفَسَاد بحيثُ تراه ؛ وإِنما هو أَصْلٌ لم يُستَعمَلْ إِلّا في هذا الحَرْفِ وبالزِّيادة.
وفي التَّنْزِيلِ العَزِيز : (حَتّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ) (٢) ، قال عليٌّ كَرَّم الله وجهَه : هو وَجْهُ الأَرضِ ، ومثلُه وَرَدَ عن ابن عَبّاس رضياللهعنه ما وكلُّ مَفْجَرِ ماءٍ تَنُّورٌ. وقال قَتَادَةُ : التَّنُّورُ أَعْلَى الأَرضِ وأَشرفُهَا ، وكان ذلك علامةً له ، وكان مُجاهدٌ يَذهبُ إِلى أَنّه تَنُّورُ الخابِزِ.
والتَّنُّورُ : مَحْفَلُ ماءِ الوادِي ، وتَنَانِيرُ الوادِي : مَحافِلُه ، وقال أَبو إِسحاق : أَعْلَمَ الله سُبحانَه وتعالَى أَن وَقْتَ هلاكِهِم فَوْرُ التَّنُّورِ.
وقيل فيه أَقوالٌ ، قيل : التَّنُّورُ : وَجْهُ الأَرْضِ ، ويقال : أَرادَ أَنَّ الماءَ إِذا فارَ مِن ناحِيَةِ مَسْجِدِ الكُوفَةِ ، وقيل : إِنّ الماءَ فارَ مِن تَنُّورِ الخابِزَةِ ، وقيل : التَّنُّورُ تَنْوِيرُ الصُّبْحِ.
ورُوِيَ عن ابن عَبّاسٍ ، قال : التَّنُّورُ (٣) : جَبَلٌ بالجَزِيرة قُرْبَ المَصِيصَةِ ، وهي عَيْنُ الوَرْدَةِ (٤). والله أَعلمُ بما أَرادَ ، وهذا الجَبَلُ يَجْرِي نَهرُ جَيْحَانَ تحتَه.
ورُوِيَ عن عليٍّ رضيَ الله عنه أَيضاً أَنه قال : أَي وطَلَعَ الفَجْرُ.
يذهب إِلى أَنّ التَّنُّورَ الصُّبْحُ.
وقال الهَرَوِيُّ في الغَرِيبَيْنِ : قيل : هو في الآيةِ عَيْنُ ماءٍ معروفةٌ ، وقيل : هو المَخْبَزُ ، وافَقَتْ فيه لغةُ العَجَمِ لُغَةَ العربِ ، وجَزَمَ في المِصْباح نَقْلاً عن أَبي حاتِمٍ أَنّه ليس بعربيٍّ صحيح.
قال شيخُنا : وأَمّا ما ذَكَرُوه من كَوْنِ التَّنُّورِ مِن نارٍ أَو نُورٍ ، وأَن التاءَ زائدةٌ فهو باطِلٌ ، وقد أَوضَحَ بيانَ غَلَطِه ابنُ عُصْفُورٍ في كتابه المُمْتِع وغيره ، وجَزَم بغَلَطِه الجماهير.
وذاتُ التَّنَانِيرِ : عَقَبَةٌ بحِذاءِ زُبَالَةَ ، ممّا يَلِي المَغْرِبَ منها ، قاله الأَزهريُّ ، وأَنشدَ قولَ الرّاعِي :
فلمّا عَلَا ذاتَ التَّنَانِيرِ غُدْوَةً |
|
تَكَشَّفَ عن بَرْقٍ قَلِيلٍ صَوَاعِقُهْ (٥) |
وتُنَيْنِيرُ ، بالتَّصْغِير ، العُلْيَا والسُّفْلَى : قَرْيَتَانِ بالخابُور ، نقلَه الصّاغانيُّ.
وتَنِيرَةُ ، كحَلِيمَةَ : ة بالسَّوادِ ، نقلَه الصّاغانيُّ.
* وممّا يُسْتدرَكُ عليه :
أَبو بكرٍ محمّدُ بنُ عليٍّ التَّنُّورِيُّ ، سَمِعَ أَبا الحَسَنِ المَلَطِيّ ، وأَبا جعفرِ بنِ المسلمة ، وحَدَّثَ بشيْءٍ يَسِيرٍ ، وذَكَرَه أَبو الفَضْل بنُ ناصر فأَثْنَى عليه.
وأَبو مُعاذٍ أَحمدُ بنُ إِبراهيمَ الجُرْجانِيُّ التَّنُّورِيُّ ، ثِقَةٌ.
[تور] : التَّوْرُ : الجَرَيانُ ، قيل : ومنه سُمِّيَ التَّوْرُ للإِناء لأَنَّه يُتَعَاوَرُ (٦) ، به ويُرَدَّدُ (٧) ، كما حَقَّقه الزَّمَخْشَرِيُّ في الأَساس ، أَي فهو من معنَى الجَرَيانِ.
والتَّوْرُ : الرَّسُولُ بين القومِ ، عربيٌّ صَحِيحٌ ، قال :
والتَّوْرُ فِيما بَيْنَنَا مُعْمَلُ |
|
يَرْضَى به الآتيّ والمُرْسِلُ |
قيل : ومنه سُمِّيَ التَّوْرُ للإِناءِ.
والتَّوْرُ : إِناءٌ صغيرٌ ، وعليه اقتَصر الزَّمَخْشَرِيُّ ، في الأَساس ، قيل : هو عربيٌّ ، وقيل : دَخِيلٌ. وفي التَّهْذِيب : التَّوْرُ إِناءٌ معروفٌ يُشْرَبُ فيه ، مُذَكَّرٌ ، وفي حديث أُمِّ سُلَيْمٍ : «أَنَّهَا صَنَعَتْ حَيْساً في تَوْرٍ» ، هو إِناءٌ من صُفْرٍ (٨) ، كالإِجّانَةِ ، وقد يُتَوَضَّأُ منه.
قال الزَّمَخْشَرِيُّ : ومررتُ ببابِ العُمْرَةِ على امرأَةٍ تقولُ لجارَتِها : أَعِيرِينِي تُوَيْرَتَكِ.
__________________
(١) في التكملة : التنَّار صاحب التّنور وصانعه.
(٢) سورة هود الآية ٤٠.
(٣) عن التهذيب ، وبالأصل «التنوير».
(٤) في التهذيب واللسان : عينُ الوردِ.
(٥) ديوانه ص ١٨٥ وفيه «صوبه» بدل «غدوة» وانظر فيه تخريجه.
(٦) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : يتعاور به ، الذي في الأساس حذف : به».
(٧) عن الأساس ، وبالأصل «ويردّ».
(٨) في اللسان : من صُفرٍ أو حجارةٍ.