وفي بعض النُّسَخِ : الفاتِكَة ، وضَرْبَةٌ بِكْرٌ : لا تُثَنَّى ، وفي الحديث : «كانت ضَرَباتُ عليٍّ ـ كرَّمَ الله وجهَه ـ أَبكاراً ، إِذا اعتلَى قَدّ ، وإِذا اعترضَ قَطّ» ، وفي رواية : «كانَت ضَرَباتُ عليٍّ مُبْتَكَرَاتٍ لا عُوناً» ، أَي أَنّ ضَرْبَتَه كانت بِكْراً تَقْتُل بواحِدَةٍ منها ، لا يحتاج أَن يُعِيدَ الضَّرْبَةَ ثانياً ، والمراد بالعُون المُثنّاة.
والبُكْرُ بالضَّمّ ، والبَكْرُ بالفتح : وَلَدُ النّاقَةِ ، فلم يُحَدَّ ولا وُقِّت ، أَو الفَتِيُّ منها ؛ فمَنْزِلَتُه من الإِبل منزلةُ الفَتِيِّ من الناس ، والبكْرَةُ بمنزلةِ الفَتَاةِ ، والقَلُوصُ بمنزلةِ الجارِيَةِ ، والبَعِيرُ بمنزلة الإِنسانِ ، والجَمَلُ بمنزلةِ الرجلِ ، والناقةُ بمنزلةِ المرأَةِ ، أَو الثَّنِيُّ منها إِلى أَن يُجْذِعَ ، أَو ابنُ المَخَاضِ إِلى أَن يُثْنِيَ ، أَو هو ابنُ اللَّبُونِ والحِقُّ والجَذَعُ ، فإِذا أَثْنَى فهو جَمَلٌ ، وهو بَعِيرٌ حتى يَبْزُلَ ، وليس بعدَ البازِل سِنٌّ تُسَمَّى (١) ، ولا قَبلَ الثَّنِيِّ سِنٌّ تُسَمَّى. قال الأَزهريُّ : هذا قولُ ابنِ الأَعْرابِيِّ وهو صحيحٌ ، وعليه شاهدتُ كلامَ العربِ. أَو هو الذي لم يَبْزُلْ ، والأُنْثَى بكْرَةٌ ، فإِذا بَزَلَا فجَمَلٌ وناقةٌ ، وقيل في الأُنثَى أَيضاً : بِكْرٌ ، بلا هاءٍ.
وقد يُستعارُ للناسِ ، ومنهحديثُ المُتْعَةِ : «كأَنها بَكْرَةٌ عَيْطَاءُ» ، أَي شابَّةٌ طَوِيلَةُ العُنُقِ في اعتدالٍ.
قال شيخُنَا : والضَّمُّ الذي ذَكَرَه في البِكْر بالمعانِي السابقة ، لا يكادُ يُعرَفُ في شيْءٍ من دَواوِين اللغةِ ، ولا نقلَه أَحدٌ مِن شُرّاح الفَصِيح ، على كَثْرَة ما فيها من الغَرَائب ، ولا عَرَّجَ عليه ابنُ سِيدَه ، ولا القَزّازُ ، مع كثرة اطِّلاعِهما وإِيرادِهما لشواذِّ الكلامِ ، فلا يُعْتَدُّ بهذا الضَّمِّ.
قلتُ : وقد نُقِلَ الكسرُ عن ابن سِيدَه في بَيْتِ عَمْرِو بنِ كُلْثُوم ، فيكونُ بالتَّثْلِيثِ كما سيَأْتِي قريباً.
ج في القِلَّة أَبْكُرٌ ، قال الجوهريُّ : وقد صَغَّرَه الراجزُ : وجَمَعَه بالياءِ والنُّونِ فقال :
قد شَرِبَتْ إِلَّا الدُّهَيْدِ هِينَا |
|
قُلَيِّصاتٍ وأُبَيْكِرِينَا |
وقال سِيبوَيْه : هو جمعُ الأَبكُرِ كما تَجمَع الجُزُرَ والطُّرُقَ ، فتقول : طُرُقَاتٌ وجُزُراتٌ ، ولكنَّه أَدْخَلَ الياءَ والنُّونَ ، كما أَدخلَها في «الدُّهَيْدهِين».
والجَمْعُ الكثيرُ بُكْرانٌ بالضَّمِّ ، وبِكَارٌ بالكسر ، مثل فَرْخ وفِراخ ، قاله الجوهَريُّ. وَبِكَارَةٌ ، بالفتحِ والكسرِ ، مثلُ فَحْلٍ وفِحَالَةٍ ، كذا في الصّحَاح ، والأُنْثَى بَكْرَةٌ ، والجمعُ بِكَارٌ ، بغير هاءٍ ، كعَيْلَةٍ وعِيَالٍ ، وقال ابن الأَعرابيِّ : البِكَارَةُ للذُّكُور خاصّةً ، والبِكَارُ ـ بغير هاءٍ ـ للإِناثِ.
وفي حديث طَهْفَةَ : «وسَقَطَ الأُمْلُوجُ من البِكَارة» ، وهي بالكسر جَمْعُ البَكْرِ بالفتح ؛ يُرِيدُ أَن السِّمَن (٢) الذي قد عَلَا بِكَارَةَ الإِبلِ بما رَعَتْ من هذا الشَّجَرِ قد سَقَطَ عنها ، فسَمَّاه باسمِ المَرْعَى ؛ إِذْ كان سَبَباً له ، وقال ابن سِيدَه في بيت عَمْرِو بنِ كُلْثُومٍ :
ذِرَاعَيْ عَيْطَلٍ أَدْمَاءَ بَكْرٍ |
|
غَذَاهَا الخَفْضُ لم تَحْمِلْ جَنِينَا |
أَصحُّ الرِّوايَتَيْن «بِكْر» بالكسر ، والجمعُ القَلِيلُ من ذلك أَبكارٌ. قلتُ : فإِذاً هو مُثَلَّثٌ.
ومن المَجَاز : البَكَرَاتُ مُحَرَّكَةً : الحَلَقُ التي في حِلْيَة السَّيْفِ ، شبيهةٌ بفَتَخِ النِّسَاءِ.
والبَكَراتُ : جِبالٌ شُمَّخٌ عند ماءٍ لِبَنِي ذُؤَيْبٍ ، كذا في النُّسَخ ، والصَّوَابُ لبني ذُؤَيْبَةَ. كما هو نَصُّ الصَّاغانيِّ ، وهم من الضِّباب ، يُقال له : البَكْرَةُ بفتح فسكون.
والبَكَرَاتُ : قارَاتٌ سُودٌ بِرَحْرَحانَ ، أَو بطريقِ مَكَّةَ شَرَّفَها الله تعالَى ، قال امْرُؤُ القَيْس :
غَشِيتُ دِيَارَ الحَيِّ بالبَكَرَاتِ |
|
فعارِقةٍ (٣) فبُرْقَةِ العِيَرَاتِ |
وَالبَكْرَتانِ : هَضْبتَانِ حَمْرَاوانِ لِبَنِي جَعْفَر بنِ الأَضْبَطِ ، وفيهما ماءٌ يُقال له : البَكْرَةُ أَيضاً ، نقلَه الصّاغانيّ.
وبَكّار ككَتّانٍ : ة قُرْبَ شِيرازَ ، منها : أَبو العَبّاسِ عبدُ اللهِ بنُ محمّدِ بن سليمانَ الشِّيرَازِيّ ، حَدَّثَ عن إِبراهيمَ
__________________
(١) بالأصل «يسمى» والصواب ما أثبت لأن نائب الفاعل ضمير عائد على المؤنث.
(٢) عن النهاية وبالأصل «الثمن».
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : فعارقة ، كذا بخطه والذي في النسخة المطبوعة : فعاربة وليحرر» وفي معجم البلدان والديوان «فعارمة».