عن التَّبَقُّرِ في الأَهْل والمالِ ، قال أَبو عُبَيْد : قال الأَصمعيّ : يُرِيدُ الكَثْرَةَ والسَّعَة ، قال : وأَصلُ التَّبَقُّرِ التَّوَسُّعُ والتَّفَتُّحُ ، ومنه قيل : بَقَرْتُ بَطْنَه ، إِنَّمَا هو شَقَقْتُه وَفَتَحْتُه ، ومنهحديثُ أُمِّ سُلَيْمٍ : «إِنْ دَنَا منِّي أَحدٌ من المُشْرِكين بَقَرْتُ بَطنَه». وَبَيْقَرَ الرجلُ : هَلَكَ. وبَيْقَرَ : فَسَدَ ، وفي بعض النُّسَخ : أَفْسَدَ ، وكلتاهما صَحِيحتان ، وعلى الأُولى فَسَّرُوا قولَه:
يا مَنْ رَأَى النُّعْمَانَ كان حِيَرَا |
|
فَسُلَّ مِنْ ذلك يَوْمَ بَيْقَرَا |
أَي يومَ فَسَادٍ ، قال ابن سِيدَه : هذا قولُ ابنِ الأَعرابيِّ جَعَلَه اسماً ، قال : ولا أَدرِي لتَرْكِ (١) صَرْفِه وَجْهاً إِلّا أَن يُضَمِّنَه الضَّمِيرَ ، ويَجْعَلَه حِكايَةً ، ويُرْوَى : «يَوماً بَيْقَرَا» ، أَي يوماً هَلَكَ أَو فَسَدَ فيه مُلْكُه ، وعلى النُّسْخَة الثانِيةِ فَسَّرَ ابنُ الأَعرابيِّ قولَه :
وقد كان زَيْدٌ والقُعُودُ بأَرْضِه |
|
كرَاعِي أُناسٍ أَرْسَلُوه فَبَيْقَرَا |
وقوله : «كرَاعِي أُناسٍ» ، أَي ضَيَّعَ غَنَمَه للذِّئْب.
وبَيْقَرَ : مَشَى كالمُتَكَبِّرِ ، هكذا في النُّسَخ ، وفي اللِّسَان وغيرِه من الأُمَّهات : مَشَى مِشْيَةَ المُنَكِّسِ ، ولعلَّ ما في نُسَخ القاموس تَصْحِيف عن هذا ، فلْيُنْظَرْ.
وبَيْقَرَ الرجلُ : أَعْيَا وحَسَرَ ، وقال ابن الأَعرابيِّ : بَيْقَرَ ؛ إِذا تَحَيَّرَ ، يقال : بَقِرَ الكَلْبُ وَبَيْقَرَ ، إِذا رَأَى البَقَرَ فَتَحَيَّرَ ، كما يقال : غَزِلَ ، إِذا رَأَى الغَزالَ فَلَهَا.
وبَيْقَرَ ، إِذا شَكَّ في الشَّيْءِ. وبَيْقَرَ ، إِذا مَاتَ. وأَصلُ البَيْقَرَةِ الفَسَادُ.
وبَيْقَرَ الدّارَ ، إِذا نَزَلَهَا واتَّخَذها مَنْزِلاً ، عن أَبي عُبَيْدَةَ.
وبَيْقَرَ : نَزَلَ إِلى الحَضَر وأَقامَ هنالك ، وتَرَكَ قَومَه بالبادِيَةِ ، وخَصَّ بعضُهم به العِراقَ ، كما سيأْتي.
وبَيْقَرَ : خَرَجَ إِلى حيثُ لا يُدْرَى.
وبَيْقَرَ : أَسْرَعَ مُطَأْطِئاً رَأْسَه ، وهذا يُؤَيِّدُ ما في الأُصُول : مَشَى مِشْيَةَ المُنَكِّسِ ، كما تقدَّم ، قال المُثَقِّبُ العَبْدِيُّ ، ويُروَى لعَدِيِّ بنِ وَدَاعٍ :
فبَاتَ يَجْتَابُ شُقَارَى (٢) كمَا |
|
بَيْقَرَ مَنْ يَمْشِي إِلى الجَلْسَدِ |
وبَيْقَرَ : حَرَصَ بِجَمْعِ ـ وفي بعض الأُصول : «على جَمْعِ» ـ المالِ ومَنَعَه.
وبَيْقَرَ الفَرَسُ إِذا خَامَ (٣) بِيَدَهِ كما يَصْفِنُ بِرِجْلِه ، نُقِلَ ذلك عن الأَصمعيّ ، والخَوْمُ هو الصُّفُون ، كما سيأْتي.
وبَيْقَرَ : خَرَجَ من الشّام إِلى العِراقِ ، قال امرُؤُ القَيْس :
أَلَا هلْ أَتَاها والحَوَادِثُ جَمَّةٌ |
|
بأَنَّ امْرَأَ القَيْسِ بنَ تَمْلِكَ بَيْقَرَا |
وبَيْقَرَ : هَاجَرَ من أَرضٍ إِلى أَرضٍ ، ويقال : خَرَجَ من بلدٍ إِلى بلدٍ ، فهو مُبَيْقِرٌ ، وهو مّما أَلْحَقُوه بالمُصَغَّرَاتِ ، وليس بمُصَغَّر ، في أَلفاظ سَبَقَ ذِكرُهَا في ب ط ر. وقال السُّهَيْلِيُّ في الرَّوض : المُهَيْنِمُ والمُبَيْطِرُ والمُبَيْقِرُ لو صَغَّرْتَ واحداً من هذه الأَسَماءِ لَحَذَفْتَ الياءَ الزائدةَ ، كما تَحْذِفُ الأَلِفَ من مَفَاعِلَ ، ويَلحَقُ ياءُ التَّصْغِيرِ في مَوْضِعِها ، فيعودُ اللَّفْظُ إِلى ما كان ، فيقال في تَصْغِير : مُهَيْنِمٍ ومُبَيْطِرٍ : مُهنم ومُبطر (٤) ، وله في هذا المَقَام بحثٌ نَفِيسٌ فراجِعْه.
والبُقَّيْرَى ، كسُمَّيْهَى : لُعْبَة الصِّبْيَانِ ، وهي كَوْمَةٌ مِن تُرَابٍ وحَولَهَا خُطُوطٌ ، ذَكَرَه ابن دُرَيْدٍ.
وبَقَّرَ الصَّبِيُّ تَبْقِيراً : لَعِبَهَا يأْتُون إِلى مَوضعٍ قد خُبِّىءَ لهم فيه شييْءٌ ، فيَضْرِبُون بأَيْدِيهم بلا حَفْرٍ ، يَطْلُبُونه ، والذي في الجَمْهَرة لابنِ دُرَيْدٍ : بَيْقَرَ الصَّبِيُّ بَيْقَرَةً : لَعِبَ البُقَّيْرَى ، فهو مُبَيْقِرٌ. فانْظُرْه وتَأَمَّلْ.
والبَيْقَرَانُ : نَبْتٌ ، عن أَبي مالِكٍ ، قال ابن دُرَيْدٍ (٥) : ولا أَدْرِي ما صحَّتُه.
والبُقّارَى بالضَّمِّ والشَّدِّ وفتح الرّاءِ : الكَذِبُ ، والدّاهِيَةُ ،
__________________
(١) بالأصل : «أترك» وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله أترك ، كذا بخطه ، والأولى كما في اللسان : لترك».
(٢) شقارى مخفف من شُقّارى ، نبت ، خففه للضرورة.
(٣) كذا بالأصل والتهذيب ، وفي القاموس «حام» بالحاء المهملة.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله مهنم ومبطر ، أي بعد حذف الياء الأصلية ، وقيل ياء التصغير».
(٥) الجمهرة ٣ / ٣٨٨.