تَوْحِيدُ مَنْ يَنْطِقُ عَنْ نَفْسِهِ |
|
عَارِيَةٌ أَبْطَلَهَا الوَاحِدُ |
تَوْحِيدُهُ إِيَّاهُ تَوْحِيدُهُ |
|
ونَعْتُ مَنْ يَنْعَتُه لَاحِدُ |
وحاصِل كلامِه وأَحْسَنُ ما يُحْمَلُ عليه أَن الفَنَاءَ في شُهُودِ الأَزَلِيَّةِ ، والحُكْمِ يَمْحُو شُهُودَ العَبْدِ لِنَفْسِه وصِفَاتِه فَضْلاً عن شُهُودِ غَيْرِه ، فلا يَشْهَدُ مَوْجُوداً فاعِلاً على الحَقِيقَةِ إِلا اللهَ وَحْدَه ، وفي هذا الشُّهودِ تَفْنَى الرسُومُ كُلُّهَا ، فَيَمْحَقُ هذا الشُّهُودُ مِن القَلْبِ كُلَّ مَا سِوَى الحَقِّ ، إِلَّا أَنه يَمْحَقُه مِن الوُجُودِ ، وحينئذٍ يَشْهَد أَنَّ التَّوْحِيدَ الحَقِيقيَّ غيرَ المُسْتَعَارِ هو تَوْحِيدُ الرَّبِّ تَعَالَى نَفْسِه ، وتَوْحِيدُ غَيْرِه له عارِيَةٌ محْضَةٌ أَعَارَهُ إِيَّاها مالِكُ المُلُوكِ ، والعَوَارِي مَرْدُودَةٌ إِلى مَن تُرَدُّ إِليه الأُمُورُ كُلُّهَا. (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ) (١).
وقد استَطْرَدْنَا هذا الكلامَ تَبرُّكاً به لئلاً يَخْلُوَ كِتَابُنَا مِن بَرَكَاتِ أَسْرَارِ آثارِ التَّوْحِيد ، (وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ) وَهُوَ يَهْدِي سَوَاءَ السَّبِيل.
[وخد]
الوَخْدُ للبَعيرِ : الإِسراعُ ، أَو هو أَنْ يَرِمِيَ بِقَوائِمِه كمَشْيِ النَّعَامِ ، أَو هو سَعَةُ الخَطْوِ في المَشْيِ ، ومِثْلُه الخَدْيُ ، لُغَتَانِ ، أَقوالٌ ثَلَاثَةٌ ، وأَوْسَطُهَا أَوْسَطُها ، وهو الذي اقتصرَ عليه الجوهَرِيُّ وغيرُه ، كالوَخدَانِ بفتح فسكون كما في النُّسَخ الموجودَة والصواب مُحَرَّكَة (٢) والوَخِيدِ ، وقد وَخَدَ البَعِيرُ والظَّلِيمُ كوَعَدَ ، يَخِدُ ، ووَخَدَتِ النَّاقةُ قال النابِغَةُ :
فَمَا وَخَدَتْ بِمِثْلِكَ ذَاتُ غَرْبٍ |
|
حَطُوطٌ (٣) في الزِّمامِ وَلَا لَجُونُ |
فهو ، أَي البَعيرُ ، واخِدٌ ووَخَّادٌ ، وكذلك ظَلِيمٌ وَخَّادٌ ، وناقَةٌ وَخُودٌ كصَبُورٍ : وأَنشَدَ أَبو عُبَيْدَةَ :
وَخُودٌ مِن اللَّائِي تَسَمَّعْنَ بِالضُّحَى |
|
قَرِيضَ الرُّدَافَى بِالغنَاءِ المُهَوِّدِ |
قال شيخُنَا ، والوَخَدَانِ ذَكَرْت هُنا أَبْيَاتاً كَتَبَ بها الوَزِيرُ ابنُ عَبَّادٍ للإِمام أَبي أَحْمَدَ العَسْكَرِيِّ.
وَلَمَّا أَبَيْتُمْ أَنْ تَزُورُوا وقُلْتُمُ |
|
ضَعُفْنَا فَلَمْ نَقْدِرْ (٤) عَلَى الوَخَدَانِ |
أَتَيْنَاكُمُ مِنْ بُعْدِ أَرْضٍ نَزُورُكُمْ |
|
وَكَمْ مَنْزِلٍ بِكْرٍ لَنَا وعَوَانِ (٥) |
نُسَائِلُكُمْ هَلْ مِنْ قِرىً لِنَزِيلِكُمْ |
|
بِمِلْءِ جُفُونٍ لا بِمِلْءِ جِفَانِ |
فَكَتَبَ إِليه أَبو أَحْمدَ البَيْتَ المَشْهُورَ لِصَخْرٍ في أَبْيَاتِه :
أَهُمُّ بأَمْرِ الحَزْمِ لَوْ أَسْتَطِيعُه |
|
وقَدْ حِيلَ بَيْنَ العَيْرِ والنَّزَوَانِ (٦) |
انظُرْه في تاريخ ابن خلِّكان.
* ومما يستدرك عليه :
وَخْدُ الفَرَسِ : ضَرْبٌ مِن سَيْرِه ، حكاه كُرَاع ، ولم يَحُدَّه.
وفي حديث خَيْبَر ، ذَكَرَ وَخْدَةَ ، بفتح فسكون ، قَرْيَة من قُرَى خَيْبرَ الحَصِينة ، بها نَخْلٌ.
[ودد] : الوُدُّ والوِدَادُ : الحُبُّ والصَّدَاقة ، ثم استُعِير للتَّمَنِّي ، وقال ابنُ سِيدَه : الوُدُّ : الحُبُّ يكون في جَمِيعِ مَدَاخِل الخَيْرِ ، عن أَبي زَيْد ، ووَدِدْتُ الشيءَ أَوَدُّ ، وهو من الأُمْنِيَّة ، قال الفَرَّاءُ : هذا أَفْضَلُ الكلامِ ، وقال بعضهم : وَدَدْتُ ، ويَفْعَلُ منه يَوَدُّ لا غَيْرُ ، ذكَر هذا في قوله : (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ) (٧) أَي يَتَمَنَّى. وفي المفردات : الوُدُّ : مَحَبَّةُ الشّيءِ وتَمَنِّي كَوْنِه ، ويُسْتَعْمَل كُلّ من المَعْنيينِ (٨).
وعَدَمُ تَعْرِيجِ المُصَنِّف عليه مع ذِكْره في الدَّوَاوِين المَشْهُورةِ غَرِيبٌ ويُثَلَّثَانِ ، ذَكَرَه ابنُ السيد في المُثلّث والقزَّازُ في الجامع ، وابنُ مالِكٍ ، وغيرُ واحد كالوَدَادَةِ
__________________
(١) سورة الأنعام الآية ٦٢.
(٢) في القاموس واللسان والصحاح : وخدان بالتحريك.
(٣) في المطبوعة الكويتية : «حطرط» بالراء ، تحريف.
(٤) في معجم الأدباء ٨ / ٢٤٩ فما نقوى.
(٥) يريد الصاحب بن عباد أنه على كثرة ماله من المنازل التي يجلها ويقدرها قديمها وجديدها فإنه آثر زيارة أبي أحمد ، والنزول إليه من أرض بعيدة.
(٦) وقد حيل بين العير والنزوان ، مثل ، يضرب لمن قصد أمراً فعجز عنه ولم ينل مأربه منه بدون اختياره.
(٧) سورة البقرة الآية ٩٦.
(٨) في المفردات : ويستعمل في كلِّ واحدٍ من المعنيين.