والواحِدِيُّ ، معروف ، من المُفَسِّرِين.
وأَبو حَيَّان عليّ بن محمّد بن العبَّاس التَّوْحِيدِيّ ، نِسبة لِنَوْعٍ من التَّمْرِ يقال له التَّوْحِيد ، وقيل هو المُرَاد من قَوْلِ المُتَنَبِّي :
هُوَ عِنْدِي أَحْلَى مِنَ التَّوْحِيدِ (١)
وقيل : أَحْلَى مِن الرَّشْفَةِ الوَاحِدَةِ ، وقال ابنُ قاضِي شَهْبَةَ ، وإِنما قيل لأَبي حَيَّانَ : التَّوْحِيديُّ ، لأَن أَباه كان يَبِيع التَّوْحِيدَ ببغدَادَ ، وهو نَوْعٌ من التَّمْر بالعِراقِ.
وواحِدٌ : جَبَلٌ لِكَلْبٍ ، قال عَمْرُو بنُ العَدَّاءِ الأَجْدَارِيُّ ثم الكَلْبِيُّ :
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً |
|
بِإِنْبِطَ أَوْ بِالرَّوْضِ شَرْقِيَّ وَاحِدِ |
بِمَنْزِلَةٍ جَادَ الرَّبِيعُ رِيَاضَهَا |
|
قَصِيرٌ بِهَا لَيْلُ العَذَارَى الرَّوَافِدِ |
وحَيْثُ تَرَى جُرْدَ الجِيَادِ صَوَافِناً |
|
يُقَوِّدُهَا غِلْمَانُنَا بِالقَلائِدِ |
كذا في المعجم.
تَذيِيل. قال الرّاغِبُ الأَصْبهانيّ في المُفْرَدَات : الواحِد في الحَقِيقَة هو الشيءُ الذي لا جُزْءَ له البَتَّةَ ، ثم يُطْلَقُ على كُلِّ موجودٍ حتى أَنَّه ما مِن عَدَدٍ إِلَّا ويَصِحُّ وَصْفُه به ، فيقال عَشَرَةٌ واحِدَةٌ ، ومائةٌ واحِدَةٌ ، فالوَاحِدُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ يُسْتَعْمَل على سِتَّةِ أَوْجُهٍ : الأَوّل : ما كان واحِداً في الجِنْسِ أَو في النَّوْعِ ، كقولِنا الإِنسان والقَوس (٢) واحِدٌ في الجِنْس وزَيْدٌ وعَمْرٌو واحِدٌ في النَّوْعِ.
الثاني : ما كان واحِداً بالاتّصال ، إِما من حَيْثُ الخِلْقَةُ ، كقولك شَخْصٌ واحِدٌ ، وإِما من حيثُ الصّنَاعَةُ ، كقولك (٣). الشَّمْسُ واحِدَةٌ ، وإِما في دَعْوَى الفَضِيلَة ، كقَولك فُلانٌ واحِدُ دَهْرِه ونَسِيجُ (٤) وَحْدِه.
الرابع : ما كانَ واحِداً لِامْتِنَاع التَّجَزِّي فيه ، إِمَّا لِصِغَرِه ، كالهَبَاءِ ، وإِما لِصَلَابَتِه ، كالمَاسِ (٥).
الخَامِس للمَبْدَإِ ، إِمّا لِمَبْدَإ العَدَدِ ، كقولِك واحِد اثنانِ (٦) وإِما لمبدإِ الخَطِّ ، كقولِك : النُّقْطَة الواحِدَة.
والوَحْدَة في كُلِّهَا عَارِضَةٌ ، وإِذا وُصِف اللهُ عَزَّ وجَلَّ بالوَاحِدِ فمَعْنَاهُ هو الذي لا يَصِحُّ عَلَيْه التَّجَزِّي ، ولا التكثُّر.
ولصُعوبةِ هذه الوَحْدَةِ قال الله تعالى : (وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ ..) (٧) الآية ، هكذا نقلَه المُصَنِّف في البصائر ، وقد أَسْقَطَ ذِكْرَ الثالِث والسادِس فلعلَّه سَقَطَ من الناسِخ (٨) فليُنْظَرْ.
تَكميل : التَّوْحِيدُ تَوْحِيدَانِ.
تَوْحِيد الرُّبُوبِيَّة ، وتَوْحِيدُ الإِلهيّة.
فصاحِبُ تَوْحِيد الرَّبَّانِيَّةِ يَشْهَد قَيُّومِيَّةَ الرَّبِ فَوْقَ عَرْشِه يُدَبِّرُ أَمْرَ عِبَادِه وَحْدَه ، فلا خالِقَ ولا رَازِقَ ولا مُعْطِيَ ولا مَانِعَ ولا مُحْيِيَ ولا مُمِيتَ ولا مُدَبِّرَ لأَمْرِ المَمْلَكَةِ ظَاهِراً وباطِناً غيرُه ، فما شاءَ كانَ ، وما لم يَشَأْ لم يَكُنْ ، ولا تَتَحَرَّكُ ذَرَّةٌ إِلَّا بإِذْنِه ، ولا يَجُوز حادِثٌ إِلَّا بِمَشِيئَتِه ، ولا تَسْقُط وَرَقَةٌ إِلَّا بِعِلْمِه ، ولا يَعْزُب عنه مِثُقَالُ ذَرَّةٍ في السَّمواتِ ولا في الأَرْضِ ولا أَصْغَرُ مِن ذلك ولا أَكْبَرُ إِلَّا وقد أَحْصَاها عِلْمُه ، وأَحاطتْ بها قُدْرَتُه ، ونَفَذَتْ فيها مَشِيئَتُه ، واقْتَضَتْهَا حِكْمَتُه.
وأَمّا تَوْحِيدُ الإِلهِيَّة ، فهو أَن يُجْمِعَ هِمَّتَه وقَلْبَه وعَزْمَه وإِرادَتَه وحَرَكاتِه على أَداءِ حَقِّه ، والقيامِ بِعُبُودِيَّتِهِ. وأَنشَدَ صاحِبُ المنَازِل أَبياتاً ثلاثَةً ختَم بها كِتَابَه :
مَا وَحَّدَ الوَاحِدَ مِنْ وَاحِدٍ |
|
إِذْ كُلُّ مَنْ وَحَّدَه جَاحِدُ |
__________________
(١) ديوانه ، وتمامه :
يترشفن من فمي رشفات |
|
هنّ فيه أحلى من التوحيد |
(٢) في المفردات للراغب : الإنسان والفرس.
(٣) كذا بالأصل ، والعبارة في المفردات : «كقولك : حرفة واحدة. الثالث : ما كان واحداً لعدم نظيره إما في الخلقة كقولك الشمس واحدة».
(٤) في المفردات : وكقولك نسيج.
(٥) في المفردات : كالألماس.
(٦) عن المفردات وبالأصل «اثنين».
(٧) سورة الزمر الآية ٤٥.
(٨) لاحظنا أن الوجه الثالث وارد في المفردات ، وقد أشرنا إليه ، أما الوجه السادس فقد سقط منها.