بالفتح (١) كما يقتضيه الإِطلاق وظاهِره أَنه مَصْدَر وَدَّه إِذا أَحَبَّه ، لأَنَّه لم يَذْكُرْ غير هذا المعنى ، وظاهر الصحاح أَنه مصدر وَدَّ أَن يَفْعَلَ كذا ، إِذا تَمَنَّاه ، لأَنه إِنما ذَكَرَه في مَصادِرِه كالفيوميّ في المصباح ، وكلام غيرِهم في أَنه يقال بالمعنيينِ ، وهو ظاهر ابن السيد وغيرِه ، والفَتْح كما قاله هؤلاءِ هو الأَكثرُ ، وهو الذي صَرَّح به أُبو زيدٍ في نَوادِرِه ، ونقل غيرُهُم الكَسْرَ وقالُوا : إِنّه يقال : وِدَادَةٌ أَيضاً ، بكسر الواو ، كما صرَّح به ابنُ السيد في المثلّث ، وحكى غيرُهم فيه. الضَّمَّ أَيضاً ، فيكون مُثَلَّثاً كالودِّ الودادِ ، قاله شيخُنَا.
قلت : وفي الأَفعال لابنِ القطّاع : وَدِدْتُ الشيءَ وُدًّا ووَدًّا : أَحبَبْتُه ، ولو فَعل الشيءَ ودَادَةً ، أَي تَمنَّيْتُه ، هذا كلامُ العَرب ووَادَّ فُلانٌ فُلاناً ودَاداً وودَادَةً ووَدَادَةً فِعْلُ الاثنينِ.
فظهرَ منه أَن الوِدَاد ، بالكسر ، والوَدَادَةَ والوِدَادة بالفتح والكسر مصدرُ وَادَّه ، أَي باب المُفاعَلة أَيضاً ، فليُنظَرْ.
والمَوَدَّةِ (٢) ، بالفتح ، كما يقتضيه الإِطلاق ، وفي بعض النُّسخ بالكسر ، فيكون من أَسماءِ الآلاتِ ، فاستعمالُه في المصادِر شَاذٌّ ، وفي بعضِهَا بِكَسْر الواو كمَظِنَّة ، وهو في الظُّرُوفِ أَعْرفُ منه في المصادِرَ والمَوْدَدَةِ بفكّ الإِدغام ، بكسر الدال وبفتحها ، حكاه ابنُ سِيده والقَزّازُ في معنى الودّ ، وأَنشد الفَرّاءُ :
إِنَّ بَنِيَّ لِلَئامٌ زَهَدَهْ |
|
لَا يَجِدُونَ لِصَدِيقٍ مَوْدَدَهْ(٣) |
قال القَزَّاز : وهذا من ضَرُورَةِ الشِّعْرِ ، ليس ممَّا يَجوزُ في الكلام ، وقال العَلَّامَة عبد الدائم القَيْروانيُّ بِسَنده إِلى المُطرّز : وَدِدْتُه مَوِدْدَةً ، بكسر الدالِ ، هو أَحد ما جاءَ على مِثَال فَعِلْتُه مَفْعِلَة ، قال : ولم يأْت على هذا المِثَال إِلَّا هذا وقولُهم حَمِيتُ عليه مَحْمِيَةً ، أَي غَضِبْتُ عليه ، كذا نقلَه شيخُنا ، وقال : ففيها شُذوذٌ من وَجْهَيْنِ : الكَسْر في المَفْعَلة ، والفَكّ ، وهو من الضرائرِ ولا يَجوزُ في النَّثْرِ والسَّعَةِ ، كما نَصُّوا عليه. والمَوْدُودَةِ ، هكذا في النُّسخة الموثوق بها ، وقد سَقَطَتْ في بعضِها ، ولم يتعرَّض لها أَئمَّةُ الغرِيبِ.
وحكَى الزَّجَاجيُّ عن الكسائيّ : وَدَدْتُه ، بالفتح. وقال الجوهَرِيُّ : تقولَ : وَدِدْتُ لو تَفْعَل ذلك ووَدِدْتُ لو أَنَّك تَفْعَل ذلك أَوَدُّ وُدّاً ووَدّاً ووَدَادَةً ، ووِدَاداً ، تَمنَّيْتُ ، قال الشاعرُ :
وَدِدْتُ وَدَادَةً لَوْ أَنَّ حَظِّي |
|
مِنَ الخُلَّانِ أَنْ لَا يَصْرِمُونِي |
[ووَدَدْتُهُ]* ووَدِدْتُه ، أَي بالكسر ، أَوَدُّه ، أَي بالفتح في المضارع فيهما ، أَمَّا في المَكْسُور فعلى القِيَاس ، وأَما في المفتوح فعَلَى خِلَافَهِ ، حكاه الكسائيُّ ، إِذ لا يُفْتَح إِلَّا الحَلْقِيُّ العِينِ أَو اللامِ ، وكِلاهما مُنْتَفٍ هُنَا ، فلا وَجْهَ للفتْحِ ، وهكذا في المصباح ، قال أَبو منصور : وأَنكَر البَصِريُّون وَدَدْتُ ، قال : وهو لَحْنٌ عندهم ، وقال الزَّجَاجَ : قد عَلِمْنَا أَنّ الكسائيَّ لم يَحْكِ وَدَدْتُ إِلَّا وقد سَمِعَه ولكنّه سَمِعَه ممن لا يَكُونُ حُجَّةً ، قال شيخُنَا : أَوْرَدَ المعنيينِ في الفصيحِ على أَنهما أَصْلَانِ حَقِيقَةً ، وأَقَرَّه على ذلك شُرَّاحُه ، وقال اليَزيديُّ في نَوادره : وليس في شَيْءً من العَربيّة وَدَدْتُ مفتوحةً ، وقال الزمخشريُّ : قال الكسائيُّ وَحْدَه : وَدِدْتُ الرجُلَ ، إِذا أَحْبَبْتَه ، ووَدَدْتُه ، ولم يَرْوِ الفتحَ غيرُه. قلْت : ونقلَ الفَتْحَ أَيضاً أَبو جَعْفَر اللّبليّ في شرح الفصيح ، والقَزَّاز في الجامع ، والصاغانيّ في التّكْملة ، كلهم عن الفَرَّاءُ.
والوُّدّ أَيضاً : المُحِبُّ ، ويثَلَّثُ ، الفتحُ عن ابن جِنِّي ، يقال رَجُلٌ وُدٌّ ، ووَدٌّ ، ووِدٌّ ، وفي حديث ابنِ عُمَرَ : «أَنّ أَبَا هذَا كَانَ وُدّاً لِعُمَر» قال ابنُ الأَثير : هو عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرُه كانَ ذا وُدٍّ لِعُمَرَ ، أَي صَدِيقاً ، وإِن كانَت الواو مكسورةً فلا يُحْتَاج إِلى حَذْفٍ ، فإِن الودَّ بالكسرِ : الصدِيقُ كالوَدِيدِ فَعِيلٌ بمعنى فاعِلٍ ، وفلانٌ وُدَّك وَودِيدُكَ.
والوُدُّ ، بالضمّ أَيضاً : الرجلُ : الكَثِيرُ الحُبِّ قال شيخُنَا : وهذا لا يُنَافِي الأَوَّل ، بل هو كمُرَادِفِه ، كالوَدُودِ ، قال ابنُ الأَثير : والوَدُودُ في أَسماءِ الله تَعالَى فَعُولٌ بمعنَى مَفْعُولٍ من الوُدِّ : المَحَبَّةِ ، يقال : وَدِدْتُ الرجُلَ ، اذا أَحْبَبْتَه ، فالله تعالَى مَوْدُودٌ ، أَي مَحْبُوبٌ فى قُلُوب أَوْلِيَائِه ، أَو هو فَعُولٌ
__________________
(١) في القاموس بكسر الواو ضبط قلم. وفي اللسان والصحاح فكالأصل.
(٢) على هامش القاموس ، من نسخة أخرى : «المِوَدَّة».
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «وأنشد وأَنشده في اللسان :
ما لي في صدورهم من مودده»
(*) زيادة عن القاموس.