هو الشديدُ البأْسِ ، وقيل : هو السَّرِيعُ الإِجابَةِ إِلى ما دُعِيَ إِليه ، خَيْراً كان أَو شَرًّا ، كالنَّجِدِ ، والنَّجُدِ ، ككَتِفٍ ورَجُلٍ ، والنَّجِيدِ ، والجمع أَنْجَادٌ ، قال ابنُ سِيدَه : ولا يُتَوَهَّمَنَّ أَنْجَادٌ جَمْعُ نَجِيدٍ ، كنَصِيرٍ وأَنْصَارٍ قِياساً على أَنّ فَعْلاً (١) وفِعَالاً لا يُكَسَّرَانِ لِقلَّتهما في الصِّفة ، وإِنما قِيَاسُهما الواو والنون ، فلا تَحْسَبَنَّ ذلك ، لأَن سيبويهِ قد نَصَّ على أَنّ أَنْجَاداً جَمْعُ نَجُدٍ ونَجِدٍ. وقد نَجُدَ ، ككَرُمَ ، نَجَادَةً ونَجْدَةً ، بالفتح فيهما ، وجَمْعُ نَجِيدٍ نُجُدٌ ونُجَدَاءُ.
والنَّجْدُ : الكَرْبُ والغَمُّ ، وقد نُجِدَ ، كعُنِيَ ، نَجْداً فهو مَنْجُودٌ ونَجِيدٌ : كُرِبَ ، والمَنْجُود : المَكْرُوب ، قال أَبو زُبَيْد يرثِي ابنَ أُخْتِه وكان ماتَ عَطَشاً في طريقِ مكَّةَ :
صَادِياً يَسْتَغِيثُ غَيْرَ مُغَاثٍ |
|
وَلَقَدْ كَانَ عُصْرَةَ المَنْجُودِ |
يُريد المَغْلُوب المُعْيَا ، والمَنْجُود : الهالِك. وفي الأَساس : وتقول : عِنْده نُصْرَةُ المَجْهُودِ وعُصْرَةُ المَنْجُود.
ونُجِدَ البَدَنُ عَرَقاً إِذا سَالَ يَنْجَدُ ويَنْجُدُ الأَخيرةُ نادِرَةٌ ، إِذا عَرِق من عَمَلٍ أَو كَرْبٍ فهو مَنجود ونَجِيد ونَجِدٌ ، ككِتفٍ : عَرِقٌ ، فأَمّا قوله :
إِذا نَضَخَتْ بِالماءِ وَازْدَادَ فَوْرُهَا |
|
نَجَا وهْوَ مَكْرُوبٌ مِنَ الغَمِّ نَاجِدُ |
فإِنه أَشْبَعَ الفَتْحَةَ اضطراراً ، كقوله :
فَأَنْتَ مِنَ الغَوَائلِ حِينَ تَرْمِي |
|
ومنْ ذَمِّ الرِّجالِ بِمُنْتَزَاحِ |
وقيل : هو على فَعِلٍ كعَمِلٍ فهو عامِلٌ ، وفي شِعر حُميد بن ثَور :
ونَجِدَ المَاءُ الذي تَوَرَّدَا
أَي سَالَ العَرَقُ ، وتَوَرُّدُه : تَلَوُّنُه.
والنَّجْدُ : الثَّدْيُ والبَطْنُ تَحْتَه كالغَوْرِ ، وبه فُسِّر قولُه تعالى : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) (٢) أَي الثَّدْيَيْنِ ، وقيل : أَي طَرِيقَ الخَيْرِ وطَرِيقَ الشَّرِّ ، وقيل : النَّجْدَيْنِ : الطَّرِيقَيْنِ الواضِحَينِ ، والنَّجْدُ : المُرْتَفع من الأَرْضِ ، والمعنَى أَلَمْ نُعَرِّفْه طَرِيقَيِ الخَيْرِ والشَّرِّ بَيِّنَيْنِ كبَيَانِ الطَّرِيقَيْنِ العَالِيَيْنِ.
وتقول : ذِفْرَاهُ تَنْضَخُ النَّجَدَ بالتَّحْرِيك : العَرَق من عَمَلٍ أَو كَرْبٍ أَو غيرِه ، قال النابغةُ :
يَظَلُّ مِنْ خَوْفِهِ المَلَّاحُ مُعْتَصِماً |
|
بِالخَيْزُرانةِ بَعْدَ الأَيْنِ والنَّجَدِ |
وهو أَيضاً البَلَادَةُ والإِعياءُ وقد نَجِدَ ، كفَرِحَ ، يَنْجَد ، إِذا بَلُد وأَعْيَا ، فهو ناجِدٌ ومَنْجُود.
ومن المَجاز قولهم : هو طَلَّاعُ أَنْجُدٍ وطَلَّاعُ أَنْجِدَةٍ وطَلَّاعُ نِجَادٍ ، وطَلَّاع النِّجادِ [أَي] (٣) ضابِطٌ للأُمورِ غالبٌ (٤) لها ، وفي الأَساس : رَكَّابٌ لِصِعَابِ الأُمورِ. قال الجوهريُّ يقال : طَلَّاعُ أَنْجُدٍ : وطَلَّاعُ الثَّنَايَا ، إِذا كان سامِياً لمَعَالِي الأُمُورِ ، وأَنْشَدَ بَيْتَ حُمَيْدِ بنِ أَبي شِحَاذٍ الضَّبِّيّ ، وقيل هو لِخَالِدِ بن عَلْقَمَةَ الدّارِمِيّ :
فَقَدْ يَقْصُرُ الفَقْرُ الفَتَى دُونَ هَمِّهِ |
|
وقَدْ كَانَ لَوْلَا القُلُّ طَلَّاعَ أَنْجُدِ |
يقول : قد يَقْصُر الفَقْرُ الفَتَى عن سَجِيَّتِه من السَّخَاءِ فلا يَجِدُ ما يَسْخُو به ، ولو لا فَقْرُه لَسَمَا وارْتَفَعَ. وطَلَّاعُ أَنْجِدَةٍ ، جَمْع نِجَادٍ ، الذي هو جَمْعُ نَجْدٍ ، قال زِيَادُ بن مُنْقِذٍ في معنَى أَنْجِدَةٍ [بمعنى أَنْجُدٍ] (٥) يَصِفُ أَصحاباً له كان يَصْحَبُهُم مَسْرُوراً :
كَمْ فِيهِمُ مِنْ فَتًى حُلْوٍ شَمَائِلُهُ |
|
جَمِّ الرَّمَادِ إِذا مَا أَخْمَدَ البَرِمُ |
غَمْرِ النَّدَى لَا يَبِيتُ الحَقُّ يَثْمُدُهُ |
|
إِلَّا غَدَا وَهْوَ سَامِي الطَّرْفِ مُبْتَسِمُ |
يَغْدُو أَمَامَهُمُ فِي كُلِّ مَرْبَأَةٍ |
|
طَلَّاعِ أَنْجِدَةٍ فِي كَشْحِةِ هَضَمُ |
__________________
(١) بهامش اللسان : «.. ولعل المناسب على أن فعلا وفعلا كرجل وكتفٍ لا يكسران ، أي على أفعال. وقوله : لقلتهما في الصفة ، لعل المناسب : لقلته ، أي أفعال في الصفة ، لأنه إنما ينقاس في الاسم». ونبه بهامش المطبوعة المصرية إلى عبارة اللسان ، ولم يشر إلى ما جاء بهامشه.
(٢) سورة البلد الآية ١٠.
(٣) سقطت من الأصل واستدركت عن القاموس.
(٤) كلمة «غالب» وردت في احدى نسخ القاموس.
(٥) زيادة عن اللسان.