أَيضاً بسكون الباءِ ، كَفَارِهٍ وفُرْهٍ وشارِفٍ وشُرْفٍ. وقرأَ زيدُ بن عَليّ وابنُ عُمَيْرٍ وعاصِمٌ : لِبَداً مِثال عِنَبٍ جَمْع لِبْدَة أَي مُجتَمِعاً.
واللُّبَّدَي : القَوْمُ المُجْتَمِعُ كاللِّبْدَة ، بالكسر ، واللُّبْدَة ، بالضمّ ، كأنهم بِجَمْعِهم تَلَبَّدُوا ، ويقال : النَّاسُ لُبَدٌ ، أَي مُجتمِعون ، وفي التنزيل العزيز (وَأَنَّهُ لَمّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لُبَداً) (١) قال الأَزهريُّ : وقُرئ (لِبَداً) المعنى أَنَّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لمَّا صلَّى الصُّبْح بِبَطْنِ نَخْلَةَ كادَ (٢) الجِنُّ لمَّا سَمِعُوا القرآنَ وتَعَجَّبُوا منه أَن يَسْقُطُوا عليه ، أَي كالجَرَادِ ، وفي حديث ابن عبّاسٍ (كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً) أَي مُجْتَمِعِينَ بَعْضهم على بعضٍ ، واحدتها لِبْدَةٌ ، ومعنى لِبَدٍ : يَركبُ بعضُهم بعضاً.
وكلُّ شَيءٍ أَلْصَقْتَه بشيءٍ إِلصاقاً شديداً فقد لَبَّدْتَه.
والتَّلْبِيدُ : التَّرْقِيعُ ، كالإِلْبَادِ وكِسَاءٌ مُلَبَّدٌ ومُلْبَدٌ. وَثَوْبٌ مَلْبُودٌ ، وقَدْ لَبدَه إِذا رَقَعَه ، وهو مما تَقَدَّم ، لأَن المُرَقَّع (٣) يَجتمعُ بعضُه إِلى بَعْضٍ ويَلْتَزِق بعضُه ببعضٍ ، وقيل المُلَبَّد الذي ثَخُنَ وَسَطُه وصَفِقَ حتى صارَ يُشْبِه اللِّبْدَ.
وفي الصّحاح : التَّلْبِيدُ : أَنْ يَجْعَلَ المُحْرِمُ في رأْسِهِ شَيْئاً مِن صَمْغٍ لِيَتَلبَّدَ شَعرُهُ بُقْيَا عَلَيْه لئلا يَشعَثَ في الإِحرام ، ويَقْمَلَ ، إِبْقَاءً على الشَّعرِ ، وإِنما يُلَبِّد مَنْ يَطُولُ مُكْثُه في الإِحرام. وفي حَدِيث عُمَر رضياللهعنه أَنَّهُ قال «مَنْ لَبَّدَ أَوْ عَقَصَ أَو ضَفَر فعلَيْه الحَلْقُ» قال أَبو عبيد : قوله لَبَّدَ ، أَي (٤) جَعَل في رَأْسهِ شَيْئاً مِن صَمْغٍ أَو عَسَلٍ (٥) لِيَتَلَبَّدَ شَعرُه ولا يَقْمَلَ ، قال الأَزهريُّ : هكذا قال يَحيى بن سَعِيد ، قال : وقال غيرُه : إِنما التَّلْبِيدُ بُقْيَا علَى الشَّعر لئلا يَشْعَثَ في الإِحرام ، ولذلك أَوْجَبَ عليه الحَلْقَ كالعُقَوبَةِ له ، قال : قال ذلك سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ ، قيل : ومنه قيل لِزُبْرَةِ الأَسدِ لِبْدَةٌ ، وقد تَقدَّم.
واللَّبُودُ ، كصَبورٍ ، وفي نسختنا بالتَّشْدِيد : القُرَادُ ، سُمِّيَ بذلك لأَنه يَلْبَدُ بالأَرض أَي يَلْصَق. والْتَبَدَ الوَرَقُ تَلَبَّدَتْ ، أَي ، تَلَبَّدَ بعضُه على بعضٍ.
والتَبَدَت الشَّجَرَةُ : كَثُرَتْ أَوْرَاقُها ، قال الساجع :
وعَنْكَثَا مُلْتَبِدَا
واللَّابِدُ ، والمُلْبِد وأَبو لُبَد كصُرَدٍ وعِنَبٍ : الأَسَدُ.
* ومما يستدرك عليه :
«ما أَرَى اليَوْمَ خَيْراً مِن عِصَابَة مُلْبِدَةٍ» يعني لَصِقُوا بالأَرْض وأَخْمَلُوا أَنْفُسَهُم ، وهو من حديث أَبي بَرْزَةَ وهو مَجاز ، وفي الأَساس عِصَابَةٌ مُلْبِدَةٌ : لا صِقَةٌ بالأَرض من الفَقْرِ ، وفُلانٌ مُلْبِدٌ : مُدْقِعٌ وفي حديث أَبي بَكْرٍ «أَنه كان يَحْلُب فيقول أَأُلْبِدُ أَمْ أُرْغِي؟ فإِن قالوا : أَلْبِدْ أَلْزَقَ العُلْبَةَ بِالضَّرْعِ فَحلَبَ ، ولا يَكون لذلك الحَلَبِ رَغْوَةٌ ، فإِن أَبَانَ العُلْبَةَ رَغَا الشَّخْبُ بِشِدَّة وُقُوعِه في العُلْبَةِ».
والمُلَبِّدُ من المَطَرِ : الرَّشُّ وقد لَبَّدَ الأَرْضَ تَلْبِيداً ، وتَلَبَّدَت الأَرْضُ بالمطرِ. وفي الحديث : «في صِفَة الغَيْثِ «فَلَبَّدَتِ الدِّمَاثَ» أَي جَعَلَتْهَا قَوِيَّةً لا تَسوخ فيها الأَقدامُ ، والدِّمَاثُ : الأَرَضُونَ السَّهْلَةُ. وفي حديث أُمّ زَرْعٍ : «لَيْسَ بِلَبِدٍ فَيُتَوَقَّل ، ولا لَه عِنْدِي مُعَوَّل» أَي لَيْس بِمُسْتَمْسِكٍ مُتَلَبِّد فَيُسْرَع المَشْيُ فِيه ويُعْتَلَى.
ولَبَّدَ النَّدَى الأَرْضَ. وفي صِفَة طَلْحِ الجَنَّة : «إِنّ الله تعالى يَجْعَل مَكَانَ كُلِّ شَوْكَةٍ مِنْهَا مِثْلَ خُصْوَة (٦) التَّيْس المَلْبُودِ» أَي المُكْتَنِز اللَّحْم الذي لَزِمَ بَعْضُه بَعْضاً فتَلَبَّد.
وفي التهذيب في تَرجمة بلد : وقولُ الشاعِرِ أَنشَدَه ابنُ الأَعرابيّ :
وَمُبْلِدٍ بَيْنَ مَوْمَاةٍ ومَهْلكَةٍ |
|
جَاوَزْتُه بِعَلَاةِ الخَلْقِ عِلْيَانِ |
قال : المُبْلِدُ : الحَوْضُ القَديم هُنا ، قال : وأَراد مُلْبِد فقَلَب ، وهو اللَّاصِقُ بالأَرض.
وقال أَبو حَنيفة : إِبِلٌ لَبِدَةٌ ولَبَادَى : تَشَكَّى بُطُونَهَا عن القَتَادِ. وناقَةٌ لَبِدَةٌ.
__________________
(١) سورة الجن الآية ١٩.
(٢) التهذيب : كادت.
(٣) اللسان : الرَّقْع.
(٤) اللسان «يعني أن يجعل المحرم في رأسه ..».
(٥) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : أو غِسْلٍ.
(٦) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : خصوة هو كذلك في النهاية واللسان بلا ضبط».
وبهامش النهاية : جاء اللسان مادة خصى : قال شمر لم تسمع في واحد الخصى إلا خصية بالياء ، لأن أصله من الياء. وما أثبت ضبطه عن اللسان مادة خصى ، وقد وردت خصوة في الحديث فيه هناك.