واللَّبَد ، بالتَّحْرِيك : الصُّوفُ ، ومنه قولهم «ما لَه سَبَدٌ ولا لَبَدٌ» وهو مَجاز ، والسَّبَدُ من الشَّعر ، وقد تَقَدَّم ، واللَّبَدُ من الصوفِ ، لتَلَبُّدِه ، أَي مالَه ذُو شَعَرٍ ولا ذُو صُوفٍ ، وقيل : مَعْنَاه : لا قَلِيلٌ ولا كثيرٌ ، وكان مالُ العَرب الخَيْلَ والإِبلَ والغَنَمَ والبقَرَ ، فَدَخَلَتْ كُلُّهَا في هذا المَثَلِ. واللَّبَد مصدر لَبِدَت الإِبلُ بالكسر تَلْبَد ، وهو دَغَصُ (١) الإِبلِ من الصِّلِّيَانِ وهو الْتِوَاءٌ في حَيَازِيمِها وفي غَلَاصِمِها ، وذلك إِذا أَكْثَرَتْ مِنْهُ فتَغَصُّ به ولا تَمْضِي ، قاله ابنُ السِّكِّيت.
ويقال أَلْبَدَ السَّرْجَ إِذا عَمِلَ له لِبْدَهُ. وفي الأَفعال : لَبَدْت السَّرْجَ والخُفَّ لَبْداً وأَلْبَدْتُهما : جَعَلْتُ لهما لِبْداً.
وأَلبَدَ الفَرَسَ : شَدَّه عليه ، أَي وضعَه على ظَهْرِه ، كما في الأَساس ، وأَلْبَدَ القِرْبَةَ : جَعَلَهَا وصَيَّرَهَا في لَبِيدٍ ، أَي جُوَالِقٍ ، وفي الصّحاح : في جُوالِقٍ صَغيرٍ ، قال الشاعر :
قُلْتُ ضَعِ الأَدْسَمَ فِي اللَّبِيدِ
قال : يريد بالأَدْسَمِ نِحْيَ سَمْنٍ ، واللَّبِيدُ لِبْدٌ يُخَاطُ عليه.
ومن المجَاز : أَلْبَد رَأْسَه : طَأْطَأَهُ عندَ الدخولِ بالبابِ ، يقال أَلْبِدْ رَأْسَكَ ، كما في الأَساس.
وأَلبَدْت الشيْءَ بالشَّيْءِ : أَلْصَقْتُه (٢) كَلَبَدَهُ لَبْداً ، ومن هذا اشتقاقُ اللُّبُودِ التي تُفْرَش ، كما في اللسان. وأَلبَدَت الإِبلُ : خَرَجَتْ ، أَي من الرَّبيع أَوْ بَارُهَا وأَلوانُهَا وحَسُنَتْ شَارَتُهَا وتَهَيَّأَتْ للسِّمَنِ ، فكأَنها أُلْبِسَتْ مِن أَوْبارِهَا أَلْبَاداً.
وفي التهذيب : وللأَسد شَعَرٌ كثيرٌ قد يَلْبُد على زُبْرَتِه ، قال : وقد يكون مثلُ ذلك على سَنامِ البَعِير ، وأَنشد :
كَأَنَّه ذُو لِبَدٍ دَلَهْمَسُ
وأَلْبَدَ بَصَرُ المُصَلِّي : لَزِمَ مَوْضِعَ السُّجُودِ ، ومنهحَديث قَتَادَةَ في تفسير قولِه تَعَالى : (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) (٣) قال : الخُشُوع في القَلْبِ ، وإِلْبَادُ البَصرِ في الصلاةِ ؛ أَي : إِلزَامُه مَوْضِعَ السُّجودِ من الأَرض. واللُّبَّادَةُ ، كرُمَّانَةٍ : قَبَاءٌ من لُبُودٍ ، وما يُلْبَسُ من اللُّبُودِ للمَطَرِ ، أَي للوِقَايَة منه.
واللَّبِيدُ : الجُوَالِقُ ، وفي الصحاح وكتابِ الأَفعال : الجُوَالِق الصغير.
واللَّبِيدَة : المِخْلَاةُ ، اسمٌ ، عن كُراع.
ولَبِيد بنُ رَبِيعَةَ بن مالِكٍ العَامِريُّ ، ولبيد بنُ عُطَارِدِ بن حَاجِب بن زُرَارَةَ التَّمِيميُّ ، ولبيد بن أَزْنَمَ الغَطَفَانِيّ ، شُعَراءُ ، وفي الأَوَّل قولُ الإِمَام الشافعيّ :
وَلَوْلَا الشِّعْرُ بالعُلَماءِ يُزْرِي |
|
لَكُنْتُ اليَوْمَ أَشْعَرَ مِنْ لَبِيدِ |
ولبيد كزُبَيْرٍ وكَرِيمٍ : طائرٌ ، وعلى الأَوّل ، اقتصرَ ابنُ مَنْظور.
وأَبو لُبَيْدِ بن عَبَدَةَ ، بضم اللام ، وفتح الباءِ في عبَدَة شاعرٌ فارِسٌ.
وأَبو لَبِيدٍ كأَمِيرٍ ، هشامُ بن عبد الملك الطَّيَالِسيُّ مُحَدِّث.
ولَبَدَ الصوفَ ، كضَرَبَ يَلْبِدُ لَبْداً : نَفَشَه وبَلَّه بماءٍ ثمَّ خَاطَه وجَعَلَه في رَأْسِ العَمَدِ ليكون وِقَايَةً لِلبِجادِ أَنْ يَخْرِقَهُ ، كلَبَّده تَلْبِيداً ، وكلُّ هذا من اللزُوقِ.
ومن المَجاز : مالٌ لُبَدٌ ولَابِدٌ ولُبَّدٌ : كَثِيرٌ ، وفي بعض النُّسخ مال لُبَدٌ كصُرَدٍ ، ولابِدٌ ، كثيرٌ. وفي الأَساس واللسان : مال لُبَدٌ : كَثِيرٌ لا يُخافُ فَنَاؤُه لِكَثْرَتِه (٤) ، كأَنَّه الْتَبَدَ بعضُه على بعضٍ (٥). وفي التنزيل العَزِيز (يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً) (٦) أَي جَمَّا ، قال الفَرَّاءُ : اللُّبَدُ : الكَثِيرُ ، وقال بعضُهم : واحدَته لُبْدَةٌ ، ولُبَدٌ جِمَاعٌ ، قال : وجعلَه بعضُهم على جِهَة قُثَمٍ ، وحُطَمٍ ، واحِداً ، وهو (٧) في الوجهين جَمِيعاً : الكثيرُ. وقرأَ أَبو جَعْفَرٍ «مَالاً لُبَّداً» مُشدَّدَا ، فكأَنه أَرادَ مالاً لابِداً ، ومالانِ لَابِدَانِ ، وأَمْوَالٌ لُبَّدٌ ، والأَمْوَالُ والمالُ قد يَكُونانِ في مَعْنًى واحدٍ. وفي البصائر : وقرأَ الحسن ومُجَاهِد : لُبُداً ، بضمتين جَمْع لابدٍ. وقرأَ مُجَاهِدٌ
__________________
(١) في القاموس «دعص» بالعين المهملة ، وما أثبت يوافق ما جاء في التهذيب وفيه : إذا دَغِصَت بالصِّلّيان.
(٢) القاموس : ألصقه.
(٣) سورة «المؤمنون» الآية ٢.
(٤) في الأساس : من كثرته.
(٥) في التهذيب : لَبَد بعضه ببعض.
(٦) سورة البلد الآية ٦.
(٧) التهذيب : من.