لحالٍ دعتهم إِلى ذلك (١) ، فجاوروا الفُرس فحالت لغتهم إِلى العُجمة ، وولدَ كلّ نوع منهم لغة لهم كُردية ، ومنهم من رأَى أَنهم من ولد مضر بن نزار ، وأَنهم من ولد كُرد بن مرد بن صعصعة [بن هوازن] (٢) انفردوا قديماً لدماءٍ كانت بينهم وبين غسّانَ ، ومنهم من رأَى أَنهم من ولد ربيعة بن مضر (٣) اعتصموا بالجبال طلباً للمياه والمرعى (٤) ، فحالوا عن العربية لمن جاورهم من الأُمم ، وهم عند الفُرس من ولد كرد بن إِسفنديار بن منوجهر ، ومنهم من أَلحقهم بإِماءِ سليمان عليهالسلام حين وقع الشيطانُ المعروف بالجَسد على المنافقات فعلِقن منه وعُصِمَ منهن المؤمنات ، فلما وضعْن قال : اكردوهن إِلى الجبال (٥). منهم ميمون بن جابان أَبو بصير الكردي قاله الرشاطي عن أَبيه ، انتهى ثم قال محمد أَفندي المذكور : وقيل أَصل الكرد من الجنّ ، وكل كرديّ على وجه الأَرض يكون رُبعه جِنيّاً ، وذلك لأَنهم من نسل بِلْقيس ، وبلقيس بالاتفاق أُمها جِنيّة ، وقيل : عصى قوم من العرب سليمانَ عليهالسلام وهربوا إِلى العجم ، فوقعوا في جَوَارٍ كان اشتراها رجل لسليمان عليهالسلام ، فتناسلت منها الأَكراد ، وقال أَبو المعين النسفيّ في بحر الكلام : ما قيل إِن الجنّيّ وصل إِلى حرم سليمان عليهالسلام وتصرف فيها وحصل منها الأَكراد باطلٌ لا أَصل له ، انتهى. قلت : وذكر ابن الجواني النسّابة في آخر المقدمة الفاضليّة عند ذِكر ولد شالخ بن أَرفخشذ ما نصُّه : والعقب من فارسان بن أَهلو بن أَرم بن أَرفخشذ أَكراد بن فارسان جد القبيلة المعروفة بالأَكراد ، هذا على أَحد الأَقوال ، وأَكثر من يَنسبهم إِلى قيس ، فيقول كُرد بن مرد بن عمرو بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هَوَازن بن منصور بن عِكرمة بن خَصَفة بن قيس عَيلان بن مُضر بن نِزار بن معدّ بن عدنان ، ويُجرِي عَمْراً مُجرَى باسل بن ضبّة جدّ الدَّيلم في خروجه إِلى بلاد العجم مغاضِباً لأَهله ، فأَوْلد فيها ما أَوْلد. قال : وعليه اعتمد الأَرقطيَّ النسابة في شجرته. ومن أَراد الزيادة على ذلك فعليه بكتاب الجوهر المكنون في القبائل والبطون لابن الجواني المذكور ، وفيما ذكرنا كفاية ، والله أَعلم.
والكُرْدُ : الدَّبْرَةُ مِن المَزَارعِ معرب ، وهي المَشَارات ، أَي سَواقيها ، الواحدةُ بهاءٍ والجمع كُرُودٌ (٦) ، قال الصاغانيّ : وهو مما وافق كلامَ العرب من كلام العجم ، كالدَّشْتِ والسَّخْت.
والكُرْدُ : ة بالبيضاءِ بفارسَ ، منها أَبو الحسن عليّ بن الحسن (٧) بن عبد الله الكُرْدِيّ.
وكُرْدُ بنُ القاسِم ، وأَظُّن هذا تصحيفاً من كُرْدِين بن القاسم مُحَدِّثٌ ، وكذا محمّد بن كُرْدِ الإِسْفَرَايِنِيُّ.
ومُحَمد بن عَقيل المعروف بابن الكُرَيْدِيِّ بالتّصغير.
وكُرْدِينُ لقب واسمه عبدُ الله بنُ القاسِمِ مُحَدّث ، هكذا ساق هذه الأَسماءَ الصاغانيُّ في تَكملته ، وقلَّده المصنف ، والذي في التبصير للحافظ أَن المُسَمَّى بعبد الله بن القاسم يعرف بكُورِين ، ويكنى أَبا عبيدة ، وأَما ابن كُرْدِين فاسمه مِسْمع ، فتنبَّهْ لذلك.
والكِرْدِيدَةُ ، بالكسر : القطْعَةُ العَظِيمةُ من التَّمْرِ ، وهي أَيضاً جُلَّتُه ، أَي التَّمرِ ، عن السيرافيّ ، قال الشاعر :
أَفْلَحَ مَنْ كانَتْ له كِرْدِيدَهْ |
|
يأْكُلُ مِنْهَا وهْوَ ثَانٍ جِيدَهْ |
أَنشد أَبو الهيثم :
قَدْ أَصْلَحَتْ قِدْراً لَهَا بِأُطْرَهْ |
|
وأَبْلَغَتْ كِرْدِيدَةً وفِدْرَهْ |
أَو الكِرْدِيدَةُ : ما يَبْقَى في أَسْفَلِها أَي الجُلَّةِ مِنْ جَانِبَيْهَا مِن التَّمْرِ ، كذا في الصحاح ، ج كَرَادِيدُ وكِرَادٌ ، الأَخير بالكسر ، قال الشاعر :
__________________
(١) مروج الذهب : دعتهم إلى ذلك الأنفة.
(٢) زيادة عن مروج الذهب.
(٣) مروج الذهب : ربيعة ومضر.
(٤) مروج الذهب : والمراعي.
(٥) في مروج الذهب : اكردوهن إلى الجبال والأودية ، فربتهم أمهاتهم وتناكحوا ، وتناسلوا ، فذلك بدء نسب الأكراد.
وثمة آراء أخرى وردت في مروج الذهب ، أحجمنا عن ذكرها طلباً للاختصار ، ارجع إليها هناك.
(٦) في اللسان : «الكُرْد : المشارة من المزارع ويجمع كُرْداً» وفي التهذيب : «الكُرْدةُ ... وتجمع كُرْداً».
(٧) اللباب : «الحسين بن عبيد الله الكردي».