عليه أَن (١) لا يَقْصِد ، وليس المَعْنَى على ذلك ، بل المَعْنَى : ويَنْبَغِي له أَن يَقْصِد ، وهو خَبَرٌ بمعنَى الأَمْرِ ، أَي ولْيَقْصِدْ.
وفي الحديث : «القَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغُوا» أَي عليكم بالقَصْدِ في الأُمور ، في القول والفِعل ، وهو الوَسَطُ بين الطَرفَينِ ، وهو منصوبٌ على المَصْدَرِ المُؤَكَّد ، وتَكراره للتأْكيد. وفي بعض النسخ : والقول ، بدل ، والعدل ، وهو غلط. والقَصْدُ التَّقْتِيرُ (٢) ، هكذا في نسختنا ، وفي أُخرى مُصحَّحَة التفسير ، وكلٌّ منهما غير ملائمٍ للمقامِ ، والذي يقتضيه كلامُ أَئمة الغَرِيب : والقَصْدُ : القَسْرُ ، بالقاف والسين ، ففي اللسان : قَصَدَه قَصْداً : قَسَرَه ، أَي قَهَره ، وهو الصوابُ. والله أَعلم.
والقَصَدُ ، بالتَّحرِيكِ : العَوسَجُ ، يَمانية ، عن أَبي حنيفة ، وقَصَدُ العَوْسَجِ ونَحْوِهِ ، كالأَرْطَى والطَّلْحِ : أَغْصَانُه النَّاعِمَةُ وعَبَلُه ، وقد قَصَّدَ العَوْسَجُ إِذا أَخرجَ ذلك ، كذا في الأَفعال لابن القَطَّاع. والقَصَدُ : الجُوعُ ، والقَصَد : مَشْرَةُ العِضَاهِ ، وهي بَرَاعِيمُها وما لَانَ قَبْلَ أَنْ يَعْثُوَ ، وقد أَقْصَدَت العِضَاهُ وقَصَّدَتْ ، كالقَصِيد ، الأَخيرةُ عن أَبي حنيفة ، وأَنشد :
وَلَا تَشْعَفَاها بِالجِبَالِ وَتَحْمِيَا |
|
عَلَيْهَا ظَلِيلَاتٍ يَرِفُّ قَصِيدُهَا |
وعن الليث : القَصَدُ : مَشْرَةُ العِضَاه أَيَّامَ الخَرِيف ، تُخْرِج بعْدَ القَيْظِ الوَرقُ في العِضَاهِ أَغصانٌ رَطْبَةٌ غَضَّةٌ رِخَاصٌ ، تُسَمَّى كُلُّ واحدةٍ منها : قَصَدَةً. أَو القَصَدَةُ مِنْ كُلِّ شَجرةٍ شائِكَةٍ أَي ذات شَوْك : أَنْ يَظْهَرَ نَبَاتُهَا أَوَّلَ ما تَنْبُتُ. وهذا عن ابنِ الأَعرابيّ.
وقَصُدَ البَعِيرُ ، ككَرُمَ ، قَصَادَةً ، بالفتح : سَمِنَ ، فهو قَصِيدٌ. نقَلَه الصاغانيّ.
والقِصْدَةُ ، بالكسر : القِطْعَةُ مِمَّا يُكْسَرُ ، ج قِصَدٌ كعِنَبٍ وكلُّ قِطْعَةٍ قِصْدَة ورُمْحٌ قَصِدٌ ، ككَتِفٍ ، وقَصِيدٌ كأَمِيرٍ ، بَيِّنُ القَصَدِ ورُمْحٌ أَقْصَادٌ أَي مُتَكَسِّرٌ وفي الأَساس : رُمْحٌ قَصِيدٌ (٣) : سَريع الانكسارِ ؛ وفي التهذيب : وإِذا اشْتَقُّوا له فِعْلاً قالوا : انْقَصَد ، وقَلَّمَا يَقولون قَصِدَ ، إِلَّا أَنَّ كُلَّ نَعْتٍ على فَعِلٍ لا يمْنع (٤) صُدُورُه من انْفَعَلَ. وأَنشد أَبو عُبَيدٍ لقَيْس بنِ الخَطِيمِ :
تَرَى قِصَدَ المُرَّانِ تُلْقَى كَأَنَّهَا |
|
تَذَرُّعُ خُرْصَانٍ بِأَيْدِي الشَّوَاطِبِ |
وقال آخر :
أَقْرُو إِلَيْهِم أَنَابِيبَ القَنَا قِصَدا
يريد : أَمشي إِليهم على كِسَرِ الرِّماح ؛ وقال الأَخفش في رُمْحٍ أَقْصَادٍ : هذا أَحَدُ ما جاءَ على بِنَاءِ الجَمْعِ. وفي اللسان : وقَصَدَ له قِصْدَةً مِنْ عَظْمٍ ، وهي الثُّلُث أَو الرُّبعُ من الفَخِذ أَو الذِّراعِ أَو السَّاقِ أَو الكَتِف ؛ والذي في أَفعال ابن القَطَّاع : وقَصَدَ مِن العَظْمِ قِصْدَةً : دون نِصْفِه إِلى الثُّلُث أَو الرُّبع.
والقَصِيدُ مِن الشِّعْرِ : ما تَمَّ شَطْرُ أَبْيَاتِهِ. وفي التهذيب : شَطْرُ أَبْنِيَتِهِ ، سُمِّيَ (٥) بذلك لكَماله وصِحَّةِ وَزْنه (٥) ، وقال ابنُ جِنِّي : سُمِّيَ قَصِيداً لأَنه قُصِدَ واعْتُمِدَ ، وإِن كانَ ما قَصُرَ منه واضْطَرَب بِنَاؤُه نحو الرَّمَل والرَّجَز شِعْراً مُرَاداً مَقصوداً ، وذلك أَن ما تَمَّ من الشِّعر وتَوَفَّر آثَرُ عندَهم وأَشَدُّ تَقَدُّماً في أَنْفُسِهم مما قَصُرَ واخْتَلَّ ، فسَمُّوْا ما طالَ ووَفَرَ قَصِيداً ، أَي مُرَاداً مَقصوداً ، وإِن كان الرَّملُ والرَّجَز أَيضاً مُرَادَيْنِ مَقْصُودَيْنِ. والجَمْعُ قَصَائِدُ ، وربَّما قالوا : قَصِيدَةٌ. وفي الصحاح : القَصِيدُ جَمْعُ القَصِيدَة [من الشعر] (٦). كسَفِينٍ جمعُ سَفِينةٍ ، وقيل : الجَمْعُ قَصائدُ وقَصِيدٌ. قال ابن جنِيِّ : فإِذا رأَيْتَ القصيدَةَ الوَاحِدَةَ قد وَقَعَ عليها القَصِيدُ ، بلا هاءٍ ، فإِنما ذلك لأَنه وُضِعَ على الواحِد اسمُ الجِنْسِ اتِّساعاً ، كقولِك : خَرجْتُ فإِذا السَّبعُ ، وقتَلْتُ اليومَ الذِّئْبَ ، وأَكَلْتُ الخُبْزَ ، وشَرِبتُ الماءَ. ولَيْسَ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَبْيَاتٍ فَصَاعِداً أَو سِتَّةَ عَشَرَ فَصَاعِداً. قال أَبو الحَسَن الأَخْفَشُ : وممَّا لا يَكاد يُوجَد في الشِّعْر البَيْتَانِ المُوطَآنِ ليس بينهما بيتٌ ، والبَيْتَان المُوطَآن وليست القصيدةُ إِلَّا ثلاثَة أَبياتٍ ، فجعلَ القصيدَة (٧) علَى ثلاثةِ أَبياتٍ ؛ قال ابنُ جِنّي : وفي هذا القول من
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : أن لا يقصد ، كذا بالنسخ ، وعبارة اللسان : لأنه يصير التقدير عليه أن لا يجوز وعليه أن لا يقصد.
(٢) على هامش القاموس من نسخة أخرى : والتفسير.
(٣) الأساس : ورمحٌ قَصِدٌ.
(٤) التهذيب واللسان : لا يمتنع.
(٥) سقطت العبارة من التهذيب ، وهي في اللسان.
(٦) زيادة عن الصحاح.
(٧) في اللسان : ما كان على ثلاثة أبيات. ونبه إلى ذلك بهامش المطبوعة المصرية.