ويَقْصِد إِليه. وفي اللسانِ والأَساسِ : القَصْدُ : إِتْيَانُ الشيْءِ ، يقال : قَصَدْتُ له وقَصَدْت إِليه. وإِليكَ قَصْدِي.
وأَقْصَدَني إِليك الأَمْرُ. ومن المجاز : القَصْدُ في الشيْءِ : ضِدُّ الإِفْراطِ ، وهو ما بين الإِسرافِ والتَّقْتِير ، والقَصْدُ في المَعِيشَة : أَن لا يُسْرِف ولا يُقَتِّرَ ، وقَصَدَ في الأَمْرِ لم يَتجاوَزْ فيه الحَدَّ ، وَرَضِيَ بالتَّوَسُّطِ ، لأَنه في ذلك يَقْصِدُ الأَسَدَّ ، كالاقْتِصادِ ، يقال : فُلانٌ مُقْتَصِدٌ في المَعِيشة وفي النَّفَقَة ، وقد اقْتَصَد. واقْتَصَدَ في أَمرِه : استقامَ. وفي البصائر للمصنِّف : واقْتَصَدَ في النَّفَقَةِ : تَوَسَّطَ بين التَّقْتيرِ والإِسراف ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ولا عَالَ مَن اقْتَصَدَ».
ومن الاقتصاد ما هو مَحْمُودٌ مُطْلَقاً ، وذلك فيما له طَرفانِ : إِفراطٌ وتَفْرِيطٌ ، كالجُودِ ، فإِنه بين الإِسرافِ والبُخْلِ ، وكالشَّجاعَة ، فإِنها بين التَّهَوُّرِ والجُبْنِ. وإِليه الإِشارةُ بقولِه : (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا) (١) ومنه ما هو مُتَرَدِّدٌ بين المَحْمُودِ والمَذمومِ ، وهو فيما يقع بين محمودٍ ومَذمومٍ ، كالوَاقِع بين العَدْلِ والجَوْرِ ، وعلى ذلك قولُه تعالى : (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) (٢) انتهى. وفي سرّ الصناعة لابن جِنّي : أَصلُ ق ص د ومَواقِعها في كلامِ العرب : الاعتِزامُ والتَّوَجُّه والنُّهُودُ والنُّهُوضُ نحوَ الشيْءِ ، على اعْتِدَالٍ كانَ ذلك أَو جَوْرٍ ، هذا أَصلُه في الحقيقة ، وإِن كان قد يُخَصُّ في بعْضِ المواضع بقَصْدِ الاستقامَة دُونَ المَيْلِ ، أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقْصِدُ الجَوْرَ تارَةً كما تَقْصِد العَدْلَ أُخْرَى؟ فالاعتزامُ والتَّوَجُّه شامِلٌ لهما جَميعاً وعن ابن بُزُرْجِ : القَصْد : مُوَاصَلَةُ الشاعِرِ عَمَلَ القَصائدِ وإِطالَتُه ، كالاقْتِصَادِ ، هكذا في النُّسخ التي بأَيدينا ، والصواب : كالإِقْصَادِ ، قال :
قَدْ وَرَدَتْ مِثْلَ اليَمانِي الهَزْهَازْ |
|
تَدْفَعُ عَنْ أَعْنَاقِها بِالأَعْجَازْ |
أَعْيَتْ عَلَى مُقْصِدِنا والرَّجَّازْ
قال ابن بُزُرْج : أَقْصَدَ الشاعرُ ، وأَرْمَل ، وأَهْزَج ، وأَرْجَزَ ، من القَصِيد والرَّمَل والهَزَج والرَّجَز. والقَصْدُ : رَجُلٌ لَيْسَ بالجَسِيمِ ولا بالضَّئِيل ، وكُلُّ ما بَيْنَ مُسْتَوٍ غيرِ مُشْرِفٍ ولا ناقِصٍ فهو قَصْدٌ ، كالمُقْتَصِدِ والمُقَصَّدِ ، كمُعَظَّم ، والثاني هو المعروف وفي الحديث عن الجَرِيرِيّ قال : «كنت أَطوفُ بالبَيْتِ مع أَبي الطُّفَيل ، فقال : ما بقي أَحدٌ رأَى رسولَ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم غيري ، قال : قلتُ له : وَرَأَيْتَه؟ قال : نعم ، قلتُ : فكيف كانَ صِفَتُه؟ قال : كان أَبيضَ مَلِيحاً مُقَصَّداً». قال : أَراد بالمُقَصَّدِ أَنه كان رَبْعَةً. وقال ابنُ شُمَيْلٍ : المُقَصَّدُ من الرجالِ يكون بمعنَى القَصْدِ وهو الرَّبْعَةُ. وقال الليث : المُقَصَّد من الرجال : الذي ليسَ بِجَسيمٍ ولا قَصيرٍ. وقد يُسْتَعْمَل هذا النعْتُ في غير الرِّجال أَيضاً. وقال ابنُ الأَثير في تفسير المُقصَّد في الحديث : هو الذي ليس بطَويلٍ ولا قَصيرٍ ولا جَسيم ، كأَنّ خَلْقَه نُحِيَ به القَصْدُ من الأُمورِ ، والمُعْتَدِل الذي لا يَمِيل إِلى أَحدِ طَرَفَيِ التفريطِ والإِفراط.
والقَصْدُ : الكَسْرُ بأَيِّ وَجْهٍ. وفي بعض الأُمهات : في أَيّ وَجْهٍ كَانَ ، تقول : قَصَدْتُ العُودَ قَصْداً : كَسَرْتُه أَو هو الكَسْرُ بِالنِّصْفِ ، كالتَّقْصِيد قَصَدْتُه أَقْصِدُه ، وقَصَّدْتُه تَقْصيداً وانْقَصَدَ وتَقَصَّدَ ، أَنشد ثعلب :
إِذا بَرَكَتْ خَوَّتْ عَلَى ثَفِنَاتِهَا |
|
عَلَى قَصَبٍ مِثْلِ اليَرَاعِ المُقَصَّدِ |
شَبَّه صوْتَ الناقَةِ بالمَزاميرِ. وقد انقَصَدَ الرُّمْحُ : انكَسَر بِنِصْفَيْنِ حتى يَبِينَ ، وفي الحديث : «كانت المُدَاعَسَةُ (٣) بالرِّماحِ حتى تَقَصَّدَتْ». أَي تَكَسَّرَتْ وصارَت قِصَداً ، أَي قِطَعاً. والقَصْدُ : العَدْلُ قال أَبو اللحام (٤) التَّغْلبيّ :
عَلَى الحَكَمِ المَأْتِيِّ يَوْماً إِذَا قَضَى |
|
قَضِيَّتَه أَنْ لَا يَجُورَ ويَقْصِدُ |
قال الأَخفش : أَراد : ويَنْبَغِي أَن يَقْصِد ، فلما حَذَفه وأَوْقَع يَقْصِد مَوقِعَ يَنْبَغِي رفَعه ، لوقوعه موقع المَرْفُوع.
وقال الفَرّاءُ : رَفعه للمخالفةِ ، لأَن معناه مُخَالِفٌ لما قَبْلَه فخُولِف بينهما في الإِعراب. قال ابن بَرِّيّ : معناه : على الحَكَمِ المَرْضِيِّ بِحُكْمهِ المَأْتِيِّ إِليه لِيَحْكُمَ أَن لا يَجُورَ في حُكْمِه ، بل يَقْصِد أَي يَعْدِل ، ولهذا رفعه ولم يَنصبه عَطفاً على قوله أَن لا يَجُورَ (٥) ، لفساد المعنى ، لأَنه يَصيرُ التقديرُ :
__________________
(١) سورة الفرقان الآية ٦٧.
(٢) سورة فاطر الآية ٣٢.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : كانت المداعبة كذا في النسخ وهو تصحيف ، والصواب : المداعسة ، كما في النهاية واللسان. والمداعسة : المطاعنة.
(٤) عن معجم المرزباني ، وبالأصل «أبو اللجام».
(٥) عن اللسان وبالأصل «يجوز».