وبعْضُهم يقول : قُصِدَ له ، بالقاف ، أَي مَنْ أُعطِيَ قَصْداً ، أَي قَليلاً. وكلامُ العَربِ بالفاءِ ، أَي لَم يُحْرَم القِرَى مَنْ فُصِدَتْ له الرَّاحِلةُ فحَظِيَ بِدَمِهَا. يضْرَب مَثَلاً فِيمَن طَلَبَ ونالَ بعْضَ المَقصِدِ ، وقال يعقوب : والمعْنى : لم يُحْرَم مَنْ أَصابَ بعْضَ حاجَتِهِ ، وإِنْ لم يَنَلْها كُلَّها. وتأْويلُ هذَا : أَنَّ الرَّجُلَ كانَ يُضِيف الرَّجلَ في شِدَّةِ الزَّمَانِ ، فلا يكونُ عندَه ما يَقْرِيه ، وَيَشِحُّ أَن يَنْحَرَ راحِلَتَه ، فَيَفْصِدُها ، فإِذا خَرَجَ الدَّمُ سَخَّنَه للضِّيْفِ ، إِلى أَن يَجْمُدَ وَيَقْوَى ، فيُطْعِمه إِيَّاه ، فجَرى المَثَلُ في هذا. وفي اللِّسَان : ومِنْ أَمثالِهم في الّذي يُقضَى له بعْضُ حاجَتِه دُونَ تَمامِها : «لم يُحْرَمْ مَنْ فُصدَ لَهُ» مأْخوذٌ من الفَصِيدِ الذي كان يُصْنَعُ في الجاهِليَّةِ ويُؤْكَل. يَقُول : كما يَتَبَلَّغُ المُضْطرُّ بالفَصِيدِ ، فاقْنَعْ أَنتَ بما ارتَفَع من قَضَاءِ حاجَتِكَ ، وإِنْ لم تُقْضَ كلُّها (١).
والفَصِيدُ : دَمٌ كان يُوضَعُ في الجاهِلِيّة في مِعًى ، مِن فَصْدِ عِرْقِ البَعير ، ويُشوَى (٢) ، وكان أَهلُ الجاهِليّةِ يأْكلُونه وتُطْعِمُه الضَّيفَ في الأَزْمةِ.
وعن ابن كَثْوَة (٣) : الفَصِيدةُ بالهَاءِ : تَمْرٌ يُعْجَنُ ويُشابُ ، أَي يُخْلَطُ بِدَمٍ ، وهو دَواءٌ يُدَاوَى به الصِّبْيانُ ، قاله في تفسير قولهم : «ما حُرِمَ مَنْ فُصِدَ له» ، كالفُصْدة بالضّمّ.
وأَفْصَدَ الشَّجَرُ وانفَصَدَ : انْشَقَّتْ (٤) عُيُونُ وَرَقِهِ وَبَدَتْ أَطرافُه.
والمُنْفَصِدُ ، والمُتَفَصِّدُ : السائِل الجارِي ، وانْفصدَ الشْيءُ وَتَفَصَّدَ : سال ، وفي الحديث : «أَنَّ النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان إِذا نَزَل عليه الوَحْيُ تَفَصَّد عَرَقاً».
يقال : هو يَتَفَصَّدُ عَرَقاً ، أَي يَسِيلُ عَرَقاً ، معناه : أَي سالَ عَرَقُه ، تشبيهاً في كَثْرَتِه بالفِصاد. وعَرَقاً : منصوب على التمييزِ.
وقال ابن شُمَيلٍ : في الأَرض تَفْصِيدٌ من السَّيْلِ ، أَي تَشَقُّقٌ وتَخدُّدٌ. وقال أَبو الدُّقَيْشِ : التَّفْصِيدُ. النَّقْعُ بماءٍ قَلِيلٍ. والمِفْصَد ، بالكسر : آلَةُ الفِصَادِ ، كالمِبْضَعِ.
* ومِمَّا يُسْتَدْرك عليه :
الفاصِدانِ : مَوْضِعُ مَجْرَى الدُّموعِ على الوجْهِ.
وأَبو فُصَيْدٍ ، كزُبَيْرٍ : مُحَدِّث ، روَى عن أَبي طاهرٍ السِّلَفِيّ ، ذكَرَه المُنْذِريُّ في التكملة.
[فغد] :
* ومما يستدرك عليه :
فَغْدِين بفتح (٥) الفاءِ ، وسكون الغين المعجمة ، وكسر الدّال المهمَلة : قَرْيَة بِبُخارَى ، منها أَبو يحيَى يوسف بن يعقوب اللَّيْثِيّ ، مولَى نَصْر بن سَيَّار.
[فقد] : فَقَدَهُ يَفْقِدُه فَقْداً ، بفتح فسكون ، وفِقْداناً ـ بالكسر ، وفُقْدَاناً ، بالضّمّ ، زاده المصنِّف في «البصائر» له ، وذَكَره شيخُنا عِوَضَ الكَسْرِ اعتماداً على الشُّهْرَة ، وقاعِدةِ المصادِر ، وفُقُوداً بالضَمِّ ، وهذه عن ابنِ دُرَيْدٍ. كذا في «البصائر» وأَنشدَ لعَنْتَرَةَ العَبْسِيِّ :
فإِن يَبرأْ فلَمْ أَنْفُثْ عَلَيْهِ |
|
وإِن يُفْقَدْ فَحُقَّ له الفُقُودُ |
ـ عَدِمَهُ ، والفاءُ ، والقاف ، والدال ، تَدُلُّ على ذَهَابِ شْيءٍ وضَياعهِ.
وفي «المفردات» للراغب : الفَقْدُ أَخصُّ من العَدَمِ ، لأَنَّ العَدَم بعْدَ الوُجُودِ (٦). أَي فهو أَعَمُّ ، كما قاله شيخُنَا. فهو فَقِيدٌ ومَفْقُودٌ ، وعلى الثاني اقتَصَر صاحِبُ اللِّسانِ.
قال شيخُنا : والفاعِل : فاقِدٌ ، على القيَاس ، ولذا لم يحتَجْ لذِكْره.
قلتُ : ومن سَجَعَاتِ الأَساس : أَنا مُنْذُ فارَقْتَنِي كالفاقِد ، أُمِّ الواحِد.
وأَفقدَهُ الله إِياهُ ، وأَفقدَه اللهُ كُلَّ حَمِيمٍ. والفاقِدُ من النِّسَاءِ التي ماتَ زوجُها أَو وَلَدُهَا (٧) أَو حَمِيمُها.
__________________
(١) في مجمع الأمثال : يضرب في القناعة باليسير.
(٢) مجمع الميداني : ثم يشوى.
(٣) ابن كثوة ، وكثوة أمه. هو زيد بن كثوة انظر اللسان مادة كثا.
(٤) في إحدى نسخ القاموس : تشققت.
(٥) في معجم البلدان بكسر الفاء ، وفي اللباب فكالأصل.
(٦) عبارة الراغب في المفردات : الفقد عدم الشيء بعد وجوده ، وهو أخص من العدم لأن العدم يقال فيه وفيما لم يوجد بعد.
(٧) في التهذيب : ولداها.