وقال أَبو عُبَيْدٍ : الفاقِدُ : الثَّكُول ، وأَنشد الليثُ :
كأَنَّها فاقِدٌ شَمْطَاءُ مُعْوِلَةٌ |
|
ناحَتْ وجَاوَبَها نُكْدٌ مَنَاكِيدُ (١) |
أَو : هي المُتَزَوِّجَةُ بعدَ مَوتِ زَوْجِهَا ، قاله اللِّحْيَانيُّ ، وقال : والعربُ تقول : لا تتزوَّجَنَّ فاقداً ، وتَزَوَّجْ مُطَلَّقَة.
وظَبْيَةٌ فاقِدٌ ، وبَقَرَةٌ فاقِدٌ : سُبِعَ وَلَدُهَا (٢) ، وكذلك : حَمامةٌ فاقِدٌ ، وأَنشد الفارِسيّ :
إِذا فاقِدٌ خَطْبَاءُ فَرْخَيْنِ رَجَّعَتْ |
|
ذَكَرْتُ سُلَيْمَى في الخَلِيطِ المُبَايِنِ |
قال ابن سيده : هكَذا أَنشدَه سيبويهِ ، بتقديم «خطباءَ» على «فَرْخَيْنِ» مُقَوِّياً بذلكَ أَنَّ اسمَ الفاعِلِ إِذا وُصِفَ قَرُب من الاسمِ وفارقَ شَبَهَ الفِعْلِ.
وافتَقَدَهُ وتَفَقُّده : طَلَبَهُ عِنْدَ غَيْبَتِهِ قال :
فلا أُخْتٌ فَتْبكِيه |
|
ولا أُمٌّ فَتَفْتَقِدُهْ |
وفي التنزيل (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ) (٣).
وفي «المفردات» للراغب : التّفَقُّد : تَعرُّفُ فِقْدَانِ الشْيءِ ، والتعَهُّد : تَعرُّفُ العَهْد المتقدّم. ووافقَه كثيرٌ من أَهل اللُّغَة. ومنهم من استعمَلَ كُلًّا منهما في مَحَلِّ الآخَرِ.
وفي حديثِ عائشةَ ، رضيَ اللهُ عنها : «افتقدْتُ رسولَ الله ، صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لَيْلةً» أَي لم أَجِدْه (٤). ويقال : ما افْتَقَدْتُه مُنْذُ افْتَقَدْتُه ، أَي ما تَفَقَّدتُه منذُ فَقَدتُه. كذا في «البصائر».
ورُويَ عن أَبي الدرداءِ أَنه قال : «من يَتَفَقَّدْ يَفْقِدْ ، ومن لا يُعِدَّ الصَّبْرَ لِفَوَاجع الأُمورِ يَعْجِزْ ، أَقْرِضْ مِن عَرَضِكَ ليوم فَقْرِك» قال ابنُ منظور : أَي من تَفَقَّدَ الخَيْرَ وطَلَبَه في النّاسِ فَقَدَه ولم يْجِدْه ، وذلك أَنَّه رأَى الخَيْرَ في النادِرِ من النَّاسِ ، ولم يَجِدْه فاشِياً موجوداً.
وفي «البصائر» للمصنّف : أَي مَن يَتَفَقَّدْ أَحوالَ الناسِ ويَتَعَرَّفْها عَدِمَ الرَّضا ، فإِن ثَلَبَك أَحدٌ فلا تَشْتَغِلْ بمعارضَتِه ، ودعْ ذلك قَرْضاً عليه ليوم الجَزَاءِ. انتهى.
وقد أَنشدَنَا بعضُ الأَصحاب :
تَفَقُّدُ الخِلَّانِ مُسْتَحْسَنٌ |
|
فَمَنْ بَدَاهُ فنِعِمَّا بَدَا |
سَنَّ سُلَيْمَانُ لنا سُنَّةً |
|
فكان فيما سَنَّهُ المُقْتَدَى |
تَفَقَّدَ الطَّيْرَ على رأْسِهِ |
|
فقال ما لِي لا أَرَى الهُدْهُدَا |
ويقال : ماتَ غيْرَ فَقِيدٍ ولا حَمِيدٍ ، وزاد الزَّمَخْشَريُّ (٥) وغيرَ مَفْقُودٍ ولا محمودٍ ، أَي غيرَ مُكْتَرَثٍ لِفِقْدَانِهِ.
والفَقْدُ بفتح فسكون ولا يُحَرَّك ، ووَهمَ الأَزهَرِيُّ صاحِبُ «التهذيب» قال الصاغانيُّ : وقع في نسخ الأَزهريِّ : الفَقَد ، بالتَحْرِيك ، والصواب سكونُ القَاف : نَباتٌ يُشْبِه الكَشُوثَى ، قاله اللَّيْث ، وشَرَابٌ يُتَّخَذُ من زَبِيبٍ أَو عَسَلٍ ، عن ابن الأَعْرَابِيِّ ، أَو كُشُوثٍ (٦) يُنْبَذُ في العَسَلِ فيُقَوِّيه ويُجِيدُ إِسكارَه ، وكونُه اسماً للنّباتِ والشّرَابِ المتَّخذِ منه ، ذَكَره أَبو حنيفَة ، في كتاب «النبات».
وعن ابن الأَعرابيّ (٧) : الفَقْدَةُ : الكَشُوثُ. وقال الليث : ويُقَال إِن العَسَلَ يُنْبَذُ ثم يُلْقَى فيه الفَقْدُ فَيُشَدِّده ، كالفُقْدُدِ بالضّمّ في التهذيب ، في الرباعيّ ، عن أَبي عَمْرٍو : الفُقْدُد : نَبِيذُ الكَشُوثِ (٧).
وتَفاقَدوا : فَقَدَ بعضُهم بَعضاً. وفي حديثِ الحَسَنِ «أُغَيْلِمَةٌ حَيَارَى تَفاقَدُوا» ، هو أَن يَفْقِد بَعضُهُم بعْضاً. وقال ابن مَيَّادةَ :
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله مناكيد ، كذا في اللسان والذي في الأساس : مثاكيل وهو الصواب» والبيت من لامية كعب بن زهير المشهور بالبردة وروايته في ديوانه ص ٧١ :
شد النهار ذراعا عيطل نصف |
|
قامت فجاوبها نكد مثاكيلُ |
(٢) في المحكم واللسان «شُبَع ولدها» تحريف. وفي التهذيب : بقرة فاقدة بهاء.
(٣) سورة النمل الآية ٢٠.
(٤) هو افتعلتُ من فقدتُ الشيء أفقده إذا غاب عنك قاله في اللسان.
(٥) يعني في أساس البلاغة.
(٦) كذا في القاموس هنا بضم الكاف ، وفيه في مادة كشت : «الكشوت ويضم» يعني بالفتح والضم. وضبطت في التهذيب بضم الكاف والشين ضبط قلم.
(٧) ضبطت العبارة عن التكملة ، وانظر الحاشية السابقة المنقولة عن التهذيب نصاً وضبطاً. وكله ضبط قلم.