الأَوّلِ باقٍ ، فذلك العَهْدُ ، لأَن الأَوّل عُهِدَ بالثاني ، قال : وقال بعضُهم : العِهَادُ : الحَدِيثةُ من الأَمطارِ ، قال : وأَحْسَبه ذَهَبَ فيه إِلى قَوْل السَّاجِع في وصف الغَيْثِ : أَصابَتْنَا دِيمةٌ بعدَ دَيمَةٍ ، على عِهَادٍ غيرِ قَدِيمةٍ. وقال ثعلبٌ : على عِهَادٍ قَدِيمة ، تَشْبَع منها النّابُ قَبْلَ الفَطِيمة (١).
وقال ابنُ الأَعْرَابيِّ مرَّةً : العِهَادُ : ضَعِيفُ مَطَرِ الوَسْمِيِّ ورِكَاكُه. وعُهِدَت الرَّوضةُ : سَقَتْها العَهْدَةُ ، فهي مَعْهُودةٌ.
ويقال : مَطَرُ العُهُودِ أَحسَنُ ما يكون لِقِلَّةِ غُبَارِ الآفاقِ.
وقيل : عامُ العُهُودِ عامُ قِلَّةِ الأَمطار.
وفي الأَساس : والعِهَاد : أَمْطار الرَّبِيع بعدَ الوَسْمِيّ ، ونزَلْنا في دماثة محمودة (٢) ورياضٍ معهودة.
والعَهْدُ : الزَّمَانُ كالعِهْدَان ، بالكسر.
وفي الأَساس : وهذا حِينُ ذلك وعِهْدَانُهُ ، أَي وَقْتُهُ.
والعَهْد : الوَفاءُ والحِفاظُ ، قال الله تعالى : (وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ) (٣) أَي من وَفَاءٍ والعَهْد : تَوْحِيدُ الله تَعالى ، ومنه قوله جلّ وعزّ إِلّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (٤) ومنه أَيضاً حديثُ الدُّعَاءِ : «وأَنَا على عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ» (٥) أَي أَنا مُقِيمٌ على ما عاهَدْتُك عليه من الإِيمان بك والإِقرار بوَحْدانِيَّتِك لا أَزول عنه.
والعَهْدُ : الضَّمانُ ، كالعُهَّيْدَى والعِهْدَانِ ، كَسُمَّيْهَى بضَمّ السِّين المُهملة ، وتشديد الميم المفتوحة وعِمْرَان ، أَي بالكسر ، وفي حديث أُمّ سَلَمَة «قالت لعائِشةَ : وتَرَكْتِ عُهَّيْدَى» (٦) ، وهو بالتشديد ، والقصر : فُعَّيْلَى من العَهْد كالجُهَّيْدَى من الجَهْد ، والعُجَّيْلَى من العَجَلَة ، وهو بخطّ الصاغانيِّ بالتخفيف في الكلّ ، أَي في العُهَيْدَى والعُجَيْلَى والجُهَيْدَى.
ويقال : تَعَهَّدَه وتَعاهَدَه واعْتَهَدَهُ إِذا تَفَقَّدَه وأَحدَثَ العَهْدَ بِهِ ، ويقال للمحافِظ على العَهْد : مُتَعَهِّدٌ ، ومنه قول أَبي عَطاءٍ السِّنْديّ ، وكان فصيحاً ، يَرْثِي ابنَ هُبَيْرةَ :
وإِنْ تُمْسِ مَهْجُورَ الفِنَاءِ فرُبَّما |
|
أَقَامَ بِهِ بعْدَ الوُفُودِ وُفُودُ |
فإِنَّكَ لم تَبْعُدْ علَى مُتَعَهِّدٍ |
|
بَلَى كُلُّ مَنْ تَحْتَ التُّرَابِ بَعِيدُ |
أَراد : مُحَافِظٌ على عَهْدِكَ بذِكْرِه إِيَّاي (٧).
وفي اللسان : والمُعَاهَدة ، والاعْتهاد ، والتَّعاهُد والتَّعَهُّد ، واحدٌ ، وهو إِحداث العَهْدِ بما عَهِدْته ، قال الطِّرِمَّاحُ :
ويُضِيع الذي قدَ اوجَبَهُ اللّ |
|
هُ عليه وليس يَعْتَهِدُهْ |
وتعهَّدت ضَيْعَتي ، وكلَّ شيْءٍ ، وهو أَفصحُ من قَولك تَعَاهَدْته ، لأَنّ التَّعَاهُدَ إِنما يكون بين اثنينِ. وفي التهذيب : ولا يقال تعاهَدْته. قال وأَجازهما الفَرَّاءُ. انتهى. وفي «فصيح» ثعلب. يقال : يَتَعَهَّدُ ضَيْعَته ، ولا : يُقَال يَتعَاهَد.
قال ابن دُرُسْتُوَيْهِ : أَي يُجَدِّدُ بها عَهْدَه ، ويَتَفَقَّد مَصْلحَتها.
وقال التَّدْمُريّ : هو تَفَعُّل من العَهْد ، أَي يُكْثِرُ التَّرَدُّدَ عليها.
وأَصلُه من العَهْد الذي هو المَطَرُ بعدَ المَطرِ ، أَو من العَهْد ، وهو المَنْزِل الذي عَهِدْت به الشيءَ ، أَي عَرَفْتَه. وقال ابن التّيانيّ في «شرح الفصيح» عن أَبي حاتِمٍ : تقولُ العربُ : تَعَهَّدْت ضَيْعتِي ، ولا يُقَال : تَعَاهَدْتُ. وقال لي أَبو زَيْد : سَأَلَني الحَكَم بن قنْبَر عن هذا ، فقُلتُ : لا يُقَال تَعاهَدت ، فقال لي : أَثْبِت لي على هذا ، لأَني سأَلْت يونُس فقال : تَعاهَدْت ، فلمَّا اجتمعْنا عِند يُونُس قال الحَكَم : إِن أَبا زيد يَزْعُم أَنه لا يُقَال : تَعاهَدْت ضَيْعَتي ، إِنَّما يقال تَعهَّدْت.
واتَّفق عِنْدَ يُونُسَ سِتَّةٌ من الأَعرابِ الفُصحاءِ فقلت : سَلْ هؤلاءِ ، فبدَأَ بالأَقْرِبَ فالأَقْرَب ، فسَأَلهم ، واحِداً واحداً ،
__________________
(١) قوله : ديمة ، قديمة ، العظيمة قيدت جميعها في المحكم بتاء مفتوحة : ديمت ، قديمت ، العظيمت. وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله : تشبع منها الناب قبل العظيمة : فسره ثعلب فقال : معناه هذا النبت قد علا ، فلا تدركه صغيرة لطوله ، وبقي منه أسافله فنالته الصغيرة ، قاله في اللسان».
(٢) الأساس : دماثٍ مجودة.
(٣) سورة الأعراف الآية ١٠٢.
(٣) سورة الأعراف الآية ١٠٢.
(٤) سورة مريم الآية ٨٧.
(٥) قوله ما استطعت قال ابن الأثير : واستثنى بقوله : ما استطعت موضع القدر السابق في أمره : أي إن كان قد جرى القضاء أن انقض العهد يوماً ما ، فإِني أخلد عند ذلك إِلى التنصل والاعتذار لعدم الاستطاعة في دفع ما قضيته عليّ.
(٦) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله عهيدي ، الذي في النهاية والتكملة : وتركت عهيداه».
(٧) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : بذكره إياي ، لعل الصواب : بذكره إِياه فليتأمل».