قلت : وفي حديث عليٍّ ، كرّمَ الله وَجهَه. «عَهِدَ إِليَّ النبيُّ الأُمّيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم» ، أَي أَوصَى.
والعَهْدُ : التَّقَدُّمُ إِلى المَرْءِ في الشيْءِ. والعَهْدُ المَوْثِقُ. واليَمِينُ يَحْلِفُ بها الرجُلُ ، والجمع : عُهُودٌ ، تقول : عليَّ عَهْدُ اللهِ ومِيثاقُه لأَفْعلَنَّ كذا ، وقِيلَ : ولِيُّ العَهْدِ ، لأَنَّهُ وَلِيَ المِيثَاقَ الّذِي يُؤخَذُ على مَن بايع الخَلِيفَةَ ، وقد عاهَدَهُ. ومنه قولُ الله تعالى : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ) (١). وقال بعض المفسِّرين : العَهْد كُلُّ ما عُوهِد اللهُ عليهِ ، وكلّ ما بينَ العِبَادِ من المَوَاثِيقِ فهو عَهْدٌ. وأَمْرُ اليَتِيمِ من العَهْدِ. وقال أَبو الهَيْثم : العَهْدُ جمْع العَهْدَةِ ، وهو الميثَاقُ واليَمِينُ التي تَسْتَوثِقُ بها ممَّن يُعاهِدُكَ. والعَهْدُ : الّذي يُكْتَبُ لِلوُلاةِ : مُشْتَقٌّ مِن عَهِدَ إِليه عَهْداً ، إِذا أَوصَاهُ ، والجمع كالجَمْع. والعَهْد : الحِفَاظُ ورِعَايَةُ الحُرْمَةِ ، وفي الحديث : «أَنّ عَجُوزاً دَخَلَت على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فسأَل بها وأَحْفَى ، وقال : إِنها كانَتْ تأْتِينَا أَيَّامَ خَدِيجَةَ ، وإِنَّ حُسْنَ العَهْدِ من الإِيمان (٢)».
وقال شَمِرٌ : العَهْد : الأَمَانُ ، وكذلك الذِّمَّة وفي التنزيل العزيز (لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ) (٣) وإِنَّمَا سُمِّيَ اليَهودُ والنَّصَارَى أَهلَ العَهْدِ للذِّمّة الّتي أُعطُوهَا ، فإِذا أَسْلموا سَقَطَ عنهم اسمُ العَهْد.
وفي الحديث : «لا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بكافِرٍ ، ولا ذو عَهْدٍ في عَهْدِه» ، أَي ذو أَمانٍ وذِمَّةٍ ، ما دام على عَهْده الذي عُوهِدَ عليه ، ولهذا الحديثِ تأْوِيلانِ بمقتضَى مَذْهَبَيِ الشَّافِعِيّ وأَبي حنيفةَ ، راجِعْه في «النهاية» لابن الأَثير (٤).
والعَهْدُ : الالْتِقَاءُ ، والمَعْرِفَةُ ، وعَهِدَ الشيْءَ عَهْداً ، عَرَفَه. ومن العَهْد أَن تَعْهَد الرَّجلَ على حالٍ أَو في مكانٍ.
ومِنْهُ ، أَي من مَعْنَى المعرفةِ ، كما هو الظاهر ، أَو مِمَّا ذُكِر من المَعْنَيَين قولُهم عَهْدِي به بمَوْضع كذا ، وفي حالِ كذا ، أَي لَقِيتُهُ وأَدْرَكْتُهُ وعَهْدِي به قَرِيبٌ.
وقولُ أَبي خِرَاش الهُذَلِيّ :
فَلَيْسَ كَعَهْدِ الدَّارِ يا أُمَّ مالِكٍ |
|
ولَكِنْ أَحاطَتْ بالرِّقَابِ السَّلاسِلُ (٥) |
أَي ليس الأَمر كما عَهِدْت ، ولكن جاءَ الإِسلامُ فهَدَمَ ذلك.
وفي حديث أُمِّ زَرْع : «ولا يَسأَلُ عَمَّا عَهِدَ» أَي عَمَّا كان يَعْرِفُه في البَيْتِ من طَعَامٍ وشَرَابٍ ونحْوِهما ، لِسَخائِهِ وسَعَةِ نَفْسِه.
ويقال : متَى عَهْدُكَ بفلانٍ ، أَي متَى رُؤيتُك إِيّاه.
والعَهْد : المَنْزِلُ المَعْهُودُ بِهِ الشيْءُ سُمِّيَ بالمَصْدَرِ ، قال ذو الرُّمَّة :
هَلْ تَعْرِفُ العَهْدَ المُحِيلَ رَسْمُهُ
كالمَعْهَدِ ، وهو المَنْزلُ الّذِي لا يَزَالُ القَوْم إِذا تَنَاءَوْا عنه رَجَعُوا إِليه ، وهو أَيضاً المنزِل الذي كنْتَ تَعْهَدُ به هَوًى لك ، ويقال : استوقَفَ الرّكْبَ على عَهْدِ الأَحِبَّةِ ومَعْهَدِهم ، وهذه مَعاهِدُهم.
والعَهْد : أَوَّلُ مَطَرِ ـ والوَليُّ الّذِي يَليها (٢) من الأَمطارِ ، أَي يَتَّصِلُ بها (٦). وفي المحكم : العَهْد أَوّلُ المَطرِ ـ الوَسْمِيّ ، عن ابن الأَعرابيِّ ، والجمْع العِهَاد ، كالعَهْدَةِ ، بالفتح ، والعِهْدَةِ والعِهَادَةِ ، بكسرهما ، وفي بعض النّسخ : العِهاد ، بحذْف الهاءِ.
عُهِدَ المكانُ كَعُنِيَ فهو مَعْهُودٌ : عَمَّه المَطَرُ ، وكذا عُهِدَت الرَّوضةُ : سَقَتْها العَهْدَةُ ، فهي مَعْهُودَةٌ ، وأَرضٌ مَعْهُودَةٌ.
والعَهْدُ والعَهْدَةُ والعِهْدة : مَطَرٌ بَعْدَ مَطَرٍ يُدْرِكُ آخِرُهُ بَلَلَ أَوَّلِه ، وقيل : هو كلُّ مَطَرٍ بَعْدَ مَطَرٍ ، وقيل : هو المَطْرة الّتي تكون أَوَّلاً لِما يأْتي بَعْدَهَا ، وجمْعها : عِهادٌ وعُهُود ، قال :
أَراقَتْ نُجومُ الصَّيْفِ فيها سِجَالَها |
|
عِهَاداً لِنَجْمِ المَرْبَعِ المُتَقَدِّمِ |
قال أَبو حَنِيفَةَ : إِذا أَصابَ الأَرْضَ مَطَرٌ بَعْدَ مَطَرٍ ، ونَدَى
__________________
(١) سورة النحل الآية ٩١.
(٢) انظر نصه في التهذيب.
(٣) سورة البقرة الآية ١٢٤.
(٤) انظر النهاية واللسان (عهد).
(٥) أراد بالسلاسل الإسلام ، وأنه أحاط برقابنا ، فلا نستطيع أن نعمل شيئاً مكروهاً.
(٦) اللسان : يليه ... به».