والعَمُود الّذي تَحامَلَ الثِّقْلُ عليه من فَوقِ كالسَّقْفِ (١) يُعْمَد بالأَساطين المَنصوبة.
وعَمَدَ لِلشَّيْءِ وعَمَد إِليه ، وعَمَدَه يَعْمِدُه ، من حدِّ ضَرَب ـ كما صرَّحَ به أَربابُ الأَفعال. ولا عِبرةَ بإِطلاقِ المصنِّف على ما اصْطَلحه (٢) ، وبه جَزَم عِيَاضٌ في «المشارق» والفيُّوميُّ في «المصباح» عَمْداً ، بالفتح ، وعَمَداً ، محرّكةً ، وعِماداً ، بالكسر ، وعُمْدَةً ، بالضّمِّ ، كُلُّها في «شرح الفصيح» للمطرِّز. وزادُوا : عُمُوداً ، بالضّمّ ، على القياس ، ومَعْمَداً ، مصدر ميميّ ، الأَوّل من نوادر ابن الأَعرابيِّ ، والثاني من شَرْح ابنِ عَرفة لشِعْر ديوانِ سُحَيم ، كذا في شرْح اللِّبليّ على «الفصيح» ـ : قَصَدَهُ ، وَزْناً ومعنًى وتَصريفاً ، في كونه يَتعدَّى بنفْسِه ، وباللام ، وبإِلى. كتَعَمَّدَهُ وتَعَمَّد له ، واعْتَمَده.
قال الأَزهَرِيُّ : العَمْدُ ضِدُّ (٣) الخَطَإِ في القَتْلِ وسائرِ الجِنَايَاتِ.
والقَتْلُ على ثلاثةِ أَوْجةٍ : قَتْلُ الخَطإِ المَحْضِ ، والعَمْدِ المَحْضِ ، وشِبْهِ العَمْد (٤).
وعَمَدَ المَرَضُ فُلاناً : أَضْنَاهُ وأَوجَعَهُ ، قال الشاعر :
أَلا مَنْ لِهَمٍّ آخِرَ اللَّيْلِ عامِدِ
معناه : مُوجِع.
روى ثعلبٌ أَنَّ ابنَ الأَعرابيِّ أَنشدُه لسِمَاكٍ العامِليِّ :
أَلَا مَنْ شَجَتْ لَيْلَةٌ عامِدَهْ |
|
كَما أَبداً لَيْلَةٌ واحدَهْ (٥) |
قال الأَزهريُّ : أَي مُمِضَّة مُوجعة. وعَمَدَه المَرضُ يَعْمِده : فَدَحَهُ ، عن ابن الأَعرابيِّ ، ومنه اشتُقَّ القَلْبُ العَمِيدُ.
وعَمَدَهُ يَعْمِده : أَسْقَطَهُ ، قال : ودَخَلَ أَعرابيٌّ على بَعْضِ العَرَبِ ، وهو مريض ، فقال له : كيفَ تَجِدُك؟ فقال : أَمَّا الّذِي يَعْمِدُني فَحُصْرٌ وأُسْرٌ. ويقال للمريضِ : مَعْمُودٌ.
وعَمَدَه ضَرَبَهُ بالعَمُود. وعَمَدَه يَعْمده : ضَرَبَ عَمُودَ بَطْنِهِ. وعَمَده : أَحْزَنَهُ ، وهذا ، والذي قبلَه من حَدِّ نَصَر.
وعَمِدَ عليه ، كفَرِحَ : غَضِبَ كعَبِدَ ، حكاه يعقُوبُ في المُبْدلِ.
وقال الأَزهَرِيُّ : هو العَمَدُ والأَمَدُ (٦).
وقال الغَنَوِيُّ : العَمَدُ والضَّمَدُ : الغَضَبُ.
وعن ابن بُزُرْج : يقال : حَلِسَ به ، وعَرِسَ به ، وعَمِدَ بِهِ ، ولَزِبَ به ، إِذا لَزِمَهُ.
وعَمِدَ البَعِيرُ : انفَضَخَ داخِلُ سَنَامِهِ من الرُّكُوبِ ، وظاهِرُهُ صَحِيحٌ فهو بَعِيرٌ عَمِدٌ ، وهي بهاءٍ. وقيل عَمِدَ البَعِيرُ ، إِذا وَرِمَ سَنَامُه مِن عَضِّ القَتَبِ والحِلْسِ وانْشَدَخَ ، ومنه قيل : رَجُلٌ عَمِيدٌ ومَعْمُودٌ.
وعَمِدَ الثَّرَى يَعْمَدُ عَمَدَاً : بَلَّلَهُ المَطَرُ ، فهو عَمِدٌ : تَقَبَّضَ ، وتَجَعَّدَ ، ونَدِيَ ، وتَرَاكبَ بعضُه على بعْضٍ ، فإِذا قَبَضْتَ منه على شيْءٍ تَعقَّدَ واجْتَمَعَ من نُدُوَّتِه ، قال الراعِي يَصف بقرةً وَحشيّةً :
حتَّى غَدَتْ في بَيَاضِ الصُّبْحِ طَيِّبَةً |
|
رِيحَ المَباءَةِ تَخْدِي والثَّرَى عَمِدُ |
أَراد : طَيّبَةَ رِيحِ المَبَاءَةِ ، وقال أَبو زيد : عَمِدَت الأَرضُ عَمَداً ، إِذا رَسَخَ فيها المَطَرُ إِلى الثَّرَى حَتَّى إِذا قَبَضْتَ عليه في كَفِّكَ تَعَقَّدَ وجَعُد لِنُدُوَّتِهِ.
وقال النَّضْر : عَمِدَت أَلْيَتاهُ من الرُّكُوبِ : وَرِمَتَا واخْتَلَجَتا ، وفي بعض الأُمهات : خلجَتا ويقال : هُو عَمِدُ الثَّرَى ، ككَتِفٍ ، أَي كَثِيرُ المَعْرُوفِ ، عن أَبي زيدٍ وشَمِرٍ.
وأَنا أَعْمَدُ منه ، أَي أَتَعَجَّبُ ، وقيل : أَعْمَدُ بمعنَى أَغْضَبُ ، من قولهم عَمِدَ عليه ، إِذا غَضِبَ. وقيل : معناه
__________________
(١) المطبوعة الكويتية : «السقف» تطبيع.
(٢) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : اصطلحه ، كذا بالنسخ ، واصطلح لا يتعدى بنفسه بل بالحرف».
(٣) التهذيب : نقيض.
(٤) الخطأ المحض أن يرمي الرجل بحجر يريد تنحيته عن موضعه ولا يقصد به أحداً فيصيب إنساناً فيقتله ... وأما شبه العمد فأن يضرب الإنسان بعمود لا يقتل مثله ، أو بحجر لا يكاد يموت من أصابه ، فيموت منه. (عن التهذيب).
(٥) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : كما ، قال في التكملة واللسان : ما معرفة فنصب «أبداً» على خروجه «مَنْ» المعرفة ، ولو خفض كان جائزاً».
(٦) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : العَبَدُ والأبُدُ.