عَمْرٍو النَّهْديّ ، المعروفِ ، بالصّقعَب الذي ضُرِب به المثَلُ فقيل : «أَقْتَلُ مِن صَيْحَةِ الصَّقْعَب» زعَمُوا أَنَّه صاحَ في بَطْنِ أُمِّه ، وأَنّه صاحَ بقَوْمٍ فهَلَكُوا عن آخِرِهم.
وقيل : المَثُل للنُّعْمَانِ بن ماءِ السماءِ ، قاله لشِقَّة بن ضَمْرة التّميميّ. وفيه : فقال شِقّة : أَيُّها المِلكُ إِنَّ الرَّجالَ لا تُكال بالقُفْزَان ، ولا تُوزَن بالمِيزَان. وليست بمُسوك ليُسْتقَى فيها الماءُ. وإِنَّما المرءُ بأَصْغَرَيْه : قَلْبِه ولِسَانِه ، إِن قال قال بِبَيان ، وإِن صالَ صالَ بجَنان : فأَعْجَبَهُ ما سَمِعَ منه. قال أَنت ضَمْرَةُ بنُ ضَمْرَةَ.
قال شيخُنا : قالوا : لم يَرَ الناسُ من زَمَنِ المُعَيْدِيِّ إِلى زَمَنِ الجَاحِظِ أَقبَحَ منه ، ولم يُرَ من زَمنِ الجاحِظِ إِلى زَمَنِ الحَرِيريِّ أَقْبَحُ منه.
وفي «وفَيات الأَعيان» لابنِ خلِّكان أَن أَبا محمدٍ القاسِمَ بنَ عليّ الحريريَّ ، رحمهالله ، جاءَه إِنسان يَزُوره ويأْخُذُ عنه شيئاً من الأَدب ، وكان الحَرِيريُّ دَميم الخِلْقة جِدّاً فلَمَّا رآه الرّجُل استنزرَى خِلْقَتَه (١) ، ففَهِمَ الحريريُّ ذلك منه ، فَلَمَّا طلبَ الرَّجُل من الحريريِّ أَن يُمْلِيَ عليه شيئاً من الأَدب ، قال له : اكتُب :
ما أَنْتَ أَولُ سارٍ غَرَّهُ قَمَرٌ |
|
ورائدٍ أَعجبتْهُ خُضْرَةُ الدِّمَنِ |
فاخْتَرْ لنفسِكَ غيرِي إِنَّني رَجُلٌ |
|
مِثْلُ المُعَيْدِيِّ فاسمَعْ بِي ولا تَرَبِي |
وزاد غيرُ ابنِ خلّكان في هذه القصّةِ أَن الرجلَ قال :
كانَتْ مُساءَلَةُ الرُّكْبَانِ تُخْبِرُنا |
|
عَنْ قاسِمِ بنِ عَلِيٍّ أَطيَبَ الخَبَرِ |
حتَّى الْتَقَيْنَا فلا والله ما سَمِعتْ |
|
أُذْنِي بأَحْسَنَ مِمَّا قد رَأَى بَصَرِي |
وذُو مَعَدِّيِّ بْنُ بَرِيمٍ (٢) كَكَرِيم ، ابن مَرْثَد ، قَيْلٌ من أَقْيَالِ اليَمن.
والعِدَادُ ، بالكسر : العَطَاءُ ، ويومُ العِدَادِ : يوم العَطَاءِ ، قال عُتْبَة (٣) بن الوَعْلِ :
وقائلةٍ يومَ العِدَادِ لِبَعْلِها |
|
أَرى عُتْبةَ بن الوَعْلِ بَعدِي تَغَيَّرَا |
ويقال : بالرَّجل عِدَادٌ ، أَي مَسٌّ مِن جُنُونٍ ، وقيَّدَه الأَزْهَرِيُّ فقال هو شِبْهُ الجُنونِ يأْخذ الإِنسانَ في أَوقاتٍ مَعلومةٍ.
والعِدَادُ : المُشَاهَدَةُ ووَقْتُ المَوْتِ قال أَبو كَبيرٍ الهُذَلِيُّ :
هَلْ أَنْتِ عارِفَةُ العِدَادِ فتُقْصِرِي |
|
أَم هَلْ أَراحَكِ مَرَّةً أَن تَسْهَرِي |
معناه : هل تَعرفين وَقْتَ وفاتِي (٤).
وقال ابن السِّكِّيتِ : إِذا كَانَ لأَهْلِ المَيِّتِ يومٌ أَو ليلةٌ يُجتمع فيه (٥) للنِّياحة عليه ، فهو عِدادٌ لهم.
والعِدَاد مِن القَوْسِ : رَنِينُهَا وهو صَوتُ الوَتَرِ (٦) ، قال صَخْرُ الغَيِّ :
وسَمْحَةٌ من قِسِيِّ زارةَ حَم |
|
راءُ هَتُوفٌ عِدَادُها غَرِدُ |
كالعَدِيدِ ، كأَمير.
والعِدَاد : اهْتِيَاجُ وَجَعِ اللَّدِيغِ بَعْدَ تَمَام سَنَةٍ ، فإِذا تَمَّت له مُذْ يَوْمَ لُدِغَ هَاجَ به الأَلمُ ، كالعِدَدِ ، كَعِنَبٍ مقصورٌ منه. وقد جاءَ ذلك في ضرورةِ الشِّعْر. ويقال : بِه مَرضٌ عِدادٌ ، وهو أَن يَدَعَه زَماناً ، ثم يُعَاوِدَه ، وقد عادَّه مُعَادَّة وعِدَاداً. وكذلك السَّلِيمُ والمَجْنُونُ ، كأَنَّ اشتقاقَه من الحِسَاب ، من قِبَلِ عَدَدِ الشُّهُورِ والأَيَّامِ ، ويقال : عادَّتْهُ اللَّسْعَةُ مُعَادَّةً ، إِذا أَتَتْهُ لِعِدادٍ ، ومنه الحديثُ المشهور : «ما زالَتْ أُكْلَةُ خَيْبَرَ تُعَادُّنِي ، فهذا أَوانَ قَطَعَتْ أَبْهَرِي» أَي يُرَاجِعُني ويُعَاوِدُني أَلَمُ سمِّهَا في أَوقاتٍ مَعْلُومة ، وقال الشاعر :
__________________
(١) في وفيات الأعيان ٤ / ٦٦ استزرى شكله.
(٢) في نسخة ثانية من القاموس : يَرِيم.
(٣) في المطبوعة الكويتية «عُتيبة» تحريف.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قال في التكملة : يقول : ألم ينزل بك فمات من كنتِ تحبين ، فأسهرك توجّعك عليه ، ثم نسيت ذلك ، وذهب عنك السهر ، فتعزي عن هذه المصيبة التي أنت فيها أيضاً».
(٥) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : يجتمع فيه النساء.
(٦) الأصل والصحاح ، وفي اللسان : صوتها ورنينها ، وهو صوت الوتر.