[ردد] : رَدَّهُ عن وَجْهه يَرُدُّه رَدًّا ومَرَدًّا ، كلاهما من المصادر القياسيّة ، ومَرْدُوداً ، من المصادر الواردة على مَفْعول ، كمَحْلوفٍ ومَعقولٍ ، ورِدِّيْدَى ، بالكسر مشدَّداً ، كَخِصِّيصَى ، وخِلِّيفَى ، يُبنَى للمبالغة : صَرَفَهُ وَرَجَعَه ، ويقال رَدَّه عن الأَمر ولَدَّه ، أَي صَرَفه عنه برِفْق.
وأَمرُ اللهِ لا مَرَدَّ له. وفي التنزيل : (فَلا مَرَدَّ لَهُ) (١) وفيه (يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ) (٢) قال ثعلب : يعنِي يَوْمَ القِيَامةِ ، لأنه شيْءٌ لا يُرَدُّ.
وفي حديث عائشة : «مَن عَمِلَ عَمَلاً ليس عليه أَمْرُنا فهوَ رَدٌّ» أَي مَرْدُودُ عليه ، يقال أَمْرٌ رَدٌّ ، إِذا كان مُخَالِفاً لما عَليه السُّنَّة ، وهو مَصْدرٌ وُصِفَ به.
ورُوِيَ عن عُمَرَ بن عبدِ العَزِيز أَنه قال : «لا رِدِّ يدَى في الصَّدَقَة» أَي لا تُؤْخَذُ في السَّنَةِ مَرَّتينِ ، والاسمُ رَدَادٌ ، ورِدَادٌ ، كسَحَاب وكِتابٍ ، وبهما جَميعاً رُوِيَ قولُ الأَخطَلِ :
وما كُلُّ مَغْبُونٍ ولو سَلْفَ صَفْقَةٍ |
|
يُرَاجعُ ما قَدْ فاتَهُ بِرَدَادِ |
ورَدَّ عليه الشيءَ ، إِذا لَمْ يَقْبَلْهُ ، وكذلك إِذا خَطَّأَهُ.
ونقل شيخُنا عن جماعةٍ من أَهلِ الاشتقاقِ والتصرِيفِ : أَن رَدَّ يَتَعَدَّى إِلى المفعولِ الثاني بإِلى ، عند إِرادةِ الإِكرامِ ، وبِعَلَى ، للإِهانة ، واستدلُّوا بنحو قوله تعالى : (فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ) (٣) و (يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) (٤) ونقله الجَلالُ السُّيُوطِيُّ وَسَلَّمه ، فتأَمَّلْه ، فإِن الاستقراءَ رُبّما يُنافِيه.
ومن المجاز : المَرْدُودَة المُوسَى لِرَدِّها في نِصابها.
ومن المجاز أَيضاً : امرأَةٌ مَرْدُودةٌ ، وهي : المُطَلَّقَةُ ، كالرُّدَّى ، كالحُمَّى ، الأَخيرةُ عن أَبي عَمْرٍو.
وفي حديث الزُّبَيْرِ ، في دارٍ له وَقَفَها فكَتَب : «وللْمَرْدُودَةِ من بَنَاتِهِ (٥) أَن تَسْكُنَها». لأَن المُطَلَّقَةَ لا مَسْكَنَ لها على زوْجها.
والرَّدُّ ، بالفتح : الشيءُ الرَّدِيءُ وهو مجاز ، ودِرْهَمٌ رَدٌّ : لا يَرُوجُ ، ورُدُودُ الدَّراهِمِ ، واحدُهَا : رَدٌّ ، وهو ما زِيفَ فرُدَّ على ناقِدِه ، بعدَ ما أُخِذ منه. وكلُّ ما رُدَّ بعدَ أَخْذٍ : رَدٌّ.
والرَّدُّ في اللِّسَانِ : الحُبْسَةُ وعَدَمُ الانطلاقِ.
والرِّدُّ ، بالكسر : عِمَادُ الشَّيءِ الذي يدفَعُه ويَرُدُّه ، قال :
يا ربِّ أَدعوكَ إِلهاً فَرْدَا |
|
فكُنْ لَهُ من البَلايَا ردَّا |
أَي مَعْقِلا يَرُدُّ عنه البَلاءَ.
وقولُه تعالى : فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدّاً يُصَدِّقُنِي (٦) فيمَنْ قَرَأَ بِه يجوز أَن يكون من الاعتماد ، وأَن يكون على اعتقادِ التَّثْقِيل في الوَقْفِ ، بعد تخفِيفِ الهمزةِ.
ويقال : في لسانه رَدَّةٌ (٧) ، أَي حُبْسَة ، وفي وَجُهِهِ رَدَّة ، الرَّدَّةُ بالفتح : القُبْحُ مع شيْءٍ من الجَمالِ ، يقال : في وَجْهِهِ رَدَّةٌ ، وهو رَادٌّ ، وقال ابن دُرَيد :
في وَجْهِهِ قُبْحٌ وفيهِ رَدَّة
أَي عَيْبٌ.
وقال أَبو ليلَى : في فُلان رَدَّه ، أَي يَرْتَدُّ البَصَرُ عنه من قُبْحِه ، قال : وفيه نَظْرةٌ ، أَي قُبْحٌ.
وقال اللَّيْث : يُقَالُ للمرأَةِ إِذا اعْتَراها شيءٌ من خَبَالٍ (٨) ، وفي وَجْهِهَا شيءٌ من قَباحَةٍ : هي جَمِيلَةٌ ، ولكن في وَجْهِها بَعْضُ الرَّدَّة ، وهو مجازٌ.
والرِّدَّةُ ، بالكسر : الاسمُ مِنَ الارْتِدادِ وقد ارْتَدَّ ، وارتَدَّ عنه : تَحوَّلَ ، ومنه الرِّدَّة عن الإِسلامِ ، أَي الرجوعُ عنه ، وارتَدَّ فُلانٌ عن دِينِه ، إِذَا كَفَرَ بعد إِسلامِهِ.
وفي الصّحاح : الرِّدّة : امْتِلاءُ الضَّرْعِ من اللَّبَنِ قَبْلَ النِّتَاجِ ، عن الأَصمعيّ ، وأَنْشَدَ لأَبي النَّجْم :
تَمْشِي من الرِّدَّةِ مَشْيَ الحُفَّلِ |
|
مَشْيَ الرَّوَايَا بالمَزَادِ المُثْقِلِ (٩) |
__________________
(١) سورة الرعد الآية ١١.
(٢) سورة الروم الآية ٤٣.
(٣) سورة القصص الآية ١٣.
(٤) سورة آل عمران الآية ١٤٩.
(٥) في التهذيب : بناتي.
(٦) سورة القصص الآية ٣٤.
(٧) اللسان : رَدّ.
(٨) الأصل واللسان ، وفي التهذيب «جمال» وقد مرّ قريباً : وفي وجهه ردة : قبح مع شيء من الجمال.
(٩) الصحاح : الأثقل.