سَقَطَ. وكذلك ما أَشبههما (١) وإِن نوَيتَ أَن تُظهرَ ما أُضِيف إِليه وأَظهرْتَهُ فقلْت : للهِ الأَمرُ من قبلِ ومن بعدِ ، جازَ ، كأَنَّك أَظهرْتَ المخفوضَ الّذِي أَضَفْتَ إِليه قَبْل وبَعْد. وقال ابن سيده : ويُقرأُ : لله الأَمرُ من قَبْلٍ ومن بَعْدٍ يجعلونهما نَكرتَين ، المعنَى : لله الأَمرُ من تَقَدُّمٍ ومن تأَخُّرٍ. والأَوّلُ أَجوَدُ. وحكى الكسائيّ لله الأَمْرُ مِن قَبْلِ ومن بَعْدِ بالكسر بلا تنوين.
واسْتَبْعَدَ الرَّجُلُ ، إِذا تَبَاعَدَ. واستبعدَ الشَّيءَ : عَدَّه بعيداً.
وقولهم : جِئت بَعْدَيْكُما (٢) أَي بَعْدَكُما ، قال :
أَلَا يا اسْلَمَا يا دِمْنَتَيْ أُمِّ مالكٍ |
|
ولا يَسْلماً بَعدَيْكُما طَللانِ |
وفي الّصحاح : رأَيْته ، وقال أَبو عُبيد (٣) : يقال : لَقيته بُعَيداتِ بَيْن بالتصغير ، إِذا لَقيتَه بعد حِين. وقيل بَعِيدَاتِهِ ، مُكبّراً ، وهذه عن الفَرّاءِ ، أَي بُعَيْدَ فِرَاق ، وذلك إِذا كان الرّجلُ يُمسِك عن إِتيانِ صاحِبه الزَّمَانَ ، ثمّ يُمسك عنه نحْوَ ذلك أَيضاً ، ثمّ يأْتِيه. قال : وهو من ظُروف الزَّمَان التي لا تَتمكّن ولا تُسْتعمل إِلّا ظَرفاً. وأَنشد شَمِرٌ :
وأَشْعَثَ مُنْقَدِّ القَمِيصِ دَعَوْتُه |
|
بُعَيْدَاتِ بَيْنٍ لاهِدَانٍ ولا نِكْسِ |
ومثله في الأَساس. ويقال : إِنّها لتَضْحكُ بُعيداتِ بَيْنٍ ، أَي بينَ المرّةِ ثمَّ المَرَّةِ في الحِين.
وأَمَّا بَعْدُ فقد كان كذا ، أَي إِنَّما يريدون أَمّا بَعْدَ دُعائِي لك ، فإِذا قلْت أَمّا بعدُ فإِنّك لا تُضِيفه إلى شيْءٍ ولكنك تَجعله غايةً نَقيضاً لقبْل.
وفي حديث زيدِ بن أَرقمَ : أَنَّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خَطَبَهم فقال : «أَمّا بَعْدُ» ، تقدير الكلام : أَمّا بعدَ حَمْدِ الله. وأَوَّلُ مَنْ قاله دَاوُودُ عليهالسلام ، كذا في أَوَّليّاتِ ابن عَسَاكِر ، ونقله غيرُ واحِد من الأَئمّة وقالُوا : أَخرَجَه ابن أَبي حاتم والدَّيْلميّ عن أَبي موسى الأَشعريّ مرفوعاً. ويقال : هي فَصْلُ الخِطَاب ، ولذلك قال عزوجل (وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ) (٤) أَوْ كَعْبُ بن لُؤَيٍّ ، زعمه ثَعلب. وفي الوسائل إِلي معرفة الأَوائل : أَوّلُ من قال أَمّا بَعدُ داوودُ عليهالسلام ، لحديث أَبي موسى الأَشعرِيّ مرفوعاً ، وقيل : يَعْقُوبُ عليهالسلام ، لأَثَرٍ في أَفرادِ الدّارَقُطْني ، وقيل ، قُسّ بن ساعدةَ كما للكلبيّ ، وقيل يَعْرُب بن قَحطانَ ، وقيل كَعْب بن لُؤَيّ.
ويقال : هو مُحْسِنٌ للأَباعدِ والأَقارِبِ (٥) ، الأَباعِد : ضِدّ الأَقارب. وقال اللَّيْث : يقال هو أَبْعَدُ وأَبعَدُونَ ، وأَقرَبُ وأَقربُونَ ، وأَبَاعِدُ وأَقارِبُ. وأَنشد [لشيخٍ من الأزد] (٦) :
مِنَ النَّاسِ منْ يَغْشَى الأَباعِدَ نَفْعُه |
|
ويَشْقَى بِه حَتَّى الممَاتِ أَقارِبُهْ |
فإِنْ يَكُ خَيْراً فالبَعيدُ يَنالُه |
|
وإِنْ يَكُ شَرًّا فابنُ عمِّك صاحِبُه |
وقولهم : بَيننا بُعْدَةٌ ـ بالضّمّ ـ من الأَرضِ ومِنَ القَرَابة.
قال الأَعشى :
بأَنْ لا تَبَغَّى الوُدَّ من متباعِدٍ |
|
ولا تَنْأَ من ذي بُعْدَةٍ إِنْ تَقَرَّبَا |
وبَعْدَانُ ، كسَحْبَانَ : مِخلافٌ باليَمَن مشهورٌ ، وقد نُسِبَ إِليه جُملةٌ من الأَعيانِ.
* ومما يستدرك عليه قولهم :
ما أَنتَ منا ببَعيدٍ ، وما أَنتم منا ببَعيد ، يَستوِي فيه الواحد والجمع ، وكذلك ما أَنتَ [منا] (٧) ببَعَدٍ ، وما أَنتم منَّا ببَعَدٍ ، أَي بَعيد. وإِذا أَردْتَ بالقَرِيبِ والبَعِيدِ قَرَابَةَ النَّسَبِ أَنثْتَ لا غير ، لم تَختلف العربُ فيها.
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله وإِن نويت الخ هذه العبارة ليست متصلة بما قبلها في اللسان بل أسقط بينهما جملة ولعله اختصار فراجعه» والعبارة في التهذيب واللسان بعد قوله ما أشبههما : «كقوله :
إِن تأت من تحت أجئه من علو
وقال الآخر : [هو عتي بن مالك العقيلي].
إِذا أنا لم أومن عليك ولم يكن |
|
لقاؤك إِلا من وراءُ وراءُ |
فرفع إِذ جعله غاية ولم يذكر بعده الذي أضيف إِليه.
قال الفراء : وإِن نويت ...» هذا نص عبارة التهذيب.
(٢) عن القاموس ، وبالأصل «بعيديكما».
(٣) في التهذيب : أبو عبيد عن أبي زيد : لقيته ...
(٤) سورة ص الآية ٢٠.
(٥) الأساس : دون الأقارب.
(٦) زيادة عن الامالي ٣ / ٢٢٠.
(٧) زيادة عن اللسان.