والسّلام أَخو سيِّدنا الذّبيح إِسماعيلَ ، وسيِّدنا الغَيورِ إِسحَاقَ عليهماالسلام ، وُلدَ بعدهُمَا وكثُرَ نسلُه ونَمَا عَددُه ، فهو أَبو العَجَم الّذين في وَسَطِ البِلادِ ، وهو فارسيٌّ ، ومعناه السَّعيد طالعُه ، وقد تَسقُط واوُه في الاستعمال. وقال الشاعر :
فإِنْ يأْكُلْ أَبو فَرُّوخَ آكُلْ |
|
ولو كانَتْ خَنَانِيصاً صَغَارَا |
قال ابن منظور : جَعلَه أَعجميًّا فلم يَصْرِفه ، لمكانِ العُجْمَة والتّعريف.
ومن المجاز أَفْرَخَ الأَمْرُ وفَرَّخَ : اسْتَبَانَ آخِرُ أَمْرِه بَعْدَ اشتِبَاهٍ. ومنه أَيضاً أَفرَخَ القَوْمُ بَيْضَتَهم ، وفي بعض الأُمَّهات بَيضَهُم (١) ، إِذا أَبْدَوْا سِرُّهُمْ ، يقال ذلك للّذي أَظهرَ أَمْرَه وأَخرَجَ خَبَرَه ، لأَنّ إِفراخ البَيضِ أَن يَخْرُجَ فَرْخُه ، ومنه أَيضاً نقل الأَزهريّ عن أَبي عُبَيْدٍ من أَمثالهم المنتشرةِ في كَشْفِ الكَرب عند المخاوِف عن الجَبان قولَهم : أَفْرِخْ رُوعَكَ (٢) يا فلان ، أَي سَكِّنْ جَأْشَكَ ، يقول : ليَذْهَبْ ، رُعبُك وفَزَعُك ؛ فإِنَّ الأَمرَ ليس على ما تُحاذِر.
وفي الحديث كتبَ معاوية إِلى ابن زيادٍ «أَفْرِخْ روعَك قد وَلَّيناك الكُوفةَ» وكان يَخاف أَن يُولِّيَها غيرَه ...
وأَفرَخَ فُؤادُ الرَّجُلِ ، إِذَا خَرَجَ ، روعُه وانكشَفَ عنه الفَزَعُ كما تُفرِخُ البَيضةُ إِذا انفَلَقَتْ عن الفَرْخِ فخرَجَ [منها] (٣). وأَصْلُ الأَفراخ الانكشافُ ، قال الأَزهريّ : وقَلَبَه ذُو الرُّمّة لمعرفته بالمعنى فقال :
ولَّىَ يَهُزّ انهزاماً وَسْطَهَا زَعِلاً |
|
جَذْلَانَ قد أَفْرخَتْ عن رَوعِه الكُرَبُ |
قال : والرَّوْعُ في الفُؤادِ كالفَرْخِ في البَيْضَةِ. وأَنشد :
وقُلْ للفُؤادِ إِن نَزَا بِك نَزْوَةً |
|
من الخَوف أَفْرِخْ أَكثَرُ الرَّوْعِ باطلُهْ (٤) |
وقال أَبو عُبَيْدَة (٥) : أَفْرَخَ رَوْعُه إِذا دُعِيَ له أَن يَسكن رَوْعُه ويَذهب.
والفَرْخَةُ ، بفتْح فسكون : السِّنَانُ العرِيضُ.
وفُرَيْخ ، كزُبَيْر : لَقَبُ أَزْهَرَ بنِ مَرْوَانَ المحدِّثِ.
وقولهم فُلانٌ فُرَيْخ قُريشٍ ، إِنّما هو تَصغِيرُ تَعْظِيمٍ على وَجْهِ المدْح ، كقول الحُبَاب بن المُنذر : «أَنا جُذَيلُها المُحَكَّكُ وعُذَيقُها المُرَجَّب». والعرب تقول : فلانٌ فُرَيخُ قَوْمِه ، إِذا كَانُوا يُعظِّمونه ويُكرمونه ، وصُغِّر على وَجْهِ المبالغةِ في كرامته.
* ومما يستدرك عليه :
باض فيهم الشَّيْطَانُ وفَرَّخَ ، أَي اتَّخَذَهُم مَسكَناً ومعْبراً لا يُفَارِقُهم ، كما يُلازِم الطائِرُ مَوضعَ بَيْضِه وأَفْرَاخِه. وقال بعضُهم :
أَرَى فِتْنَةً هَاجَتْ وبَاضَتْ وفَرَّخَتْ |
|
ولو تُرِكَتْ طَارَتْ إِليها فِرَاخُها |
وفي الحديث «أَنَّه نهَى عن بَيع الفَرُّوخ بالمَكِيل من الطَّعَام».
قال ابن الأَثير : الفَرُّوخ من السُّنْبُل : ما اسْتَبَانَ عَاقِبَتُه وانعَقَدَ حَبُّه ، وهو مِثْلُ نَهْيِه عن بَيْعِ المُخَاضَرةِ والمَحَاقَلَةِ.
والفَرِخ ، ككَتِفٍ : المُدَغْدَغُ (٦) من الرِّجَال.
والفُرَيخ ، مُصغَّراً ، قَينٌ كان في الجاهليّة تُنسَب إِليه النِّصَالُ الفُرَيخِيَّةُ ، ومنه قولُ الشاعر :
ومَقْذُوذَينِ مِن بَرْيِ الفُرَيْخِ
ومن المجاز : فُلانٌ فَرْخٌ من الفُرُوخ ، أَي وَلَدُ زِنًى. وقال الخَفاجيُّ في شفاءِ الغَليل : هو إِطلاقُ أَهلِ المدينة خاصَّةً.
وقال شيخنا : بل هو إِطلاقٌ شائعٌ مُوَلّد في الحجاز.
وفي الأَساس : فُلانٌ فُرَيْخُ قَوْمِه ، للمُكرَّم فيهم (٧) ، شَبِيهٌ بفُرَيخٍ في بَيتِ قَومٍ يُرَبُّونه ويُرَفْرِفون عليه. وللمعاني
__________________
ـ فلعله تغيير التعريب ومعناه السعيد طالعه وهو علم غير منصرف للعلمية والعجمة وقول البرهان إِنه ضبط في بعض نسخ البرهان بالتنوين خطأ ذكره الشهاب.
(١) وهي عبارة اللسان.
(٢) ضبطت في التهذيب ـ ضبط قلم ـ بفتح وضم الراء.
(٣) زيادة عن التهذيب.
(٤) ورد في البيان والتبيين ٢ / ١٥٢ ونسب إِلى حارثة بن بدر الغداني اليربوعي. وفي التهذيب : فقل.
(٥) الأصل والتهذيب ، وفي اللسان : أبو عبيد.
(٦) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله المدغدغ ، هو على صيغة المفعول «المغموز في حسبه ، كما في القاموس».
(٧) الأساس : منهم.