وقيل : الطِّلْح : العَظيمُ من القِرْدَانِ. وفي قصيدة كعب بن زهير :
وجِلْدُهَا مِنْ أَطُومٍ لا يُؤَيِّسُهُ |
|
طِلْحٌ بِضَاحِيةِ المَتْنَيْنِ مَهْزولُ |
أَي لا يُؤثّر القُرَادُ في جِلْدِهَا لمَلاسَتِه وقول الحُطيئة :
إِذا نَامَ طِلْحٌ أَشْعَثُ الرَّأْسِ خَلْفَها (١) |
|
هَدَاهُ لها أَنْفاسُها وزَفِيرُها |
قيل : الطِّلْح هنا : القُرَادُ. وقيل : الرّاعِي المُعْيِي.
يقول : إِنّ هذه الإِبلَ تَتنَفَّس من البِطْنَة تَنفَّساً شَديداً ، فيقول : إِذا نامَ راعيها عنها ونَدَّتْ تَنفَّستْ فوقَعَ عليها وإِن بَعُدت (٢). وعبارة الجوهريّ : والطِّلْح ، بالكسر : المُعْيِي من الإِبل وغيرِهَا ، يَستوِي فيه الذَّكر والأُنثَى والجمْع أَطْلاحٌ.
قال الحُطيئةُ ، وذكرَ إِبلاً وراعيَهَا :
إِذا نام طِلْحٌ ...
إِلخ ومن المجاز : هو طِلْحُ مالٍ ، بالكسر ، أَي إِزاؤُه ، وهو اللّازِم له ولرِعايَته كما يَلْزَم الطِّلْحُ ، وهو القُرَادُ ، كذا في الأَساس.
ومن ذلك أَيضاً : هو طِلْحُ نِساءٍ ، إِذا كان يَتْبَعُهُنّ كثيراً.
والطَّلَحَ ، بالفتح ، كذا في الصّحاح (٣) ، والصوابُ بالتَّحريك كما للمصنّف : النِّعْمَة عن أَبي عَمرٍو ، وأَنشد للأَعشى :
كمْ (٤) رَأَينا مِن مُلوكٍ هَلَكُوا |
|
ورَأَيْنَا المَلْكَ عَمْراً بِطَلَحْ |
قاعِداً يُجْبَى إِليه خَرْجُه |
|
كُلُّ ما بَيْنَ عُمان فالمَلَحْ |
قال ابن بَرّيّ : يريد بعَمرٍو هذا عَمْرَو بن هِنْد. ويقال : طَلَحٌ : ع ، وهو المراد هنا ، حكاهُ الأَزهريّ عن ابن السِّكِّيت. وقال غيره : أَتى الأَعشى عَمْراً ، وكان مَسكنُه بموضع يقال له ذو طَلَحْ ، وكان عَمْرٌو مَلكاً ناعماً ، فاجتزأَ الشّاعر بذِكر طَلَح دَليلاً على النّعْمَة ، وعلى طَرْح «ذي» منه.
ومن المجاز : طَلَحَ فلانٌ : فَسَدَ. وهو طالِحٌ بَيِّنُ الطَّلَاح : ضِدّ الصَّلاحِ. وقال بعضهم : رجلٌ طالِحٌ : أَي فاسدٌ لا خَيْرَ فيه.
والطُّلَيْحَتانُ طُلَيْحَةُ بنُ خُوَيْلِد بنِ نَوْفَلِ بنِ نَضْلةَ الأَسَديّ الفَقْعَسيّ كان يُعَدّ بأَلفِ فارسٍ ثم تَنَبَّأَ ثم أَسَلَم وحَسُنَ إِسلامُه ، وأَخُوه ، على التَّغْليب.
وروَى الأَزهريّ بسندِه عن موسى بنِ طَلْحةَ أَنه سَمَّى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أَباه طَلْحةَ بن عُبَيُدِ الله بن مُسافِعِ بنِ عِياض بن صَخّرِ بنِ عَامِرِ بن كَعْب بن سَعْدِ بن تَيْم التَّيْميّ يومَ أُحُدٍ طَلْحَةَ الخَيْرِ. جزمَ به كثيرٌ من أَهلِ السِّيَرَ ، وقيل : إِن هذا في غَزْوة بدْر ، كما نقلَه السُّهَيْليّ في الرّوض ؛ ويومَ غَزْوَةِ ذَات العُشَيْرة ، مُصغَّراً : طَلْحَةَ الفَيّاض ؛ ويومَ حُنَيْن : طَلْحَةَ الجُودِ. قال شيخنا : ظاهرُ المصنفّ أَنّ هذه الأَلقابَ ، كلَّها لطَلْحَةَ رضياللهعنه ، وأَن مُسَمَّاهَا واحدٌ. وفي التواريخ أَنها أَلقابٌ لطَلَحَاتٍ آخرينَ ، كما سيأْتي.
وطَلْحةُ بن عُبَيدِ الله بن عثمانَ بن عمْرِو بنِ كعْبِ بن سعْدِ ابن تَيْمٍ (٥) : صحابيٌّ تَيْميٌّ ، كُنْيته أَبو محمّدٍ ، من العَشَرةِ.
قال شيخُنا ظاهرُه أَنه غيرُ الأَوّل ، وصَوَّبوا أَنه هو لا غيره. انتهَى.
قلت : والصّواب أَنه غيرُ الأَوّل ، كما عَرفت من أَنسابِهم. وحكَى الأَزهَرِيّ عن ابن الأَعرابيّ قال : كان يُقَال لطَلْحةَ بن عُبَيد الله : طَلْحَةُ الخيْر ، وكان من أَجْواد العرب ، وممن قاله له النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يومَ أُحُد «إِنه قد أَوْجَبَ».
وطَلْحَةُ بن عُبيد الله بن خَلَفٍ الخُزَاعيّ ، كُنْيته أَبُو
__________________
(١) في الديوان ٣٦٨ : وسطها.
(٢) يعني أنه عندما تزفر من البطنة يسمع الراعي أصوات أجوافها فيجيء إِليها.
(٣) ومثله في اللسان أيضاً ، وأشار بهامشه إِلى عبارة القاموس.
(٤) وقبله :
إِنما نحن كشيء فاسد |
|
فإِذا أصلحه الله صلح |
(٥) انظر جمهرة الانساب لابن حزم ص ١٣٨.