(وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ) (١) فُسِّر بأَنه الطَّلْع ، وفُسِّر بأَنه المَوْز.
قال : وهذا غير معروف في اللّغة. وفي التّهْذِيب : قال أَبو إِسحاقَ في قوله تعالى : (وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ) : جاءَ في التفسير أَنه شجَرُ المَوزِ ، وجازَ أَن يكونَ عُنِيَ به شَجَرُ أُمِّ غَيْلَانَ ، لأَنّ له نَوْراً طيِّب الرائِحَةِ جدًّا ، فخُوطِبوا به ، ووُعِدُوا بما يُحبُّون مثلَه إِلّا أَن فَضْلَه على ما في الدُّنْيا كفَضْلِ سائرِ ما في الجَنَّة على سائرِ ما في الدُّنْيا. وقال مُجاهِدٌ : أَعْجَبُهم طَلْحُ وَجٍّ وحُسْنُه فقيل لهم : (وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ).
والطَّلْح (٢) : الخالِي الجَوْفِ من الطَّعام ، والّذِي في المحكم : الطَّلْحُ والطَّلَاحَةُ : الإِعْيَاءُ والسُّقُوط من السَّفَر.
وقد طُلِح كفَرِح وعُنِيَ.
والطَّلْحُ : ما بقِيَ في الحَوض من الماءِ الكَدِرِ.
والطَّلْحيَّة ، للورقَة من القِرْطَاسِ ، مُوَلَّدةٌ.
وعن ابن السِّكّيت : طَلَحَ البَعيرُ كمَنَعَ يَطْلح طَلْحاً وطَلَاحَةً ، بالفتح ، إِذا أَعْيا وكَلَّ ، ومِثْلُه في المحكم. وفي التّهْذِيب عن أَبي زيد قال : إِذا أَضَرَّه (٣) الكَلَالُ والإِعياءُ قيلَ : طَلَحَ يَطْلَح طَلْحاً.
وطَلَحَ زَيدٌ بَعيرَه : أَتْعَبه وأَجْهَدَه ، كأَطْلَحَه وطَلَّحَه تَطْليحاً فيهما. وفي التّهْذِيب عن شَمِر يقال : سارَ على النَّاقَةِ حَتّى طَلَحَها وطَلَّحَها.
وهو ، أَي البعيرُ ، طَلْحٌ ، بالفتح ، وطِلْح ، بالكسر ، وطَلِيحٌ ، كأَميرٍ ، وطَلِح كَكتِف ـ الأَخيرة في اللّسَان ـ وناقةٌ طِلْحَة ، بالكسر ، وطَلِيحةٌ ـ قال شيخنا : المعروف تَجرُّدُهما من الهاءِ لأَنهما بمعنَى المفعولِ كطِحْن وقَتِيل ـ وطِلْحٌ ، بالكسر وطَالحٌ ، الأَخيرة عن ابن الأَعرابيّ. وحُكيَ عنه أَيضاً : إِنه لَطَليحُ سَفَرٍ ، وطِلْحُ سَفَرِ ، ورَجيعُ سَفَر ، ورَذِيَّةُ سفَرٍ ، بمعنًى واحدٍ. وقال اللّيث : بَعيرٌ طَلِيحٌ وناقةٌ طَلِيحٌ.
وفي التَّهذيب (٤) : يقال : ناقةٌ طَليحُ أَسْفارٍ : إِذا جَهَدَها السَّيْرُ وهَزَلَها. وإِبل طُلَّحٌ ، كرُكَّعٍ ، وطَلائِحُ وطَلْحَى ، الأَخيرة على غير قياس لأَنّهَا بمعنَى فاعلَة ولكنها شُبِّهَت بمَرِيضَة ، وقد يُقْتاس ذلك للرّجل. وجمع الطِّلْح أَطْلاحٌ [وطِلَاح] (٥).
ومن كلام العرب : راكبُ النَّاقَةِ طَليحانِ ، أَي هو والنَّاقَةُ ، حُذِف المعطوفُ لأَمْرينِ : أَحدهما تَقدُّم ذِكْرِ النّاقَة ، والشّيءُ إِذا تَقدَّمَ دَلّ على ما هو مثلُه. ومثلُه مِنْ حَذْفِ المعطوف قوله عزوجل : (فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ) (٦) أَي فضَرَب فانْفَجَرَتْ. فَحَذَف «فَضرب» وهو معطوف على قوله : (فَقُلْنَا). وكذلك قولُ التَّغْلَبيّ :
إِذَا مَا المَاءُ خالَطَهَا سَخينَا (٧)
أَي فشَرِبْناها سَخينَا. فإِن قلت : فهَلّا كان التقديرُ على حَذْف المعطوفِ عليه ، أَي الناقةُ وراكبُ الناقة طَليحان؟
قيل : لبُعْدِ ذلك من وَجْهينِ : أَحدهما أَنّ الحذفَ اتِّساعٌ ، والاتِّساع بابُهُ آخرُ الكلام وأَوْسطُه ، لا صَدْرُه وأَوّله ، أَلَا تَرَى أَنّ مَن اتَّسَع بزيادة كان حَشْواً أَو آخراً لا يُجِيزُها (٨) أَوّلاً ؛ والآخَرُ أَنه لو كانَ تقديرُه : «النَّاقَة ورَاكب النّاقةِ طليحانِ» لكان قد حذفَ حرْف العَطف ، وبَقِيَ (٩) المعطوف به ، وهذا شاذٌّ ، إِنما حَكَى منه أَبو عثمانَ : أَكلْتُ خُبزاً سَمكاً تَمْراً ؛ والآخَر (١٠) أَن يكون الكلامُ محمولاً على حَذْف المُضَاف ، أَي راكبُ النَّاقةِ أَحدُ طَلِيحَيْن ، فحذَف المُضَافَ ، وأَقام المضافَ إِليه مُقَامَه ؛ كذا في اللِّسَان. وأَمّا شيخُنا فإِنه قال : هذه من مسائلِ النَّحْوِ لا دَخْلَ لها في اللُّغَة. وسكَتَ على ذلك.
ومن المجاز قولهم : يَلْزمِ لُزُومَ الطِّلْح ، بالكسر ، هو القُرَادُ ، كالطَّلِيحِ ، كأَمِير. وعبارةُ الصّحاح : ورُبما قيل للقُرَاد : طِلْحٌ وطَليحٌ. وقيل : هو المَهْزول ، كذا في مُختَصَر العَيْن للزُّبيديّ. قال الطِّرِمّاح :
وقَدْ لَوَى أَنْفَه بمشْفَرِهَا |
|
طلْحُ قَرَاشِيمَ شاحبٌ جَسَدُهْ |
__________________
(١) سورة الواقعة الآية ٢٩.
(٢) في التكملة : الطَّلْح بكسر الطاء ضبط قلم. وبهامشها : «وقيدها صاحب القاموس بالعبارة بالكسر» كذا ، وما أثبت هنا بالفتح معطوفاً على الذي قبله.
(٣) في التهذيب واللسان : إِذا أضمره.
(٤) كذا ، ولم ترد العبارة في التهذيب ، وهي في الصحاح واللسان.
(٥) زيادة عن اللسان ، وفي الاساس : وإِبل طِلاح.
(٦) سورة البقرة الآية ٦٠.
(٧) البيت لعمرو بن كلثوم ، وصدره في معلقته :
مشعشعة كأن الحص فيها
(٨) أي لا يجيز الزيادة.
(٩) اللسان : وبقاء المعطوف به.
(١٠) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : والآخر ؛ معطوفاً على قوله : أحدهما تقدم الخ».